قبل أن تستحوذ الحرب بين إسرائيل وحماس على كل اهتمام المجتمع الدولي تقريباً، كانت الحرب الروسية على أوكرانيا هي الأزمة الأكثر إلحاحاً التي يسعى الدبلوماسيون إلى حلها. في بروكسل، كان من المفترض أن يكون هذا الأسبوع بمثابة فرصة كبيرة لأوكرانيا في سعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي، حيث تجتمع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في قمة المجلس الأخيرة لهذا العام، لإعطاء الضوء الأخضر لمزيد من التمويل لكييف، وأخيراً، فتح المفاوضات من الكتلة بشأن عضوية أوكرانيا.
ولكن كل ذلك أصبح موضع تساؤل من جانب دولة عضو واحدة هي المجر. كان رئيس الوزراء المجري الشعبوي فيكتور أوربان الزعيم المشاكس رقم واحد في أوروبا الغربية لبعض الوقت. وحتى قبل الحرب في أوكرانيا، كانت المجر تتمتع بالقدرة على أخذ قرارات بقية دول الاتحاد الأوروبي رهينة لديها، حيث تتطلب معظم القرارات الكبيرة التي تتخذها بروكسل موافقة بالإجماع من جميع الدول الأعضاء الـ27. وهذا يعني أن كل دولة عضو لديها حق النقض الذي تستطيع استخدامه لمنع أي إجراء سياسي للاتحاد الأوروبي، مثل إرسال المليارات من الأموال إلى دولة تمزقها الحرب أو السماح لدولة ما بالانضمام إلى النادي الأوروبي.
من الناحية النظرية، لا ينبغي استخدام حق النقض هذا إلا إذا كان لدى إحدى الدول الأعضاء اعتراض فعلي على السياسة الرئيسة للاتحاد الأوروبي، ولكنه أصبح يستخدمها الزعماء السياسيون على نحو متزايد كأداة لتحقيق أمور في مجالات أخرى. وفي حالة أوربان، يكون الهدف عادةً تأمين الإفراج عن أموال من الاتحاد الأوروبي تحجبها بروكسل عن المجر، بسبب تصرفاتها الطائشة المختلفة – مثل تقويض سيادة القانون أو اللعب بالحقوق الأساسية لمواطني الاتحاد الأوروبي.
ويبدو أن هذا ما حدث هذا الأسبوع، حيث أمضى دبلوماسيون ومسؤولون من الاتحاد الأوروبي الجزء الأول من الأسبوع في التفاوض على الإفراج عن مليارات اليورو التي تم تجميدها بسبب الفساد والمخاوف المتعلقة بسيادة القانون في المجر. ومن المحتمل أن يتم حل هذه القضية إلى حد ما، وأن يتمكن الاتحاد الأوروبي من إنهاء الأسبوع بمؤتمر صحافي للاحتفال بدعمه المستمر لأوكرانيا وطريقها للانضمام إلى الكتلة.
ولكن بالنسبة لبعض المسؤولين الأوكرانيين والغربيين الذين يعملون بشكل وثيق مع كييف، فإن هذه الحادثة ليست سوى أحدث دليل على أن الشيء الذي كانوا يخشونه أكثر من أي وقت مضى قد حدث أخيراً، وهو التراخي عن دعم أوكرانيا.
ويقول أحد كبار مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لشبكة سي إن إن، بما أن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي يرتبط ارتباطاً مباشراً بعضوية دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فإن أي تردد من جانب حلفائها الأوروبيين يعد «إشارات سيئة ستشجع روسيا على المضي قدماً».
وقال مسؤول كبير في «الناتو» يعمل بشكل مباشر مع أوكرانيا، إن هذا جزء من اتجاه طويل المدى نحو أسوأ النتائج: تراخي الغرب من دعمه أوكرانيا.
وأدل على ذلك، المناقشات والخلافات التي تجري في واشنطن الآن بشأن تمويل أوكرانيا. وعلينا أن نتخيل كيف ستتطور تلك المناقشات في عام الانتخابات الرئاسية الذي أصبح قريباً جداً. وفي عالم المكاسب السياسية التي محصلتها صِفر، فإن ما هو سيئ بالنسبة لأوكرانيا مفيد لروسيا، والمسؤولون الروس يدركون ذلك تماماً.
وبحلول نهاية الأسبوع، لاشك في أن الاتحاد الأوروبي سيكون لديه شيء إيجابي ليقوله لإرضاء أوكرانيا. سيقدم وعوداً بإرسال الأموال، وستستمر المحادثات حول الانضمام. وبالطبع، فإن الاتحاد الأوروبي سيرد على الادعاءات المتعلقة بتراخيه عن دعم أوكرانيا، من خلال حجم الأموال والمساعدات التي أرسلها من قبل إلى كييف.
ولكن من الصعب أن نهرب من الشعور بأن حلفاء أوكرانيا الغربيين ــ حتى في أوروبا ــ بدأوا يفقدون اهتمامهم بما كان ذات يوم على رأس أولوياتهم. وإذا كان الأوروبيون قد فقدوا اهتمامهم بشن حرب برية في قارتهم، فهل يهتم بقية العالم بذلك؟
عن «سي إن إن»
من الصعب أن نهرب من الشعور بأن حلفاء أوكرانيا الغربيين ــ حتى في أوروبا ــ بدأوا يفقدون اهتمامهم بما كان ذات يوم على رأس أولوياتهم.
رئيس الوزراء المجري الشعبوي فيكتور أوربان الزعيم المشاكس رقم واحد في أوروبا الغربية لبعض الوقت. وحتى قبل الحرب في أوكرانيا، كانت المجر تتمتع بالقدرة على أخذ قرارات بقية دول الاتحاد الأوروبي رهينة لديها، حيث تتطلب معظم القرارات الكبيرة التي تتخذها بروكسل موافقة بالإجماع من جميع الدول الأعضاء الـ27.