كانت عائلة المواطن الليبي علام سعداوي، تخطط لحفل زفافه منذ أسابيع. اشترى والده أطباقاً فضية للطعام وأكواباً جديدة للشاي. تتذكر عائلة علام اللحظات السعيدة التي سادت المنزل مساء الأحد. كانت غرف المنزل مكتظة بالأقارب، وكان الأطفال متحمسين لرؤية أبناء عمومتهم، والكبار يستعدون لتحضير الوليمة. ذبحوا 13 خروفاً لحفل الزفاف الذي كان من المقرر عقده يوم الخميس، وعندما حل المساء أشعلوا الشواء وأكلوا معاً تحت أشجار الرمان في فناء منزلهم. داخل المنزل توهجت فوانيس الاحتفال المتدلية من السقف، وجلس أبناء العمومة الأصغر سناً على الكراسي بملابسهم الاحتفالية. كان شقيق علام الأكبر (نجم)، يقوم بمهامه الأخيرة في سيارته عندما بدأ هطول الأمطار.
هطلت الأمطار الغزيرة على أسطح المنازل الخرسانية المسطحة وبساتينها الخضراء الواسعة. وفي الساعة 11:30 مساءً، تدفقت المياه على الوادي ودخلت عبر بواباتهم الأمامية. (نزار شقيق علام – 40 عاماً)، يتذكر، قائلاً: «لقد حدث ذلك في ثوانٍ». انطفأت الأضواء وتوقفت الموسيقى فجأة، وصمت الأطفال من الخوف.
داخل منزل عائلة السعداوي، كان الجميع يحاول الصعود إلى أعلى المنزل، كلما ارتفع منسوب المياه في المنزل. يقول نزار: «كنا نمسك بالأطفال وندفعهم إلى أعلى المنزل». وصل الجميع إلى الطابق العلوي، وارتفعت المياه لتصل إلى رقابهم. قال علام: «إنه والرجال الآخرون حملوا الأطفال فوق رؤوسهم. كان الجيران يصرخون من فوق أسطح المنازل، في تلك اللحظة جرفت المياه أسرة مكونة من ستة أفراد. وكان العريس متأكداً بعد ذلك أنه سيموت».
يتذكر نزار أنه تم إنقاذهم عندما انهار جدار المطبخ، واندفعت المياه إلى الفناء الذي كانوا يتناولون فيه الطعام. انحسرت المياه ببطء، واستقرت أواني الزفاف والمقالي والفوانيس برفق على الأرض الموحلة. قال أحد الأصدقاء إن «الأمر كان كما لو أن هناك روحاً شرسة قد غادرت الغرفة. كان نزار مصاباً بالصدمة، يضرب رأسه بيديه، ويتذكر لقد بدا الأمر وكأنه حلم».
يوم الجمعة، تكومت جميع الأغراض في فناء المنزل، كانت حقيبة الأوراق النقدية التي من المفترض أن تكون هدية الزفاف تجف ببطء على السرير، وتكدست الكراسي القرمزية الحمراء على السطح.
في الثقافة الليبية، يقوم والد العريس تقليدياً بدفع تكاليف حفل الزفاف. يعيش الوالد الآن على انقاض ذكرى يوم كان من المفترض أن يجلب له الفخر. وأضاف أن «اولاده مازالوا على قيد الحياة، وهذا هو الشيء الوحيد الذي يبعث فيه الفرح». قال وهو ينظر من خلال جدار المطبخ المتهدم وفناء المنزل: «هذه الأشياء لن تعني لي شيئاً إذا أصيبوا».
مع اقتراب فصل الشتاء، سيتعين عليهم إصلاح المنزل، لكنهم لا يعرفون كيف سيتحملون تكاليف ذلك. قال نجم: «لا نحصل إلا على رواتب شهرية، سنظل في هذا المنزل كما هو».
الصور الفوتوغرافية التي تم التقاطها لمنزل سعداوي بعد الكارثة تظهر فيها الجدران البيضاء ملطخة باللون الأحمر جرّاء بصمات الأيدي الموحلة بالطين، والتي تركها ضيوف الحفل وراءهم، متمسكين بحياتهم العزيزة عندما ارتفعت مياه الفيضانات من حولهم.
كان العريس علام يتعافى في مدينة قريبة عندما زار مراسلو صحيفة «واشنطن بوست» المنزل. وكانت العروس مع عائلتها. لم يحتفلوا بيوم زفافهما قط. وقال نزار وهو يقف فوق ما تبقى من مطبخهم: «أصبحنا نخاف من المطر الآن».