الانفعال والتوتر وفقدان الأعصاب، أو العصبية الزائدة، حالة تلازم كثيراً من الأمهات أثناء انهماكهن في تدريس أبنائهن.
وتعزو مختصات هذا السلوك إلى ضغوط العمل، وتعدد متطلبات الحياة اليومية، وعدم سماعهن ما يكفي من عبارات الشكر والتقدير من الأزواج، مشيرات إلى أن «المسؤوليات المتزايدة، إلى جانب العمل ساعات طويلة داخل المنزل، وأحياناً خارجه أيضاً، تزيد من التوتر النفسي لديهن، ما ينعكس سلباً على تعاملهن مع الأبناء».
وأكدن أن معظم الأمهات لا يدركن أن دورهن لا يتضمن تلقين الأبناء المعلومات، أو تدريسهم بشكل كامل، بل يقتصر على متابعة استيعابهم للدروس، لأن مهمة التعليم الأساسية تقع على عاتق المدرسة، فيما يقتصر دور الأهل على المساعدة في حل الواجبات، أو توضيح ما قد يواجهه الطفل من صعوبات.
وأكدن أن قلة الدعم النفسي من الزوج تعد عاملاً رئيساً يؤثر في قدرة الأم على التواصل الهادئ مع أبنائها أثناء المذاكرة، ما يزيد من توتر العلاقة، ويؤثر سلباً على البيئة الدراسية داخل المنزل.
وتفصيلاً، ذكرت استشارية التربية ومؤسسة مركز ارتقاء لتنمية المواهب والقدرات، هدى آل علي، أن العديد من الأمهات يقسن النجاح التربوي بناءً على التحصيل الأكاديمي الذي يحققه أبناؤهن، في حين أن التحصيل يعتبر جزءاً من النجاح التربوي، خصوصاً مع وجود فروقات فردية بين الأبناء.
وأكدت أن متابعة الأم الدروس مع الأبناء، وتعليمهم كيفية تنظيم الوقت، وغيرها، تنعكس إيجابياً عليهم من خلال تعليمهم مهارات التخطيط للمستقبل، وحل المشكلات، وزيادة حبهم للتعلم.
وأشارت إلى أن دور الأم لا يتطلب منها تدريس الأبناء بشكل كامل، بل يقتصر على متابعة استيعابهم للدروس، مع تقديم المساعدة في حل الواجبات إذا استعصت عليهم بعض المعلومات، وتوضيحها لهم. لكن بعض الأمهات يتحملن مهام المعلم في المنزل، ويعتقدن أن عليهن تلقين الأبناء، وشرح كل الدروس لهم، ما يزيد من توترهن، ويخلق بيئة غير محفزة للتعلم، وهذا النهج يؤدي إلى تقليل ثقة الطفل بنفسه، واعتماده الكامل على والدته، دون أن يركز بشكل كافٍ على شرح المعلم في المدرسة.
وتابعت آل علي أن بعض الأمهات العاملات لا يجدن الوقت الكافي لمتابعة دراسة أبنائهن، ما يدفعهن للاستعانة بمدرسين خصوصيين، مؤكدة أن «الاستعانة بالمدرس الخصوصي يجب أن تكون في تدريس الأبناء مؤقتاً، ويفضل أن تنتهي مع انتهاء المرحلة التأسيسية، في الصف الثالث الابتدائي، حيث يكون الطفل قد اكتسب مهارات المذاكرة وحل الواجبات، فالهدف هو أن يصبح الطفل قادراً على الاعتماد على نفسه بحلول الصف الرابع».
وأضافت آل علي أن سلامة العلاقة الزوجية تلعب دوراً كبيراً في تخفيف أو زيادة الضغوط على الأم، لافتة إلى أنها لاحظت أن «السبب الرئيس لدى كثير من الأمهات أنهن يكن غاضبات، ليس بسبب تصرفات الأطفال أثناء التدريس، بل بسبب الضغوط التي يواجهنها من الأزواج».
وأكدت أن قلة الدعم النفسي، مثل عدم سماع عبارات الشكر، وعدم إظهار التقدير لها، يزيد من توترها، ويؤثر سلباً في قدرتها على التعامل مع مهام التدريس بشكل هادئ ومشجع.
وأكدت المستشارة الأسرية والقانونية، موزة مسعود، أن تحمل الأم المسؤولية الكاملة في الأسرة، خصوصاً في ظل غياب الزوج للعمل، يتسبب في زيادة الضغط والتوتر عليها، موضحة أن الأدوار المتعددة التي تقوم بها تؤدي إلى قلة النوم، والإجهاد الجسدي، ما يجعل من الصعب عليها التوفيق بين الأدوار المطلوبة منها، ونتيجة لذلك، قد تفقد صبرها وقدرتها على التحمل أثناء تدريس أبنائها، ما يؤثر سلباً في العملية التعليمية والبيئة المنزلية.
ولفتت إلى أن بعض ممارسات الأم، مثل تدريس الأبناء بشكل كامل، كأنها معلمة، يؤثر سلباً عليهم، بدلاً من تعليمهم طرقاً مثلى للدراسة، إذ يصبحون معتمدين كلياً عليها، ما يقلل تحفيزهم للتعلم، والاعتماد الكامل على الذات.
وأيدت هذا الرأي معلمة رياض أطفال، أسماء علي، قائلة إن المعلم يقوم بدوره في المدرسة، وعلى الأم متابعة ذلك من دون بذل جهد مضاعف أو تدريس المواد بشكل كامل. كما أن الطالب، إذا واجه صعوبة في فهم درس معين، يمكنه العودة للمعلم في اليوم التالي ليشرحه له بشكل مبسط، ما يساعده على فهم المحتوى بشكل جيد، ويتيح له حل أسئلة الواجب والامتحانات بفعالية دون الحاجة إلى الحفظ فقط.
وقالت إن انفعال كثير من الأمهات أثناء تدريس الأبناء ناجم عن إحساسهن بأنهن يؤدين المهام كلها وحدهن، من دون مشاركة حقيقية من شريك الحياة، لافتة إلى حاجة المرأة المستمرة إلى سماع عبارات التقدير، لدعمها نفسياً.