قصص مأساوية، وصور محزنة، ومشاهد تمزق القلوب، لسوريين كُتبت لهم النجاة بإنقاذهم من تحت الأنقاض، أو بالهروب من منازلهم التي دمرها الزلزال تاركين خلفهم كل شيء.. ثوان ودقائق معدودة كانت كفيلة أن تدفع بهمنحو المجهول، رجالاً ونساء وأطفالاً.
بين ليلة وضُحاها تبدّلت أحوالهم، بالأمس القريب كانوا مُستقرين داخل بيوتهم آمنين، مطمئنين رفقة عائلاتهم، والآن بلا مأوى في الشوارع يعانون شدة البرد، والبعض الآخر في المستشفيات يتلقى العلاج من الإصابات وهول الصدمة.
الناجون من الزلزال يبكون بحرقة فراق أحبائهم ويحتضنون ما تبقى منهم لمواساتهم، ولم يعد أمامهم الآن سوى البحث عن خيمة تأويهم من البرد الشديد، تضم الغني والفقير، فالجميع باتوا سواسية أمام الدمار الذي حلّ بهم جراء الزلزال سواء كانوا في بلدهم أو من اختاروا الهجرة في تركيا، فالمصير واحد والجميع تساوى في المعاناة، كلهم يعيشون داخل مراكز إيواء، الطرفان بات هدفهما هو البحث عن خيمة ونقطة مياه وقطعة خبز من أجل العيش.
ونجد المعاناة أكثر صعوبة على الصغار وكبار السن، نتيجة نقص حليب الأطفال والأدوية اللازمة لكبار السن، وجميع مراكز الإيواء التي تمّ إنشاؤها تفتقر إلى مقومات الحياة من وسائل التدفئة أو المياه أو الصرف الصحي، إضافة إلى افتقارها لأي وسائل حماية للأطفال من مطر وبرد الشتاء.
لقد خلف زلزال السادس من فبراير في سورية قصصاً إنسانية وأزمات نفسية كثيرة طالت الناجين من هول الكارثة، قد تلازم بعضهم طوال حياته، وستظلالمشاهد المؤثرة لصور أطفال انتشلوا أحياء من تحت ركام منازلهم، عالقة في أذهان كل من شاهدها بعد أن تصدرت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
من أمثلة هؤلاء الطفلة السورية هناء الراقدة في أحد مستشفيات بلدة معرة مصرين في شمال إدلب حيث تتلقى العلاج، والتي لا تكلّ عن السؤال يومياً عن والديها وشقيقتها الصغرى، من دون أن تعلم أنها الناجية الوحيدة من عائلتها بعد الزلزال المدمر.
وفي بلدة حارم، حيث دمّر الزلزال 35 مبنى على الأقل، نجا الطفل ألب البالغ ثلاث سنوات بأعجوبة، بعد بقائه 40 ساعة تحت أنقاض منزل عائلته التي توفي جميع أفرادها.
ويصف خال الطفل الراقد في مستشفى للأطفال في سرمدا بتأثر كيف تمّ العثور على زوج شقيقته وهو يحضن الطفل ويحميه بجسده بينما يمسك بطفليه الآخرين فيما شقيقته على بعد مترين عنهم.
وحسب مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة يعاني ملايين الأشخاص في سورية من التشرد والنزوح بسبب الزلزال، من بينهم عدد كبير من النساء والأطفال والرضع والنساء الحوامل.