طالعت مقال «وإن عدتم عدنا» للدكتور يعقوب يوسف الغنيم ـ يحفظه الله ويرعاه ـ المنشور في «الأنباء» عدد يوم الأربعاء 6/12/2023 م، وبعد إفادتي واستمتاعي بالمقال فكرا وأسلوبا وعرضا توثيقيا أقول بكل صدق وتجرد:
إنه ـ بحق ـ مقال جامع مانع ماتع أستطيع أن أسميه «مقالا يعقوبيا»، لما للدكتور يعقوب المكرم «أبي أوس» من سمات تتسم بها كتاباته ولاسيما الصحافية منها، وهذا ما رأيته في هذا المقال:
1 ـ أنه يناسب المقام ويواكب الأحداث الجارية في غزة وفلسطين، حيث تجري الآن هجمة بربرية وحشية من جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ما يزيد على شهرين في حرب لا تصنف إلا أنها حرب إبادة، إنهم يقصدون عمدا قصف المدنيين العزل من نساء وأطفال وشيوخ وقصف البيوت والمنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد وتدميرها على من فيها، والعجيب المدهش المخزي أن العالم الغربي يدعم المحتل المعتدي بكل أنواع الدعم، فيما يقف ما تبقى من المجتمع الدولي موقف المتفرج المكتفي ببيانات الإدانة والشجب.
2 ـ تصديره ببيان موقف الكويت الواقعي المشهود حكومة وشعبا في مناصرة الشعب الفلسطيني، وليس أدل على ذلك من استمرار الجسر الجوي الممتد بكل أنواع المساعدات الإنسانية لغزة، والكويت بلا فخر ولا منّ تتصدر دول العالم في حجم المساعدات قدرا ونوعا واستمرارا وديمومة.
3 ـ أنه مدعم بالتوثيق التاريخي لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته منذ أمد بعيد يمثل ذلك (رسائل الاحتجاج الشعبية) من قبل زمن النكبة ومنذ عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح (طيب الله ثراه)..
4 ـ انطلاقه من القرآن الكريم وتفسيره، وصحيح السنة وأحداث تاريخنا الإسلامي، فقد فسر تفسيرا وافيا الآيات الأولى من سورة الإسراء، ووعيد الله لليهود (وإن عدتم عدنا) هذا الوعيد الممتد أثره ومفعوله إلى هذا الزمن الحاضر والمستقبل، وتتبع وقائع الفتح الإسلامي على عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه).
5 ـ أن هذا المقال تأريخي توثيقي تراثي ود. يعقوب ـ يحفظه الله ويرعاه ـ مؤرخ ثبت ثقة في كل ما يورد من مواقف وأحداث وآراء مختارة من أوثق المراجع والمصادر، من ذلك كتاب «ضد إسرائيل» تأليف بيار ديمرون ـ (مقالات أ. إبراهيم الشطي)، وثيقة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ (العهدة العمرية) التي شهد عليها الصحابة معه، وتضمنت دستورا إنسانيا للحرب والسلام.
6 ـ تعريته صفات اليهود «شذاذ آفاق» وادعاءاتهم عبر الأجيال المتعاقبة منهم وحركتهم الصهيونية المعادية للإنسانية، وتفنيده أكذوبة أن اليهود سكنوا هذه الأرض قبل الرومان.
7 ـ كشفه أسرار دعم الغرب لليهود ودوافعهم للخلاص من أذاهم بعد أن شاهدوا منهم ما يكرهون، ولذا فقد تعمدوا إبعادهم، وأنتجت قريحتهم وذهبوا في تفكيرهم إلى مسألة احتلالهم لفلسطين خلاصا منهم.
8 ـ بيانه الجلي حول تمترس يهود اليوم بقانون معاداة السامية الذي يلاحقون به كل من يكشف مخططاتهم ويبطل ادعاءاتهم، مع أنهم ليسوا الساميين وحدهم.
9 ـ تجليته بكل وضوح بالأدلة التاريخية الموثقة كذب اليهود وادعاءهم أن فلسطين أرض الميعاد، بل هي أرض عربية إسلامية سمى مدنها العرب والمسلمون الفاتحون، ومنها غزة هاشم، وظلت كذلك حتى عهد الدولة العثمانية.
10 ـ تعاطفه الشخصي الواضح (يحفظه الله ويرعاه) مع إخوانه وأبنائه من جموع الشعب الفلسطيني ومناصرة قضيتهم قولا وفعلا التي يرى أنها قضية العرب والمسلمين، وهذا المقال دليل على ذلك.
11 ـ وجاء ختامه الطيب الذي يتضمن هدف المقال بقوله: «وأخيرا فإنه من المأمول أننا قد جلونا بعض الجوانب المهمة حول الوضع الذي يحيط بقضية فلسطين، وهي قضية تشغل بال جميع المسلمين يلتقي حولها القاصي والداني منهم، وكلهم مستعد لبذل الغالي والنفيس في سبيل تخليصها مما هي فيه من بلاء سببه الصهاينة والدول التي لاتزال تسير على وتيرة الاستعمار، فتقوم بدعم هؤلاء البغاة سياسيا وماديا، بل وعسكريا».
12 ـ هذا، وقد ازدان المقال بلغته الجميلة المطواعة وأسلوبه الأخاذ، فازداد وضوحا وبيانا راعى مقتضى الحال الذي تحتاج إليه الكتابة الصحافية.
> > >
بارك الله في جهود د. يعقوب يوسف الغنيم، ولا جف مداد قلمه، وسلم إحساسه الذي صدق، وعقله الذي فكر، وقلمه الذي سطر، ومتعه بالصحة والعافية، ليبقى عطاؤه لأمته ولدينه ولوطنه ثرا مستمرا.