تباشر الجهات المعنية في الكويت تجنيد كوادرها لاحتواء مخاطر ومضار المخدرات والتنسيق مع المنظمات الدولية المتخصصة لمكافحة تلك الآفة المدمرة وقطع جذور مصادرها بهدف كف الأذى عن المجتمع بكل فئاته.
وأعطت الكويت الأولوية لعلاج مدمني المخدرات من خلال وضع برامج طبية وتأهيلية تعنى بهذا الشأن، ففي بداية الأمر وفرت قسما داخل مركز الكويت للصحة النفسية لعلاج وإيواء الحالات ومع تقدم العلم وتطور العملية العلاجية المتعلقة بالإدمان تأسس مركز علاج الإدمان الكويتي عام 2004 ليكون مركزا متخصصا يضم كوادر طبية عالية الكفاءة ويوفر خدمات أخرى متطورة.
كما يوفر المركز إلى جانب الخدمة العلاجية خطة تساعد المتعافين بعد تجاوز المراحل الأولى من العلاج إلى التأهيل النفسي والاجتماعي الذي يؤثر بشكل كبير على استمرار العملية العلاجية وضمان عدم رجوع الحالة إلى التعاطي.
ويمارس المركز الذي يشكل جسر عبور إلى بر الحياة الآمنة دور الصديق المرافق للحالات طيلة مراحل العلاج منذ خضوع الحالة للعلاجات الأولية مرورا بـ «الأعراض الانسحابية» وهي الأعراض التي تظهر على الحالة بعد خروج المادة السامة من الجسد بعدما تتوقف عن تعاطيها وتتفاوت بين حالة وأخرى.
وقد لا يعلم الكثير أنه بعد مرور الحالة بهاتين المرحلتين لا يشفى بشكل كامل حيث يصف المتخصصون ذلك بأنه يكون في حالة «التشافي» المتضمنة مجموعة من الانتكاسات الصحية المتواصلة حتى يمر بمرحلة «التعافي المستمر» التي قد تصل إلى 20 سنة فأكثر عند بعض الحالات.
في هذا السياق، قال رئيس مركز علاج الإدمان د.عادل الزايد لـ «كونا» ان تعاون المركز مع الجهات الأخرى يشكل عاملا مهما في استمرار تعافي الحالات إلى جانب ما يقدمه المركز من برامج طبية وتأهيلية تعنى بتجاوز الحالة منطقة الخطر.
وأضاف الزايد ان هناك عدة جهات تسعى الى استمرار تعافي الحالات منها وزارة الأوقاف وجمعية بشائر الخير وذلك لتغطية الجانبين الروحي والإنساني للحالات.
وأوضح ان من ضمن برامج المركز الفعالة في علاج حالات الادمان برنامج «زمالة المدمن المجهول)» الذي يضم مجموعة من المتعافين يتم ربطهم بالحالات المتعافية حديثا لمدهم بالدعم المعنوي والمؤازرة لتفادي أي انتكاسة مقبلة ولتصبح مرحلة عبور الأشخاص المتضررين من المخدرات إلى منطقة الأمان.
وقال ان المراحل العلاجية للحالات المتعاطية لا تقف عند عتبة العلاج والدواء، اذ انهم بحاجة للمراقبة والمتابعة المستمرة من خلال جهتي وحدة العلاج النفسي والاجتماعي بالمركز والتعاون مع جهات أخرى مساندة تعنى بهذا الشأن، مشيرا إلى انه رغم مرور الحالات بمرحلة «التعافي المستمر» فإنه تظل هناك حالات معرضة للانتكاسة بنسبة تصل إلى 5%.
وأشار إلى أن برنامج «منزل منتصف الطريق» الممتد من ستة أشهر إلى سنة المقام بالتعاون مع وزارة الأوقاف يضم بيئة آمنة شبه مغلقة أدخلت إلى البلاد منذ 2010 وأجري عليها تعديلات لتلائم طبيعة المجتمع الكويتي، وهو يرمز إلى أن الحالة بحاجة لان تعيش في منطقة وسطى بين المركز والحياة الاعتيادية.
ولفت إلى أن برنامج «الرعاية المستمرة» يسمح للحالة بحرية الانتقال للمراجعات اليومية خلال الفترة الصباحية بالمركز بهدف أخذ العينات ومتابعة التحاليل الطبية والأدوية والعلاجات كما ان هناك عيادات خارجية تكون بمواعيد منتظمة.
وعن الاحصائيات، بين الزايد ان هناك جهات مختصة بالدراسات والاحصائيات وتكون مخولة بالتعامل مع الأرقام بعد ان تتصل مع عدة جهات متعلقة بذات الشأن منها إدارة الجمارك ووزارتا الصحة والداخلية وغيرها.
وأضاف ان اقبال المراجعين على المركز يدخل ضمن إدراك المجتمع ووعيه بوجود مركز يعنى بمعالجة متضرري المخدرات ودعمهم اجتماعيا ونفسيا بهدف استمراره ضمن مرحلة التعافي.
من جهته، قال رئيس الوحدة النفسية بالمركز يعقوب الشطي، في تصريح مماثل لـ«كونا»، إن عمل الوحدة يتمثل بتقديم برامج من خلال العلاج اللفظي بحيث تساعد متضرري آفة المخدرات على العبور نحو مرحلة التعافي مع التغيير السلوكي وإعادة الثقة وتقدير الذات.
وأوضح الشطي أن مضطربي استخدام المواد النفسية (كما يطلق عليهم علميا) هم بأمس الحاجة للدعم النفسي بعدما لمسوا مخاطر المخدرات وانعكاسها على حياتهم وعلاقاتهم مع الآخرين مؤكدا أن الحالات بمجرد ممارستها لدور التعافي ستعود حتما إليه رغم الانتكاسات الواردة وذلك بسبب ادراكها للاختلاف الشاسع بين الصحة والمرض.
وذكر ان جميع البرامج المتاحة في المركز يتم تكييفها لملاءمة المجتمع الكويتي، اذ يعد برنامج «التأهيل الأولي» بمنزلة عملية تنبيه للحالة الجديدة عبر طرح سؤال «لماذا انت موجود بالمركز؟»، مبينا انه يستهدف الحالات المعرضة غالبا لضغوطات خارجية للعلاج.
وأفاد بأن مركز علاج الإدمان الحالي سيكون مخصصا لفئة الرجال من 18 عاما فما فوق، كاشفا انه سيتم افتتاح مركز آخر يحتوي على 155 سريرا لعلاج النساء والأطفال وذلك لطبيعة المجتمع المحلي ونظرته حول القضية.
من جانبها، قالت رئيسة قسم الوحدة الاجتماعية بالمركز هنادي اشكناني لـ «كونا» إن دور الوحدة يتمثل بالبحث عن الأسباب الكامنة وراء ضعف الحالة ولجوئها إلى التعاطي وذلك من خلال دراسة تاريخها الأسري والشخصي ووضع حلول لها إضافة إلى التواصل مع محيط الحالات بعد موافقة الحالة حيث يسمح باختيار الشخص المناسب للحالات الخاضعة للبرنامج.
وأضافت اشكناني ان تدخل الجانب الاجتماعي يكون بعد انتهاء فترة «الأعراض الانسحابية» للحالات ويمتد إلى مراحل التعافي غير منتهية المدة من خلال دعمها اجتماعيا وازاحة كل العوائق الاجتماعية العالقة والاسهام باسترداد العلاقات الاجتماعية التي تصب في مصلحة كل حالة وتقوي من عزمها بمواجهة آفة المخدرات.
وأوضحت ان الوحدة الاجتماعية بالمركز تؤازر أصحاب الشأن لتعويض ما خسروه جراء الانسياق وراء هذه الآفة إضافة إلى مساعدتهم بالاتصال والتواصل مع مجموعة «زمالة المدمن المجهول».