مر عام على محاولة الانقلاب الدموية الفاشلة التي تعرضت لها كازاخستان بتخطيط محكم، راهن منفذوه على سقوط أمتنا وانهيارها من الداخل، فضلا عن إمكانية اتساع رقعة الأحداث لتصل آثارها السلبية إلى دول الجوار في منطقة آسيا الوسطى.
لقد استطاعت بلادنا – بفضل تكاتف شعبها والتفافه حول قيادته – تجاوز هذا المخطط وإحباط أهدافه الدنيئة وتمكنت من تعزيز أسس وأساليب الإدارة بحزم من الإصلاحات الشاملة في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
كازاخستان اليوم تختلف اختلافا جذريا عن كازاخستان الأمس، فهي اليوم تقف على مشارف المستقبل متسلحة بالأمل والتخطيط المستنير والعمل الجاد من أجل صالح شعبها.
التعديلات الدستورية التي أدخلت بعد الاستفتاء الوطني الذي أجري في يونيو 2022 فتحت بلا شك الطريق نحو مبادئ ديموقراطية جديدة في بلادنا، زيادة دور البرلمان وتقييد السلطات الرئاسية وتسهيل إجراءات التسجيل الأحزاب السياسية الجديدة والانتخاب المباشر لقيادات المجالس المحلية وغيرها من الإجراءات المهمة الأخرى.
وقد شهد يناير من العام الحالي إطلاق عدد من المبادرات السياسية، أهمها إنشاء المحكمة الدستورية وتعيين مفوض حقوق الإنسان والمدعي العام. وستراقب المحكمة الدستورية مدى توافق قوانين البلاد مع الدستور وتضمن حماية الحقوق الأساسية لكل المواطنين دون تمييز فالجميع أمام القانون سواسية، كما تم تعيين السيدة إلويرا عظيموفا – أول رئيسة للمحكمة الدستورية التي شغلت سابقا منصب مفوض حقوق الإنسان في كازاخستان. وهذا مؤشر مهم على اهتمام كازاخستان بتفعيل دور المرأة والحرص على تمكينها كشريك في التنمية.
اليوم، كازاخستان على وشك إجراء الانتخابات المبكرة لمجلس النواب والمجالس المحلية والتي ستجري في 19 مارس الجاري، ستكون هذه الانتخابات فريدة من نواح كثيرة:
أولا: مشاركة سبعة أحزاب سياسية – منها حزبان يشاركان لأول مرة – سيوفر للناخبين خيارات أوسع لممارسة حقهم الدستوري في التصويت، فضلا عن كونها تعزيزا للتعددية السياسية، وخصوصا بعد تخفيض الأغلبية المطلوبة لدخول الأحزاب إلى مجلس النواب من 7% إلى 5%، مما يسهل على الأحزاب الجديدة دخول البرلمان ولعب دور مهم في رفع مساءلة الحكومة.
ثانيا: لأول مرة منذ عام 2014 سيتم استخدام نموذج الأغلبية النسبية المختلطة في انتخابات مجلس النواب، حيث سينتخب 70% من النواب وفقا للقوائم الحزبية و30% وفقا لدوائر انتخابية ذات عضو واحد وهذا يعني 29 من 98 عضوا في مجلس النواب سيتم انتخابهم من دوائر انتخابية ذات عضو واحد بينما سيتم انتخاب 69 عضوا وفقا للقوائم الحزبية.
كذلك ستجري الانتخابات في المجالس المحلية ومجالس المدن ذات الأهمية الجمهورية وفقا لنظام انتخابي مختلط بنسبة 50/50 بينما سيتم انتخاب النواب في المجالس المحلية ذات المستوى الأدنى على أساس الأغلبية.
إضافة إلى ذلك، الآن ورد في أوراق الاقتراع عمود «ضد الكل» والذي سيسمح للناخبين وإذا رغبوا يرفضون جميع المرشحين المعينين. وأخيرا، عند توزيع انتداب أعضاء مجلس النواب وفقا للقوائم الحزبية تم إدراج حصة 30% على المستوى التشريعي للنساء والشباب والأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة. ويضمن هذا الإجراء نطاقا واسعا من التمثيل لجميع فئات السكان في البرلمان.
لقد أعلنت كازاخستان التزامها بإجراء انتخابات حرة وشفافة وعادلة، ومثلما حدث في الانتخابات السابقة فقد دعونا ممثلي 10 منظمات دولية وعشرات المراقبين من دول أجنبية لمراقبة العملية الانتخابية. ونحن نتوقع وصول بعثات المراقبين من مكتب المؤسسات الديموقراطية وكذلك من اتحاد الدول المستقلة.
الانتخابات المقبلة ستكون أحد أبرز ملامح التطوير في الديموقراطية الكازاخستانية. لم يكن الكثيرون متأكدين أن بلادنا ستتعافى من أعمال الشغب التي وقعت في يناير 2022، ومع ذلك تمكنا من تجاوز هذه العقبة وأظهرنا قدرتنا على الصمود وتحقيق الاستقرار.
بالطبع، لن تغير الانتخابات بلدنا في فترة زمنية قليلة ولكن ستساهم في إنشاء كازاخستان العدالة – المجتمع المزدهر مع نظام سياسي حيوي وديناميكي وتنافسي، وستكون بلادنا أقوى وأخلص شريك في المجتمع الدولي بما في ذلك الكويت الصديقة والتي تجمعنا معها علاقات وثيقة.
مع استمرار العالم في التغلب على التحديات الجيوسياسية والجيو اقتصادية الحالية فإن كازاخستان مستقرة ومزدهرة تخدم ليس فقط مصالح مواطنيها، ولكن خارج منطقتها.
إن إصلاحاتنا السياسية المدعومة بانتخابات تنافسية تعتبر هي الأساس الذي سنضمن عليه استقرارنا ونواصل بناء مستقبلنا.