أعلنت الولايات المتحدة أنها ترصد تحركات منطاد تجسس صيني يحلق على ارتفاع شاهق فوق الأراضي الأميركية ومواقع عسكرية حساسة، وفيما قال مسؤولون إن طائرات مقاتلة في حالة تأهب للتحرك، نصح قادة الجيش الرئيس الأميركي جو بايدن بعدم إسقاط البالون خوفاً من أن يشكل الحطام تهديداً لسلامة المواطنين.
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية أن المنطاد الذي تشتبه الولايات المتحدة في أنه كان يتجسس بأجوائها، «مدني» ويستخدم للأبحاث، لاسيما أغراض الأرصاد الجوية وليس للتجسس، وذلك بعد أن قالت في وقت سابق إنها «تتحقق» من التقارير الأميركية حول تحليق المنطاد فوق الولايات المتحدة، وحثت على الهدوء محذرة من أي «مغالاة» بهذا الخصوص.
وتفصيلاً، قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة تتعقب ما يشتبه في أنه منطاد مراقبة صيني تم رصده فوق المجال الجوي الأميركي لبضعة أيام، لكن وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» قررت عدم إسقاطه بسبب مخاوف من إيذاء الناس على الأرض. وقال مسؤول دفاعي كبير لمراسلي البنتاغون، إن الولايات المتحدة لديها «ثقة عالية جداً» في أنه منطاد صيني عالي الارتفاع، وأنه كان يحلق فوق مواقع حساسة لجمع معلومات. وكانت مونتانا من الأماكن التي تم رصد المنطاد فيها، وتوجد بها قاعدة مالمستروم الجوية التي تضم 150 مستودعاً للصواريخ الباليستية العابرة للقارات. وتحدث المسؤول بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشته معلومات حساسة.
وقدم البريغادير الجنرال باتريك رايدر، السكرتير الصحافي للبنتاغون، بياناً موجزاً حول القضية، قائلاً إن الحكومة تواصل تعقب المنطاد. وأشار إلى أنه «يحلق حالياً على ارتفاع أعلى بكثير من الحركة الجوية التجارية، ولا يشكل تهديداً عسكرياً أو مادياً للأشخاص على الأرض».
وقال إن نشاطاً مماثلاً للبالونات شوهد في السنوات العديدة الماضية. وأضاف أن الولايات المتحدة اتخذت خطوات للتأكد من أنه لا يجمع معلومات حساسة.
وقال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية، والذي اشترط عدم الإفصاح عن هويته، إن الرئيس جو بايدن تم إطلاعه على الأمر وطلب من الجيش تقديم خيارات. وأوصى كل من وزير الدفاع لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي بعدم اتخاذ «إجراء حركي» بسبب المخاطر على سلامة الناس على الأرض. وقبل بايدن بهذه التوصية.
وقال المسؤول الدفاعي إن الولايات المتحدة «تواصلت» مع المسؤولين الصينيين عبر قنوات متعددة وأبلغتهم بخطورة الأمر.
من جهته، قال أحد المسؤولين لـ«رويترز» بعد أن طلب عدم ذكر اسمه، إن الولايات المتحدة تراقب المنطاد الذي دخل المجال الجوي الأميركي قبل يومين بطائرات عسكرية.
وصرح مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) وليام بيرنز، بهذه الأنباء لأول مرة الخميس في كلمة كان يلقيها بفعالية في جامعة جورج تاون بواشنطن، حيث وصف الصين بأنها «أكبر تحدٍّ جيوسياسي» يواجه الولايات المتحدة.
وقال السناتور الأميركي ماركو روبيو، كبير الجمهوريين في لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ، إن منطاد التجسس مقلق لكنه ليس مفاجئاً.
وأضاف روبيو على «تويتر»: «مستوى التجسس الموجه من بكين لبلدنا نما نمواً كبيراً وبشكل أكثر حدة على مدى السنوات الخمس الماضية».
وفي بكين ورد في بيان وزارة الخارجية الصينية أن للمنطاد قدرة توجيه محدودة، وأنه «انحرف عن مساره المخطط له» بسبب الرياح.
كما جاء في البيان أن الصين تأسف لدخول المنطاد بشكل غير مقصود إلى المجال الجوي الأميركي.
وكانت الصين قد ذكرت في وقت سابق أمس، أنها تبحث في تقارير تفيد بأن منطاد تجسس صينياً كان يحلق في المجال الجوي الأميركي، وحثت على الهدوء.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ في إفادة يومية: «إن الصين دولة مسؤولة، وقد التزمت دائماً بصرامة بالقوانين الدولية، وليس لدى الصين أي نية لانتهاك أراضي ومجال أي دولة ذات سيادة. أما بالنسبة للمنطاد – كما ذكرت للتو – فإننا نبحث في الوضع ونتحقق منه، ونأمل أن يتمكن الطرفان من التعامل مع هذا الأمر معاً بهدوء وحذر».
كما ذكرت أن السياسيين والجمهور يجب أن يمتنعوا عن الحكم «قبل أن يكون لدينا فهم واضح للحقائق».
وقالت ماوما: «أريد أن أؤكد أنه قبل أن يكون لدينا فهم واضح للحقائق، فإن التكهنات وإثارة المشاعر لن تكون مفيدة في التعامل الصحيح مع هذه القضية»، محذرة من أي «مغالاة» بهذا الخصوص.
وتابعت: «نأمل أن يتعامل الجانبان مع الوضع بهدوء وحذر متبادلين».
ويأتي الحديث عن منطاد التجسس قبل أيام من زيارة نادرة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الصين، حيث ستكون إدارة التوترات المتنامية بين القوتين على رأس جدول الأعمال.
الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية:
• «ليست لدينا أي نية لانتهاك الأراضي أو المجال الجوي لأيّ دولة ذات سيادة».
• «نأمل أن يتعامل الجانبان مع الوضع بهدوء وحذر متبادلين».