شهدت دار الأوبرا المصرية، الإثنين الماضي، حلقة جديدة من سلسلة «أرواح في المدينة»، للإعلامي محمود التميمي، والمعنية بتسليط الأضواء على أحداث ووقائع تراكمت عليها طبقات النسيان عبر النبش في الصحف والوثائق، وتطرقت الحلقة لسيرة «آل عنايت»، التي واجهت الاحتلال الإنجليزي لمصر في العشرينات، وفقدت عدداً من أبنائها، من بينهم من حُكم عليه بالإعدام أو من قضى سنوات في السجون دفاعاً عن قضية الاستقلال في بلادهم.
وأبرزت الحلقة تفاصيل حياة الأسرة المشار إليها، والتي ضمت ثمانية أبناء لكبير مهندسي الري المصري في العشرينات.
وبحسب جلال حمادة في «تراجم الأسر العلمية في مصر»، انخرط منهم أربعة في سلك الكفاح الوطني، هم محمود وعبدالحميد وعبدالفتاح وعبدالخالق عنايت، حيث نُفي الأول إلى مالطا، والثاني قضى بالإعدام، والثالث دخل السجن، والأخير تعرض للمطاردة.
وأبرزت الحلقة بشكل تفصيلي سيرة عبدالفتاح عنايت، حيث تم الحكم عليه بالإعدام، بعد اتهامه بالاشتراك في مؤامرة لقتل القائد الإنجليزي وحاكم السودان السير لي ستاك، إبان ثورة 1919، وبتشكيله منظمة «أشقاء عنايت» لمواجهة الاحتلال الإنجليزي، لكن تم إعفاؤه من الإعدام، واستُبدلت العقوبة بالسجن 20 عاماً، حيث التقى في السجن بالرئيس السابق محمد أنور السادات، الذي اعتقل هو الآخر بسبب نشاطه الوطني وقتها، الأمر الذي أحدث لاحقاً تغيراً جذرياً في حياة عنايت، بحسب ما روى التميمي.
وكانت ابتسام عبدالفتاح عنايت قد روت في كتابها «الشهيد الحي.. صفحات من تاريخ الفدائية المصرية» قصة حياة عبدالفتاح عنايت، وتكوينه عام 1922 مع شقيقه عبدالحميد منظمة فدائية، على نمط المنظمة الفدائية التي أنشأها مصطفى كامل مع بدء الحركة الوطنية المصرية 1906، والتي واصلت نشاطها على يد إبراهيم الورداني عام 1910.
ونوهت إلى أنه «بعد اغتيال السير لي ستاك، قاد وزير الداخلية وقتها، إسماعيل صدقي، حملة مسعورة للبحث عن المتورطين في قتل القائد الإنجليزي، وخصص مكافأة قدرها 10 آلاف جنيه مصري لمن يدل على مدبري الاغتيال، حتى تم القبض على سائق تاكسي، ذكر عسكري إنجليزي في التحقيقات أنه التقط رقم سيارته، وأن سيارته كانت تحمل منفذي الاغتيال، فأرشد إلى من نُسبت إليه عملية الاغتيال».
وأشارت ابتسام عنايت إلى أن «الشعب المصري تبادرت إلى ذهنه ذكرى مذبحة دنشواي، بعد أن قُبض على ثمانية متهمين، وحُكم عليهم جميعاً بالإعدام، ومن ضمنهم عبدالفتاح وعبدالحميد عنايت، فخرجت التظاهرات تندد بالمحاكمة، فتم تنفيذ الحكم في المتهمين من الثاني إلى الثامن»، بينما «حُكم على المتهم الأول عبدالفتاح عنايت بالأشغال الشاقة المؤبدة»، تحاشياً لردة فعل شعبية تجاه إعدام شقيقين في يوم واحد. وواصلت أن «عبدالفتاح عنايت استغل سنوات سجنه، فأتقن لغات عدة، وحصل على الشهادة العليا في القانون، وخرج من السجن صامداً».
وقالت إن «الرئيس الراحل أنور السادات دعاه ليكون صاحب ضربة المعول الثانية في هدم سجن ليمان طرة، كما أطلق اسم (الشهيد الحي) على الشارع الذي يقطن به في محافظة الجيزة، تكريماً لسيرته الوطنية». وكان السادات قد توجه في السادس من أكتوبر 1975 إلى ليمان طرة، وقام بضرب معول في جدار في الليمان، في إشارة إلى شروعه في هدمه. وقال «أتيت إلى سجن طرة لكي أعلن سقوط الإجراءات الاستثنائية، يسعدني أن التقي بزملاء كفاح كعبدالفتاح».
الجدير بالذكر أن عبدالفتاح عنايت أودع سيرته الذاتية في كتاب «قصة كفاح، ذكريات وتجارب»، وألّف كتاب «الشدائد كيف تصنع رجالاً»، وترجم كتاباً عن الإنجليزية بعنوان «كيف غدر الإنجليز بمصر»، كما ختم حياته بتشكيل جمعية «تخليد أبطال مصر» لتكريم الأبطال الوطنيين.
• أشارت ابتسام عنايت إلى أن «الشعب المصري تبادرت إلى ذهنه ذكرى مذبحة دنشواي، بعد أن قُبض على ثمانية متهمين، وحُكم عليهم جميعاً بالإعدام، ومن ضمنهم عبدالفتاح وعبدالحميد عنايت، فخرجت التظاهرات تندد بالمحاكمة، فتم تنفيذ الحكم في المتهمين من الثاني إلى الثامن».