في أعقاب انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2019، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية المنتخبة في حينه، أورسولا فون دير لاين، لأعضاء البرلمان الأوروبي «إذا كان هناك مجال واحد يحتاج فيه العالم إلى قيادتنا، فهو حماية مناخنا، وليس لدينا لحظة لنضيعها، وليس لدينا مجال واحد يحتاج فيه العالم إلى قيادتنا، وكلما تحركت أوروبا بشكل أسرع، كانت الفائدة أكبر لمواطنينا وقدرتنا التنافسية وازدهارنا».
وبعد مرور خمس سنوات، لايزال ما ذكرته فون دير لاين صحيحاً، بل إن الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة أصبحت أعظم. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأسبوع الماضي، من أن العالم يواجه «أزمة مناخية»، في إشارة إلى بيانات جديدة تكشف أن عتبة 1.5 درجة مئوية الحاسمة للحرارة العالمية قد تم تجاوزها خلال العام الماضي. ولكن سياسات العمل المناخي في أوروبا تتحرك في الاتجاه الخطأ بسرعة مثيرة للقلق.
وركزت التعليقات على استطلاعات الرأي الأوروبية التي جرت نهاية الأسبوع الماضي على صعود اليمين المتطرف، الذي شوهد بشكل أكثر إثارة في فرنسا. ولكنها كانت أيضاً ليلة صعبة بالنسبة لأحزاب الخضر، التي شهدت انخفاضاً في حصتها من الأصوات بأكثر من الربع. وتمكن حزب الخُضر الفرنسي بصعوبة من تجاوز عتبة الـ5% المطلوبة لإرسال أعضاء من حزبه إلى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ. وفي ألمانيا، التي يشكل فيها حزب الخضر جزءاً من الحكومة الائتلافية، انخفضت أصواته الانتخابية إلى النصف تقريباً لتصل إلى 12%. ويمكن لهذين الحزبين معاً أن يقرعا أجراس الإنذار فيما يتعلق بالصفقة الخضراء لأوروبا، والتي توشك على الدخول في مرحلتها الأكثر تحدياً وحساسية من الناحية السياسية.
وستكون المفوضية الأوروبية الجديدة، التي ستقودها، على الأغلب، مرة ثانية فون دير لاين مسؤولة عن تشريع مسار يؤدي إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 90% بحلول عام 2040. وسيشمل ذلك التحول في مجالات مثل الإسكان والنقل، ولها تأثير مباشر في الحياة اليومية. ومع بقاء الموجة الأخيرة من احتجاجات المزارعين ماثلة في الأذهان، يبقى الخطر القائم هو أن التدابير المخففة بالفعل سيتم تخفيفها أكثر، خوفاً من ردة فعل شعبية عنيفة.
وسيواصل زعماء اليمين المتطرف استخدام نفوذهم المتنامي لإثارة هذه الثورة اليمينية.
وإذا كان لابد من ضمان مستقبل الصفقة الخضراء لأوروبا، فلابد من إجراء تغيير تدريجي، كما أن التعامل مع التحديات المتنافسة الهائلة، مثل دعم مقاومة أوكرانيا لروسيا، يستنزف إمكانات بروكسل. وعلى الرغم من أن العمل على تخفيف حالة الطوارئ المناخية يظل أولوية بالنسبة للناخبين في جميع أنحاء القارة، إلا أن انعدام الأمن الاقتصادي هو في مقدمة الأولويات. وفي سياق هذا القلق، بدأت المعارضة الزائفة بين السياسات المؤيدة للبيئة وتلك الداعمة للنمو تكتسب أرضية خطابية.
ولن يتم التغلب على هذه المعضلات عن طريق السياسة، كما هي العادة المتبعة في بروكسل. ويظل النفوذ المشترك للقوى التقدمية في البرلمان الأوروبي الجديد كبيراً. وينبغي استخدامه لتغيير شروط التعامل مع اليمين المتطرف ورفاقه.
وسيسمح وجود ميزانية أوروبية كبيرة، مقترنة بالاقتراض المشترك لتمويل الاستثمارات التي تغير قواعد اللعبة، للصفقة الخضراء، بأن تصبح حافزاً واضحاً للنمو الاقتصادي. وستسمح أيضاً بتقديم مستويات الدعم الضرورية للعائلات والشركات الصغيرة التي تتنقل في التغييرات القادمة. وسيكون البديل لذلك هو أوروبا التي تتنصل من مسؤولياتها العالمية، في حين تتشدق بأهداف تتعلق مستويات انبعاث صفر كربون. وكما قال غوتيريش، فقد آن أوان «الأزمة المناخية».