حذّر مختصان من تصرفات تؤدي إلى فقد الأفراد حقوقهم في المطالبات التعويضية في حالات حوادث السيارات في مواجهة شركات التأمين، ومنها مخالفة ما ورد في وثيقة التأمين من شروط وضوابط.
وأثارت حوادث مرورية، خلّفت إصابات ووفيات، نزاعات قضائية بين شركات تأمين ومدعين، يطالبون فيها بتعويضات عمّا لحقهم من أضرار بسبب تلك الحوادث.
ورفضت شركات تأمين دفع تعويض مباشر لمتضررين في حوادث تسبب فيها مؤمّن لديها، على سند أن المتسبب خالف شروط الوثيقة التأمينية، ومن ذلك أنه كان يقود مركبة بناقل سرعة مختلف عما هو مدوّن في وثيقة التأمين وقت وقوع الحادث، أو أنه قاد مركبته وهو في حالة غير طبيعية، وأسهم بذلك في وقوع الحادث، الأمر الذي أثار نزاعات قانونية بين شركات التأمين والمتضررين وصلت إلى القضاء للفصل فيها.
وشهدت قضايا تعويضات في حوادث مرورية، مماطلات وجولات في أروقة المحاكم، تدخل فيها خبراء ومختصون، وطعون متبادلة، لبيان طبيعة وحجم الأضرار المعنوية والجسدية التي لحقت بالمتضررين، أو مسؤولية السائق المؤمن له في التسبب في الحادث، أو التشكيك في تفاصيل صغيرة لتلك الحوادث، ومحاولات إثبات الخطأ الذي شارك فيه المجني عليه في الحادث وغيرها.
وبين هذه القضايا، قضية رفضت فيها شركة التأمين، تحمل مسؤولية دفع تعويضات، في حادث تسبب فيه سائق مركبة وهو تحت تأثير مؤثرات عقلية، ونتج عنه إصابة شخص، وهو ما أيّدته المحكمة وألزمت السائق بتعويض لصالح الشخص المصاب جراء الحادث.
وطعنت شركات تأمين في بعض القضايا، بتقارير طبية بشأن مطالبتها بدفع تعويضات عن أضرار معنوية وجسدية لحقت بأشخاص أصيبوا في حوادث مرورية، تسببت فيها مركبات تحمل وثائق تأمين لديها، مشككة في هذه الأضرار، وطعنت في قضايا أخرى بشأن توقيت وقوع الحادث وسريان وثيقة تأمين المركبة المتسببة في الحادث.
ووصف الخبيران في مجال التأمين والقانون، قضايا التعويضات في حوادث المرور بـ«الشائكة» في أروقة المحاكم، مشددين على ضرورة اتباع شركات التأمين ما تحسمه الأحكام الجزائية النهائية من حيث مسؤولية المتسبب أو نسبة مشاركة المتضرر في الحادث، وفي غير ذلك من حالات يمكن أن تستهدي في قراراتها تجاه المؤمن لهم أو المتضررين بتقارير الخبراء ومقدري الخسائر وظروف الواقعة في تحديد مسؤوليتها، وفي حال عدم الوصول لتسوية مع المؤمن لهم أو المتضررين، ويمكن إحالة الأمر للجهات القضائية المختصة.
ونبه الخبيران إلى أخطاء يقع فيها البعض ويكتشفونها عند وقوع حوادث مرورية، يترتب عليها تعويضات مالية كبيرة، ومن ذلك مخالفة بنود وثيقة التأمين الممنوحة له، أو عدم تجديد وثيقة التأمين في وقتها، إذ في حال تسبب قائد مركبة ليست مغطاة بالتأمين، في حادث أدى إلى إصابة أو وفاة، فقد يتحمل أو ورثته المسؤولية المالية مباشرة.
ووردت أسئلة عدة من قراء لـ«الإمارات اليوم»، حول إجراءات التقاضي وإقامة الدعوى في تعويضات حوادث مرورية، في ظل مماطلات شركات تأمين.
وقال بعضهم إنهم واجهوا رفضاً من شركات تأمين، في مطالبات تعويضية باعتبارهم خالفوا بنوداً وشروطاً في وثيقة التأمين، أو بسبب عدم درايتهم بحدود التغطية المسموح بها.
وأكدت المحكمة الاتحادية العليا في حيثيات قضايا التعويض «التعويض يقدر بقدر الضرر، وأن تعيين العناصر المكونة للأضرار التي يجب أن تدخل في حساب التعويض يُعد من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض، ما يوجب على محكمة الموضوع أن تضمن أسباب حكمها، ما يدل على أنها تثبتت من تحقيق تلك العناصر ودليلها على ذلك حتى تتمكن هذه المحكمة من إعمال رقابتها لمدى سلامة التسبيب، ومن ثم تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً».
من جانبه، أكد خبير تأمين رئيس اللجنة الفنية لاتحاد التأمين الخليجي، بسام أديب جيلميران، أن النزاعات القانونية بين شركات تأمين ومتضررين أو ورثة متوفين نتيجة حوادث مرورية تُعتبر من القضايا الشائكة، التي ينظمها عدد من القوانين في الإمارات العربية المتحدة.
وذكر أن الوثيقة الموحدة لتأمين المركبة من المسؤولية المدنية الصادرة بموجب نظام توحيد وثائق التأمين على المركبات سنداً لقرار مجلس إدارة هيئة التأمين رقم (25) لسنة 2016، عرّفت الغير المتضرر الذي يستحق التعويض أو الدية بسبب الحادث، وفقاً للآتي:
1- أي شخص طبيعي أو اعتباري لحقت به أو بممتلكاته إصابة أو ضرر بسبب الحادث، ويستثنى من ذلك المؤمّن له وقائد المركبة والركاب الذين يعملون لدى المؤمّن له إذا ما أصيبوا أثناء العمل وبسببه.
2- أفراد عائلة كل من المؤمّن له وقائد المركبة (الزوج والوالدان والأولاد) المتسببة في الحادث.
3- قائد المركبة المخصصة للتأجير ومركبة النقل العام ومركبة تعليم القيادة. وبالتالي كون المؤمن له أو سائق المركبة المأذون بقيادة السيارة من المؤمن له هما المتسببان بالحادث في أغلب الأحوال، فإنهما إضافة إلى الركاب الذين يعملون لدى المؤمن له لا يستحقون التعويض في حال الضرر أو لا يستحق ورثتهم الدية في حال الوفاة الناتج عن الحادث.
وأشار جيلميران إلى أن شركات التأمين يمكن أن تغطي المؤمن له أو قائد المركبة أو الركاب الذين تم استثناؤهم من التغطية الرئيسة، بموجب ملحق إضافي أو ملحق الحوادث الشخصية مقابل أقساط إضافية.
وبالنسبة إلى تعويض الطرف المتضرر (غير المتسبب في الحادث)، إذا تسبب الحادث في إصابة أو وفاة شخص آخر، تتحمل شركة التأمين الخاصة بالطرف المتسبب التعويضات المالية عن الأضرار المادية والبدنية التي لحقت بالطرف الآخر المتضرر. وإذا كان الحادث نتيجة مساهمة خطأ من كلا الطرفين، يتم النظر في نسبة الخطأ لكل طرف، ويتم تحديد المسؤولية والتعويضات في حال نظر القضية من قبل الجهة القضائية المختصة بناء على فهمها وتكوين قناعتها بعد الاطلاع على وقائع القضية والأدلة، مثل تقارير الشرطة وتقارير الخبراء، وبالتالي، إذا قدرت المحكمة أن هناك خطأ مشتركاً بين المتسبب والمتضرر بعد مراجعة الأدلة، فيمكن توزيع نسبة التعويضات بناءً على نسبة الخطأ المشترك حسب تقدير الجهة القضائية المختصة.
وأوضح جيلميران أنه يجوز لشركة التأمين أن ترجع على المؤمّن له/أو قائد المركبة أو المسؤول عن الحادث بحسب الأحوال بقيمة ما تكون قد أدته من تعويض في حالات عدة، أبرزها:
1- إذا ثبت أن التأمين قد عقد بناء على إدلاء المؤمّن له ببيانات كاذبة أو إخفائه وقائع جوهرية تؤثر في قبول الشركة تغطية الخطر أو في تحديد قسط التأمين.
2- إذا ثبت استعمال المركبة في غير الأغراض المحددة في طلب التأمين أو تجاوز الحد الأقصى للركاب المسموح به أو ثبت تحميلها بأكثر من الحمولة المقررة لها أو إذا كانت حمولتها غير محزومة بشكل فني محكم أو تجاوز حدود العرض أو الطول أو العلو المسموح به، شريطة أن يثبت أن ذلك هو السبب المباشر في وقوع الحادث.
3- إذا ثبت استعمال المركبة في سباق أو اختبار السرعة، في غير الأحوال المصرح بها، شريطة أن يثبت أنه السبب المباشر في وقوع الحادث.
4- إذا ثبت أن هنالك مخالفة للقوانين وانطوت المخالفة على جناية أو جنحة عمدية وفقاً للتعريف المنصوص عليه في قانون العقوبات المعمول به والنافذ المفعول في الدولة.
5- إذا ثبت أن قيادة المركبة تمت دون الحصول على رخصة قيادة لنوع المركبة طبقاً لقانون السير والمرور ولوائحه.
6- إذا ثبت أن قائد المركبة، سواء المؤمّن له أو شخص آخر سمح له بقيادتها ارتكب الحادث وهو في غير حالته الطبيعية بسبب وقوعه تحت تأثير المخدرات أو تناول المشروبات الكحولية المؤثرة على قدرته في السيطرة على المركبة، أو تناول العقاقير الطبية التي لا يسمح طبياً بالقيادة بعد تناولها، أما إذا كانت المركبة معدة للتأجير فيتم الرجوع على قائد المركبة (المستأجر).
7- إذا ثبت وقوع الحادث عمداً من المؤمّن له أو قائد المركبة.
من جانبه، أكد المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف، أهمية اطلاع الأفراد على بنود وثائق التأمين جيداً، لمعرفة الحقوق المستحقة لهم في حال تعرضهم لحادث مروري أو خطأ طبي أو غير ذلك، وكذا الانتباه إلى ارتكاب تصرفات تسقط حقوقهم في مطالبات التعويض من شركات التأمين حال وقوع الحوادث.
وقال إنه يحق لشركة التأمين رفض إصلاح المركبة، إذا تبين لها أن المتسبب خالف شروط وثيقة التأمين، ومن ذلك أنه كان يقود مركبة وتسبب في الحادث برخصة قيادة مختلفة عن الفئة المصرح له في رخصة القيادة التي استخرجها، وأكد أهمية توخي الحيطة والحذر من أخطاء أو سلوكيات قد يعتبرها البعض بسيطة، لكن يترتب عليها فقدان حقوق الشخص في التعويض، بسبب مخالفته ما ورد في بنود وثيقة التأمين.
وشدد الشريف على ضرورة الانتباه إلى مدة التقادم في الدعاوى ضد شركات التأمين، والتي تضمن مطالبات بالتعويض المالي والأدبي، موضحاً أنه إذا تأخر الشخص في المطالبة بالتعويض عن حادث، بسبب عدم درايته بهوية المدعى عليه، يمكنه مقاضاة شركة التأمين والمتسبب في الحادث، ومطالبتهما بتعويض مناسب.
وأضاف أنه إذا توفي المتسبب نتيجة فعله هو دون أن يكون هناك متسبب آخر فلا تكون لأهله دية، لذلك يجب مراجعة تقرير الحادث لأنه غالباً يكون التسبب متبادلاً يعني كل طرف متسبب في وفاة الآخر، وفي هذه الحالة تكون لأهل كل منهما دية لدى الشركة المؤمن لديها من كل منهما، إلا إذا كان تأمين السيارة المتسببة يتضمن تغطية إضافية بموجب ملحق لوثيقة التأمين بتغطية وفاة السائق أو مالك المركبة، ففي هذه الحالة يكون مبلغ التأمين المنصوص عليه هو المستحق لوفاة السائق (وليس دية)، مع وجوب توافر شروط الملحق وأحكام وثيقة التأمين الموحدة للمركبات، وكذلك في حال كانت المركبة قيادة المتوفى تندرج تحت التصنيف العمومي فالسائق مغطى بوثيقة تأمين للمركبة بمبلغ 200 ألف درهم.
وقال: «يمكن لورثة المتوفى في حادث مروري، اللجوء إلى القضاء والمحكمة، وإقامة دعوى، في حال رفض شركة التأمين دفع التعويض أو الدية».
حالتان للمطالبة بالتعويض
حدد خبير تأمين بسام أديب جيلميران، حالتين تمكنان ورثة المتسبب في الحادث من المطالبة بالتعويض وهما:
1. تأمين على الحياة: إذا كان لدى المتوفى وثيقة تأمين على الحياة، يمكن أن تقدم تعويضاً لعائلته بغض النظر عن كونه المتسبب في الحادث.
2. تأمين شخصي ضد الحوادث: بعض الوثائق التأمينية تشمل تعويضاً في حالة الوفاة أو الإصابة، وقد يستفيد ورثة المتوفى من هذه التغطية إذا كانت مشمولة في التأمين.