حذّرت إدارات مدرسية من استخدام الطلبة المفرط للتكنولوجيا وزيادة الوقت الذي يقضونه أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، لافتة إلى تكوين طلبة علاقات صداقة خطرة مع آخرين من خلال الإنترنت، من دون أن يعلم ذووهم عنهم.
ودعت المدارس ذوي الطلبة إلى فرض رقابة قوية على نشاط أطفالهم على شبكة الإنترنت، نظراً لزيادة المخاطر التي قد يتعرضون لها، وفي مقدمتها الاصطياد، والتنمّر الإلكتروني.
ولفت معلمون إلى إمكان تضمين المناهج سبل الحفاظ على الأمن أثناء استخدام الطلبة للإنترنت، خصوصاً أن التعليم حالياً مرتبط ارتباطاً وثيقاً بشبكة الإنترنت.
في المقابل، أكدت دائرة التعليم والمعرفة، ضرورة استخدام المدارس نظاماً لتنقية مواقع الشبكة العالمية للمعلومات بهدف مراقبة استخدام الطلبة للإنترنت، وضمان حمايتهم من المواد التي لا تتفق مع الأخلاق والآداب والنظام العام.
وتفصيلاً، أرسلت مدارس خاصة رسائل إلى ذوي الطلبة أبلغتهم بتنظيم محاضرات توعية لكيفية متابعة أنشطة أطفالهم على شبكة الإنترنت بعد ملاحظتها تعرّض طلبة لمحاولات تنمّر واصطياد إلكتروني.
وأكدت أنها تؤمن بأنه «ليس هناك مفر من الاعتماد على الإنترنت في أشياء كثيرة في حياتنا الحقيقية، وبشكل عام تتحول الحياة على الإنترنت بسرعة كبيرة من تجربة إيجابية إلى تجربة سلبية، وتصبح خطيرة في بعض الحالات، لذا يرجى التأكد من أنكم تراقبون حياة أطفالكم على الإنترنت».
وحذرت المدارس من أن قوانين الجرائم الإلكترونية في دولة الإمارات صارمة، وتتضمن كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ولا تنطبق قوانين الجرائم الإلكترونية على البالغين فقط، بل على الأطفال أيضاً.
وأكد معلمون واختصاصيون اجتماعيون، أحمد عبدالله، وياسر لطفي، ومروة خالد، وميار شاهين، وندى زاهر، أهمية متابعة ذوي الطلبة نشاط أطفالهم على الإنترنت، وتعلّم التقنيات التي تساعدهم على ذلك، محذرين من أن بعض سلوكيات الأطفال، مثل مشاركة معلوماتهم الشخصية، واستخدام الألعاب المخصصة للفئات العمرية الأكبر، واحتمال تعرّضهم للمضايقات والإساءة قد تجعلهم عرضة لأخطار مختلفة.
وشددوا على اهتمام المدارس بمختلف مناهجها بتدريس سبل الحفاظ على الأمن أثناء استخدام الطلبة للإنترنت، وتنظيم محاضرات توعية دورية للآباء، لإطلاعهم على ضرورة متابعة أطفالهم على مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وكيفية التعامل مع البرامج الحديثة التي تساعدهم على ذلك، لافتين إلى أن «العديد من الطلبة كوّنوا صداقات حقيقية مع آخرين من خلال الإنترنت والتقوا بهم في الحقيقة دون أن يعلم ذووهم عن هذه اللقاءات، ما يشكل خطورة على الطلبة في حال شكّل الأصدقاء مصدر تهديد لهم، خصوصاً أن هذا الأمر لا يتم اكتشافه في بداية الصداقة».
ودعا اختصاصيون في تقنية المعلومات والأمن الإلكتروني، علاء فراج، ومحمد إبراهيم، وميسون شحادة، إلى تزويد الأطفال بالمعرفة اللازمة ليتمكّنوا من استخدام الإنترنت بالشكل الصحيح، والاستفادة منه إلى أقصى حدود، وذلك عبر تعليمهم وتدريبهم على أساسيات المواطنة الرقمية والسلامة الإلكترونية حتى يتمكّنوا من استكشاف عالم الإنترنت بثقة وأمان، مشيرين إلى أنه من المهم أن يعرف الأطفال أن ليس كل ما يجدونه على الإنترنت حقيقياً، ولذلك يُعتبر التمييز بين ما هو حقيقي وما هو زائف على الإنترنت من أهم الدروس لتحقيق السلامة الرقمية.
وشددوا على أهمية تفعيل وظيفة «البحث الآمن» على أجهزة أطفالهم، والتي تسمح بتحديد المحتوى الذي يمكن لأطفالهم الوصول إليه أثناء اتصالهم بالإنترنت، وضبط إعدادات الخصوصية الآمنة على التطبيقات والألعاب الإلكترونية، وتغطية كاميرات الويب عند عدم استخدامها، واستكشاف مواقع الويب ووسائل التواصل الاجتماعي والألعاب والتطبيقات مع أطفالهم، ومساعدتهم على تعلّم كيفية الحفاظ على خصوصية المعلومات الشخصية، خصوصاً من الغرباء، وأن يحترموا دائماً المعلومات الشخصية للأصدقاء والعائلة، وألّا يشاركوا أي معلومات عن الآخرين قد تسبب لهم أي إحراج أو أذى، والانتباه لبعض العلامات لدى الأطفال التي تشكل ناقوس خطر، أبرزها الضيق عند الطفل مثل الانسحاب أو الانزعاج أو الهوس الشديد بالأنشطة عبر الإنترنت، إضافة إلى تعزيز التواصل المفتوح والحوار الإيجابي الداعم مع أطفالهم.
وأشاروا إلى أن مدارسهم توفر للطلبة تجارب تعلّم تفاعلية حول السلامة الإلكترونية والمواطنة الرقمية تشجعهم من خلالها على الاستعانة بمهاراتهم وتعزيز خبراتهم، لمواجهة عمليات الاختراق والتصيّد الاحتيالي والتنمّر والمشاركة المفرطة على الإنترنت، وذلك عبر مجموعة من الأنشطة الصفية وأوراق العمل التي تتماشى مع خططهم المدرسية الخاصة بأمن الطلبة الإلكتروني.
وأكدت الأخصائية النفسية في نيابة الأسرة والطفل بأبوظبي، هند البدواوي، ضرورة اكتشاف احتياجات الأبناء من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وإشباعها بطرق بديلة، لاسيما مع اتباع الوسائل الملائمة لتقبل الأخطاء واحتوائها بأفضل الممارسات والأمور التي يجب تفاديها، بما يضمن تعديل السلوك بالطريقة الصحيحة، ويحقق تنشئة سليمة تعود بالنفع والفائدة على الفرد والمجتمع.
ولفتت إلى أهمية المسؤولية الملقاة على عاتق الأسرة في تربية الأبناء وفق الأسس المتينة التي يستند عليها البناء التربوي لرعاية الطفل وحمايته من المخاطر في ظل الانتشار الواسع للتقنيات الحديثة، مع الاهتمام بالتواصل المستمر وإشباع الحاجات النفسية للطفل، والتركيز على الاحتمالات الممكنة لعدم تحقيقها، وانعكاسها في سلوكيات غير مقبولة في الأسرة.
وقالت دائرة التعليم والمعرفة في «دليل سياسات المدارس الخاصة» إن المدارس ملزمة بواجبها نحو حماية الطلبة من المحتويات المنافية للأخلاق، وغير اللائقة، وغير المرغوب فيها على شبكة الإنترنت، ومنع الوصول إلى المواقع التي تحتوي على مثل هذه المواد، وتثقيف الطلبة حول الاستخدام السليم للإنترنت وتبادل المعلومات الشخصية، ونشر الممارسات الجيدة في مجال الاستخدام الآمن لأنظمة الإنترنت.
جدير بالذكر، أن هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة أعلنت في نوفمبر الماضي، أن نحو 66% من الأسر في الإمارات لا تفرض قيوداً على المحتوى الذي يتعرض له أطفالها على منصات التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت، وأن تأثير الصورة على الأطفال، يترتب عليه العديد من الآثار النمائية، منها تراجع رغبة الطفل في تناول الطعام بسبب الحزن أو الخوف وقلق الطفل من الذهاب إلى المدرسة، أو المشاركة في الأنشطة اللاصفية، وقد يعاني الطفل لاحقاً من صعوبات في التعلم، نظراً لارتباط التعلم بصحته النفسية، لافتة إلى أن الأطفال في أبوظبي يقضون وقتاً أطول على الأجهزة الإلكترونية، مثل (التلفاز والهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والكمبيوتر).
سياسة حماية الطلبة من أخطار الإنترنت
دعت دائرة التعليم والمعرفة المدارس إلى وضع مجموعة من الإجراءات لاتّباعها بغرض الإبلاغ الفوري والاستجابة لأي إساءة استخدام للتكنولوجيا يتم اكتشافها، أو لأي سلوك غير لائق أثناء الجلسات الإلكترونية، مضيفة أن المدارس ملزمة بالإبلاغ عن حالات سوء معاملة الأطفال، ويجب عليها الإبلاغ عن أي حالات مشتبه فيها، أو مؤكدة، لسوء معاملة الأطفال في المنزل أو المدرسة، إلى مركز حماية الطفل – وزارة الداخلية، مشيرة إلى توفير الموارد وتنظيم حملات التوعية لتثقيف الطلبة حول التنمّر الإلكتروني (سواء كضحية أو العكس) وطرق الحماية والتوقف عن التنمّر.
وبينت الدائرة في سياسة «الحماية من أخطار الشبكة العالمية للمعلومات»، ضرورة استخدام المدارس نظاماً لتنقية مواقع الشبكة العالمية للمعلومات بهدف مراقبة استخدام الطلبة للإنترنت، وضمان حمايتهم من المواد التي لا تتفق مع الأخلاق والآداب والنظام العام، ومنع مشاهدة أي مواد غير لائقة أو تحميلها، وقيام المعلمين وأمناء المكتبات بدور فاعل في حماية الطلبة من مخاطر الإنترنت، ومراقبة المواقع الإلكترونية التي يدخلها الطلبة.
«دائرة التعليم والمعرفة دعت إلى استخدام نظام لتنقية شبكة المعلومات من المواد التي لا تتفق مع الأخلاق».
«قوانين الجرائم الإلكترونية في الإمارات صارمة.. ولا تطبّق على البالغين فقط، بل على الأطفال أيضاً».