أفاد مدير مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، الدكتور حمد المرزوقي، بأن البيانات العلمية لمهمة المستكشف راشد، سيوفرها مركز محمد بن راشد للفضاء مجاناً للمجتمع العلمي الدولي، بعد عام من انتهاء المهمة، بعد تجميعها وتحليلها ومعالجتها، ثم بثها على المنصة العلمية للمركز، مشيراً إلى أن الخطة العلمية جاهزة قبل تنفيذها، وتتم مراجعتها من قبل الفريق العلمي بالمركز.
ولفت إلى الفريق العلمي لمهمة الإمارات لاستكشاف القمر يضم 30 عالماً من جهات عالمية مختلفة، حيث سيتم توفير البيانات لهم بطريقة سريعة وسلسة خلال المهمة، وبعد ذلك ستتم مشاركتها مع المجتمع العلمي، موضحاً أن المخرجات العلمية للمهمة ستكون إضافة للمجتمع العلمي العالمي، ومن بينها برنامج مهمة «أرتميس» الأميركية.
وقال المرزوقي في مؤتمر صحافي، عُقد في مركز محمد بن راشد للفضاء، أخيراً، إنه سيتم الإعلان قريباً عن اتفاقية تعاون مع ثلاث محطات أرضية عالمية للتواصل مع المستكشف راشد، بهدف زيادة نافذة التواصل معه، مبيناً أن المحطة الأرضية في دبي تسمح بعدد ست ساعات للتواصل، بينما المحطات الأخرى تسمح بساعات أكثر تصل إلى 20 ساعة ونصف الساعة في اليوم.
ولفت إلى أن التواصل مع المستكشف راشد يتم بشكل يومي لمدة 10 دقائق، ويتضمن الاتصال تشغيل النظم الموجودة على المستكشف، وهي نظام الكمبيوتر، والاتصال، والنظام المسؤول عن قياس درجات الحرارة، وكذلك نظام البطارية، ونظام الطاقة، للتأكد من كفاءة عمل الأجهزة، بهدف جمع البيانات وتنزيلها بالمحطة الأرضية بالخوانيج، مؤكداً أن جميع أجهزة المستكشف في وضع مستقر.
وأضاف: «يتواصل فريق المحطة الأرضية بشكل يومي مع المستكشف حتى وصوله إلى سطح القمر في أبريل المقبل، وبعد الوصول ستبدأ المهمة الأساسية، وقبل ذلك سيتم التأكد من سلامة الأجهزة، والتأكد من صحة الكاميرات، إضافة إلى إطلاق الذراع الروبوتية، ومعايرة نظام التشغيل، ونظام الاتصال الهوائي».
وعن المسافة التي تقطعها المركبة يومياً في رحلتها إلى القمر، ذكر المرزوقي أن مركبة هبوط المستكشف لا تعتمد على المسافة التي تقطعها يومياً، بقدر ما تعتمد على المسار الذي تتخذه، والمتمثل في الخروج من مدار كوكب الأرض للوصول إلى أبعد نقطة عن الكوكب، والبالغة 1.4 مليون كيلومتر، وذلك في 20 يناير 2023، وهي نقطة محورية لإعادة توجيه المسار بطريقة صحيحة، كي يتم ما يشبه السقوط الحر نحو الجاذبية القمرية، والذي يستغرق فترة زمنية حتى مارس المقبل، ليبدأ لاحقاً في الدخول إلى المدار القمري.
وأضاف هذه النقطة المحورية هي التي ستحدد مدى نجاح المهمة وكفاءتها وهبوط المركبة على سطح القمر والموقع المحدد لذلك، ومرحلة الدخول في المدار حول القمر، والتي تتطلب تعديلاً في المسار، إضافة إلى الهبوط على سطح القمر، مبيناً أنه إذا كان الخطأ كبيراً في إحداثيات المسار، فإنه قد يتسبب في فشل المهمة، إضافة إلى أن «شركة آي سبيس» زودت المركبة بكمية وقود أكثر من اللازم، تحسباً لأي تعديل في المسار، لكن أحياناً من الصعب تعديل بعض الأخطاء، خصوصاً في الإحداثيات.
وقال المرزوقي إن المهمة تشمل سبع مراحل أساسية، ونجح المستكشف في أول أربعٍ منها، وهي الإطلاق، والتأكد من سلامة المركبة بشكل عام، والتأكد من سلامة الحمولة بالمركبة، ومن ضمنها «المستكشف»، كذلك التأكد من قدرة أنظمة الدفع والتحكم بالمسار على المضي قدماً.
وأشار إلى أن أول صورة سيتم التقاطها فور الهبوط على سطح القمر ستكون من الكاميرا الأمامية لمركبة الهبوط، والتي ستلتقط موقع نزول المستكشف، من أجل قيام الفريق بدراسة طبيعة المنطقة وتضاريسها تفادياً لمواجهة صعوبات محتملة، يلي ذلك منح الإذن لـ«آي سبيس» بإنزال المستكشف، حيث سيتم حينها التقاط صورة أخرى للمستكشف في منطقة الهبوط، ومن ثم سيتم التقاط أكثر من صورة بوساطة كاميرا الذراع الروبوتية الخاصة بالمستكشف للمنطقة المحيطة به، ثم يتم تحرير المستكشف من منصة الإنزال، ليبدأ أولى خطواته على تربة القمر.
وأفاد بأن مركبة الهبوط تحتاج إلى ثماني ساعات، بعد الهبوط على سطح القمر، للتأكد من سلامة الأنظمة جميعها، وتشغيل نظام الاتصال السريع، إضافة إلى أن المستكشف يحتاج إلى أربع ساعات لتحرير الذراع الروبوتية وهوائي الاتصال من أجل إجراء سلسلة الاختبارات قبل بدء مهامه.
وأوضح المرزوقي أن المهمة العلمية تتركز على تصوير سطح القمر من غير التفاعل مع التربة، مبيناً أن المستكشف يتميز بعدد من المزايا والمواصفات التقنية العالية الجودة والكفاءة، منها كاميرات ثلاثية الأبعاد، ونظام تعليق وأنظمة استشعار واتصال متطورة، إضافة إلى هيكل خارجي وألواح شمسية لتزويده بالطاقة.
وأضاف: «سيعمل المستكشف بالاعتماد على الألواح الشمسية، إذ يضم أربع كاميرات تتحرك عمودياً وأفقياً، تشمل كاميرتين أساسيتين، وكاميرا المجهر، وكاميرا التصوير الحراري، إضافة إلى أجهزة استشعار وأنظمة مجهزة لتحليل خصائص التربة والغبار والنشاطات الإشعاعية والكهربائية والصخور على سطح القمر، ويتضمن نظاماً لتعزيز كفاءة التصاق عجلات المستكشف بسطح القمر، وتسهيل عملية تخطي الحواجز الطبيعية، وهيكلاً متيناً لحماية الأجهزة والمحركات من تغير درجات الحرارة».
وبين أن مهمة المستكشف على سطح القمر ستستغرق نهاراً قمرياً واحداً، يبدأ بعد شروق الشمس في منطقة الهبوط على سطح القمر، إلى ما قبل غروب الشمس، حيث يعمل المستكشف خلال هذه الفترة على تنفيذ الفكرة الأساسية من المهمة، وهي التحرك على سطح القمر، وزيارة أماكن مختلفة، وكل موقع ستكون له خطة علمية واضحة، تشمل التصوير وقياس الشحنات الكهربائية، وتكون هذه الخطط بالتنسيق بين الفريقين العلمي والهندسي في المركز، ومن ثم ترسل إلى فريق العمليات، الذي بدوره ينفذ الخطة، ويستقبل البيانات، لافتاً إلى أن الفريق لديه المرونة لتغيير الخطط بناء على الواقع على سطح القمر، ويتم ذلك بسرعة فائقة لتحقيق الاستفادة القصوى من مدة المهمة على سطح القمر.
ولفت إلى أن النهار القمري يشهد شروق الشمس واستمرارها حتى غروبها لمدة 14 يوماً من أيام الأرض، ثم يدخل في سُبات ليلي، وتغلق أجهزته كافة، مؤكداً أن عمل الأجهزة في النهار القمري التالي ستكون مهمة إضافية، لأن المهمة الأساسية تكون في النهار القمري الذي يسبق دخوله في السبات الليلي. وأكد أن تشغيل المستكشف راشد بعد المهمة المحددة يعد إنجازاً كبيراً، لأن أغلب المهام تنتهي بعد الليل القمري، دون الحاجة إلى الطاقة النووية. وأوضح أنه بعد هبوط المستكشف على سطح القمر سيتم إجراء معايرة واختبار كفاءة النظام الميكانيكي والأجهزة الخاصة به، وذلك استعداداً لبدء المهمة العلمية، والتحرك في منطقة «ماري فريغوريس»، وتحديداً منطقة «فوهة أطلس» التي تم اختيارها، حيث سيتحرك في محيط دائرة نصف قطرها 500 متر.
وأضاف أن تحرك المستكشف يعتمد على وجوده بقرب مركبة الهبوط اليابانية «هاكوتو- آر»، وذلك لتوفير اتصال جيد بينهما يساعد على تنفيذ الأوامر بدقة، حيث يجب أن يكون المستكشف في مجال رؤية واضح للمركبة، كما أنه من جانب آخر، فإن حركة المستكشف ترتبط بزاوية أشعة الشمس التي تعتمد عليها خلايا الألواح الشمسية في الحصول على طاقتها التي تساعدها على تنفيذ المهمة.
• 30 عالماً من جهات عالمية مختلفة ضمن الفريق العلمي لمهمة الإمارات لاستكشاف القمر.
3 مهام إلى سطح القمر
ذكر مدير مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، الدكتور حمد المرزوقي، أنه توجد ثلاث مهام إلى سطح القمر، هي مهمة الإمارات، ومهمتان أخريان أميركيتان، واللتان كان مقرراً إطلاقهما في 2021، لكن إطلاقهما تأجل بسبب جائحة «كوفيد-19».
أسباب فنية
أفاد مدير مشروع الإمارات لاستكشاف القمر، الدكتور حمد المرزوقي، بأن سبب تأجيل إطلاق المستكشف راشد على متن الصاروخ «سبيس إكس»، أكثر من مرة، لوجود أسباب فنية للصاروخ، والتي كان لزاماً معها تأجيل الإطلاق لحين التأكد من كفاءته، مبيناً أنه في مثل هذه الحالات يجب عدم المجازفة على الإطلاق، خصوصاً إذا كانت هناك نسبة ضئيلة من الموانع الفنية التي لا توفر إطلاقاً ناجحاً.