طالب مواطنون ومقيمون في الدولة بوضع آلية للتأكد من مهارة فنيي خدمة السيارات والميكانيكا، وأهليتهم لأداء المهام المنوطة بهم، قبل السماح لهم بممارسة المهنة عملياً.
وقالوا إن هذا النوع من المهن لا يحتاج إلى الحصول على شهادات دراسية معينة، على غرار المهن الأخرى، بل إلى براعة وخبرة عملية، وقدرة على تشخيص الأعطال، مقترحين إنشاء مراكز متخصصة وإدراج برامج تدريبية فيها، تسمح لهم بالحصول على «رخصة مهنية» تمكنهم من استثمار مهارتهم في إصلاح المركبات والحفاظ عليها في حالة مثالية للقيادة.
وقالوا إنهم يخسرون مبالغ باهظة لتصليح سياراتهم في ورش لا يملك أصحابها وعمالها أدنى خبرة، بسبب غياب الرقابة، وعدم وجود مرجعيات «مهنية» لهم. وأكد أشخاص لـ«الإمارات اليوم» أن لديهم «تجارب سيئة» مع فنيي السيارات، تضمنت تبديل قطع غيار سليمة وترك التالفة، فضلاً عن سلوكيات أخرى، مثل شراء قطع غيار مستعملة وإدراجها في الفواتير بالسعر الذي تباع به القطعة الأصلية، ما يتسبب في تعطل السيارة بعد مرور فترة قصيرة على خروجها من «كراجات» الصيانة.
وقال خبير في ورشة تصليح إن «كثيراً من الورش الصغيرة الموجودة في المناطق الصناعية لا يملك فنيوها خبرة كافية في هذا المجال»، مضيفاً أنهم «يتدربون على سيارات الزبائن، ما يؤدي إلى ارتكاب أخطاء ويكلف صاحب السيارة مبالغ باهظة».
وأكد أن «أغلب مشكلات السيارات ناتجة عن تغيير قطع لا تحتاج إلى تغيير، وترك التالفة»، عازياً ذلك إلى «انعدام الخبرة».
وقالت امرأة من جنسية آسيوية إن عدم وجود ضوابط رقابية على جودة الخدمات المقدمة في الورش حالياً، أسهم في تزايد شكاوى المستهلكين من ارتفاع وتباين أجور تصليح وخدمات السيارات على مختلف أنواعها.
وأضافت أنه «لا ضوابط قانونية ترصد آلية التصليح، أو تحدد أجور الخدمات المقدمة، ومعاييرها».
وحذّرت جمعية الإمارات لحماية المستهلك من تقديم الكسب السريع على سلامة المركبة وسائقها، لافتة إلى أن «خطأ فني السيارات يمكن أن ينتهي بسائقها إلى حادث مروري، في حال تعطلها بشكل مفاجئ في الطريق. وتالياً حدوث إصابات أو وفاة».
ومن أبرز الشكاوى التي تلقتها دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة، من زبائن ورش السيارات، انعدام الأمانة والصدقية وعدم إنجاز العمل بالشكل المطلوب وخلال الفترة المحددة وعدم الالتزام بتحرير الفواتير.
وتفصيلاً، قال أبومحمد الأمين إنه ذهب إلى ورشة سيارات لتصليح مكيف سيارته، وأبلغه مالك الورشة بأن سبب العطل قطعة صغيرة تحتاج إلى تبديل، وأن قيمتها تصل إلى 600 درهم، والتركيب 400 درهم. وتابع أنه سدد المبلغ المطلوب، إلا أنه فوجئ بعد مرور ساعات بجهاز التكييف ينفث حرارة مرتفعة، فاتجه إلى ورشة أخرى، وفحص الفني التكييف، وتبين أن سبب المشكلة هو خرطوم يسرب غاز التكييف، لا تتجاوز قيمته 20 درهماً.
وقال إنه سدد 1000 درهم بسبب فني غير مؤهل، ولا يملك أدنى خبرة للعمل واكتشاف الأعطال.
ودعا الجهات المعنية إلى اتباع آلية لإلزام الورش بتعيين فنيين ذوي خبرة في الميكانيكا والكهرباء وفحص المركبات وتشخيص الأعطال.
وأكد وسيم الريس أن «المشكلات لا تقتصر على الجانب الفني، بل تلامس بعض السلوكيات»، شارحاً أنه ذهب إلى كراج لصبغ الجانب الأمامي من سيارته نتيجة تعرضها لحادث تصادم، وسدد 1500 درهم. ولكن بعد فترة قصيرة، بدأ اللون يفقد كثافته، ليصبح موقع الصبغ عامل تشويه للسيارة، مشيراً إلى أن النوع الذي استخدمه الفني مختلف عن مواصفات النوع الذي وصفه له.
ودعا الجهات المعنية إلى الاستفادة من «المتسوق السري» للكشف عن سلوكيات أصحاب ورش الصيانة، ومعاقبة المخالفين منهم.
كما طالب الجهات المختصة «بعدم ترخيص أي ورشة لا يملك صاحبها شهادة في الميكانيكا، أو عمالاً من أصحاب الخبرة، لتفادي الغش والاحتيال».
وشرح أبومالك التونسي أنه سمع صوت طقطقة في الجهة الأمامية من سيارته، فتوجه إلى كراج كبير في إحدى المناطق الصناعية، وأبلغه مالك الورشة بأنه يحتاج إلى تبديل «الجنبيات» و«الشيلات» و«البوشات»، لأنها مكسورة، قاطعاً بأن «هذا هو سبب الطقطقة».
وتابع: «تسلمت سيارتي بعد أسبوع، وسددت للفني 7500 درهم مقابل تبديل القطع وصيانة السيارة. لكنني فوجئت بأن القطع التي زعم استبدالها بأخرى جديدة، كانت مستعملة وتصدر صوتاً. وبعد مرور أقل من شهر عادت مشكلة الطقطقة مجدداً».
وطالب الجهات المختصة «بإلزام ورش السيارات بتدريب العاملين على أساسيات الميكانيكا والكهرباء وفن تصليح السيارات، حتى لا تصبح سيارات الزبائن حقول تجارب لهم».
كما دعا إلى وضع تصنيف لورش الصيانة، يعتمد على جودة الخدمة التي تقدمها لزبائنها، على غرار التصنيف المستخدم في تحديد مستوى المطاعم.
وقال خبير ميكانيكي، رسلان محمد السلامات، إن أكبر المشكلات التي يعانيها أصحاب السيارات هي «التشخيص الخاطئ الذي يحصلون عليه من الفنيين عديمي الخبرة، العاملين في بعض الورش».
ولفت إلى سائق كان يشتكي من رجفة في سيارته، وكان قد توجه بها إلى ورشة تصليح، فسارع العمال في استبدال «البواجي» و«الانجكترات»، على اعتبار أنها هي سبب المشكلة، مما كلفه دفع 2000 درهم. وفور خروجه من الكراج، تبين أن «الرجفة مازالت موجودة، وبعد التوجه إلينا، تبين أن العطل في (الجير)، وليس في (البواجي)».
وتابع أن «ورش تصليح السيارات الصغيرة تنافس الورش الكبيرة، لكن من دون خبرة وبأسعار مرتفعة». ولفت إلى أن «الزبائن يتشككون في أي مبالغ مالية تطلب منهم لتصليح سياراتهم نتيجة لتعرضهم للغش والاحتيال من ورش لا يمتلك أصحابها ولا عمالها أدنى خبرة في الميكانيكا».
وبدوره، أشار أمين السر العام في جمعية الإمارات لحماية المستهلك، محمد عبدالله النقبي، إلى عدم وجود حماية لمالكي السيارات من فنيي الورش الذين لا يملكون خبرة كافية في الميكانيكا.
واقترح إنشاء مراكز متخصصة باختبار هؤلاء العمال لتقنينهم واختيار أصحاب الكفاءة والخبرة منهم.
وأوضح أن الدورات يجب أن تشمل دفع رسوم ورسوب العاملين في حال عدم اجتيازها، ولا تمنح شهادة الخبرة إلا باجتياز الدورة.
ورأى أنه «إذا طبق هذا الاقتراح، سنجد أن صاحب الكراج يختار الفني الأكثر خبرة، لأن عديم الخبرة قد يكون سبباً في وقوع حادث مركبة تكون نتائجه كارثية».
وأضاف أن من أبرز الشكاوى التي تلقتها الجمعية كانت لشاب خليجي اشترى سيارة مستعملة وذهب إلى كراج لتركيب قطع أصلية وتصليح بعض الأعطال، وبعد أيام سافر بها لدولته لتسجيلها، إلا أنها لم تجتز الفحص، ليكتشف أن قطع الغيار التي سدد ثمنها ليست أصلية.
وتابع أنه قدم شكوى لإثبات حالة الغش، لأنه لا يستطيع دخول الدولة بالسيارة من دون رخصة وأوراق ثبوتية. إلا أن صاحب الكراج أنكر صيانة المركبة، مستفيداً من عدم اهتمام الزبون بالحصول على فاتورة. وأشار إلى أن هناك حقوقاً لمالك السيارة وصاحب الكراج، منها أن يكون لدى المستهلك فاتورة لتكون بمثابة ورقة ضمان له.
وذكر أن على صاحب الكراج طلب توقيع العميل على الفاتورة، بعد تضمينها جميع الإصلاحات، على أن يكون ضمان التصليح من أسبوع إلى 10 أيام. وفي حال ظهور أي عيب يرجع الزبون للكراج لصيانة المركبة مجدداً، كما أن الفاتورة تعطي مالك المركبة حماية من الإهمال.
وأوضح أن السبب وراء تعرض سائقين للغش من ورش السيارات تركيب قطع غيار مقلدة على أنها أصلية، وهذا يعود إلى نوع من الثقافة السلبية لدى بعض أصحاب الكراجات، وحرصهم على الكسب السريع على حساب أي شيء آخر.
إجراءات الحماية
قال مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة، الدكتور عبدالرحمن الشايب النقبي، إن الدائرة لديها إجراءات لحماية حقوق أصحاب السيارات التي يتم تصليحها لدى ورش الصيانة، ومنها التأكد من توافر مستند أعمال الصيانة للمركبة (job card) لبعض الكراجات، والتأكد من توفير كل المستندات والفواتير والعقود الواجب توافرها عند الكراجات في حال تصليح السيارات، وعمل حملات توعية بهذا الخصوص، ومنها مبادرة «خلك حريص» لتأكيد أهمية الاحتفاظ بالفاتورة الشرائية بعد الشراء والتأكد من شروطها كونها الوسيلة التي تحفظ حقوق كل من البائع والمستهلك، إذا ما شاب السلعة أي شائبة أو حدث خلل قد ينشأ عنه نزاع.
وأوضح أن الدائرة تلقت منذ بداية العام الجاري حتى نهاية أكتوبر الماضي 67 شكوى تتعلق بتلاعب كراجات وعدم إجراء التصليح لسيارات معطلة بشكل صحيح.
وأضاف أن الدائرة أعادت حقوقاً مالية لـ33 عميلاً نشب بينهم وبين ورش صيانة سيارات خلافات مالية.
ووصل إجمالي المبالغ المحصلة إلى 45 ألفاً و155 درهماً.
وتابع أن من أبرز المخالفات التي تم رصدها من قبل ورش السيارات عدم إنجاز العمل بالشكل المطلوب، وعدم التزام المزود بتحرير فاتورة تتضمن جميع تفاصيل السلعة التي تم شراؤها، وعدم الالتزام بالتعهد (في حال توقيع تعهد بإنجاز العمل بالشكل المطلوب لصاحب المنشأة) وممارسة نشاط إضافي دون ترخيص، وعدم الأمانة والصدقية، وعدم إنجاز العمل خلال الفترة المحددة، لافتاً إلى اتخاذ إجراءات بحق الكراجات غير الملتزمة بالمعايير المتبعة في الدائرة.
• دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة تلقت 67 شكوى تلاعب من الكراجات خلال 10 أشهر.
• 33 عميلاً أعادت دائرة التنمية الاقتصادية لهم حقوقاً مالية من ورش صيانة السيارات، بإجمالي 45 ألفاً و155 درهماً.