كان سوق العمل في الولايات المتحدة قوياً بشكل ملحوظ، حتى في مواجهة الأزمات الاقتصادية الأخرى. وأضاف الاقتصاد نحو 517 ألف وظيفة في يناير الماضي، وفقاً لمكتب إحصاءات العمل، وانخفضت البطالة إلى 3.4%، وهو مستوى منخفض لم تشهده البلاد منذ 50 عاماً.
ومع ذلك، كان هناك انتشار لحالات تسريح عمال على نطاق واسع في الأشهر الأخيرة، وحدث بعض أعمق التخفيضات في قطاعي التكنولوجيا والإعلام: «مايكروسوفت»، و«أمازون»، و«إتش بي»، والشركات الأم لـ«غوغل» و«فيس بوك»، حيث أشار كل منها إلى خطط لخفض آلاف عدة من الموظفين، في وقت انضمت فيه شركة «بوينغ» لتصنيع الطائرات إلى القائمة، كما تقلّص شركات في صناعات أخرى نفقاتها، بما في ذلك «غولدمان ساكس»، و«فورد».
وقال كبير الاقتصاديين في موقع التوظيف «غلاسدور»، آرون تيرازاس، إن هناك ثلاثة أنواع من الشركات تُسرّح الموظفين حالياً، الأول هو الشركات التي أصبحت الديون بالنسبة لها أكثر كلفة وسط تشديد «الاحتياطي الفيدرالي»، والنوع الثاني هو الشركات غير المتأكدة من التوقعات الاقتصادية، أما النوع الثالث فهو الشركات التي تستخدم المناخ الاقتصادي ذريعة لخفض عدد الموظفين الذين كانوا سيتركونها على أي حال.
وأضاف تيرازاس: «الشركات الخارجة من جائحة (كورونا) يجب أن تحتفظ بالموظفين، فضلاً عن الاستثمار وسلسلة التوريد».
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، إن الشركة الأم «ألفابت» ستلغي 12 ألف وظيفة، لافتاً إلى أن تخفيضات الوظائف، المقدر أن تكون 6% من القوى العاملة، ستحدث في جميع أنحاء الشركة. وأكد أن القرار جاء بعد «مراجعة صارمة».
كما أعلنت شركة التجارة الإلكترونية العملاقة «أمازون»، ومقرها «سياتل» في نوفمبر 2022، عن خطط لخفض نحو 10 آلاف وظيفة، ورفعت هذا المجموع إلى 18 ألفاً في يناير. ويبدو أن التخفيض هو الأكبر في عقد من التوسع شبه المستمر، مع أكثر من 1.5 مليون موظف في نهاية سبتمبر الماضي.
كما أعلنت الشركة الأم لـ«فيس بوك» عن خطط لإلغاء 11 ألف وظيفة، أو 13% من قوتها العاملة، في محاولة لكبح النفقات، والتركيز على تحويل أعمالها الإعلانية. وسلطت التخفيضات الضوء على فترة جديدة مضطربة في «وادي السيليكون»، الذي يُنظر إلى عمالقة التكنولوجيا فيه منذ فترة طويلة على أنهم مقاومون للركود.
وقال مؤسس الشركة، مارك زوكربيرغ، إن الانخفاض في التسوق عبر الإنترنت والمنافسة الإعلانية أدى إلى انخفاض في الإيرادات. في السياق ذاته، كشفت «مايكروسوفت» في يناير الماضي أنها تخطط لتسريح 10 آلاف موظف، كجزء من خطة إعادة الهيكلة للتركيز على مجالات النمو، وتهيئة الشركة للانكماش الاقتصادي.