أنعش قرب انطلاق العام الدراسي الجديد، سوق الدروس الخصوصية، إذ بلغ متوسط سعر الحصة الواحدة للطالب 250 درهماً، حيث يتقاضى المعلم ما بين 800 و1500 درهم للمادة الواحدة خصوصاً في المواد العلمية حسب الاتفاق، وساعد على ذلك انتشار «سماسرة التعليم» الذين يقومون بتوفير معلمين وأماكن لتلقي الدروس ويتولون تكوين مجموعات الطلبة لصالح المعلمين مقابل نسبة من «الكعكة» التي لا تنضب.
وتفصيلاً، كثّف معلمون من دعاياتهم الخاصة بالدروس الخصوصية، عبر الرسائل النصية، وعلى الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى بطاقات دعاية توضع على نوافذ المركبات وفي مداخل البنايات في المناطق المحيطة بالمدارس، لإغراء الطلبة وذويهم بعروض وخصومات خاصة في حال التسجيل قبل بداية العام الأكاديمي.
فيما أفرزت المنافسة في سوق الدروس الخصوصية ظهور «سناتر منزلية» يقوم عليها سماسرة للدروس الخصوصية يتولون توفير مكان لتلقي الدرس، والاتفاق مع المعلمين، وتجميع الطلبة والاتفاق معهم على الأسعار، بالإضافة إلى قيام بعضهم بتوفير خدمة النقل للطلبة من وإلى المنزل.
«الإمارات اليوم» فتحت نقاشاً مع عدد من أولياء الأمور والمعلمين والتربويين للتعرف إلى كيفية تعاملهم مع ظاهرة الدروس الخصوصية، وما استعداداتهم للعام الدراسي الجديد، بعد رصد قيام حسابات على قروبات التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، و«واتس أب»، و«تليغرام»، يدعي أصحابها أنهم ذوو طلبة يعلنون عن تنظيم مجموعات للدروس الخصوصية، ويروجون لمعلمين بعينهم، ويقومون بتجميع الطلبة، من الصفوف الدراسية كافة.
وأكد ذوو طلبة، محمد ناجي، وميثم إبراهيم، وعلاء الصيرفي، وأمل حسين، أن الدروس الخصوصية باتت نظاماً تعليمياً تكميلياً لدور المدرسة، يتم تجديده سنوياً حتى تخرج الطالب، مشيرين إلى أن حصص التدريس الجماعي يدفع فيها كل طالب للمعلم مبلغاً يراوح بين 100 و200 درهم في الساعة الواحدة، أما المعلم المحجوز بشكل انفرادي فيُدفع له مبلغ يراوح بين 300 و600 درهم حسب الصف الأكاديمي والمادة الدراسي.
فيما أشار ذوو طلبة في الحلقة الأولى، يوسف عبدالله، وحسين البلوشي، ونعمة منصور، إلى أنهم يقومون بالاتفاق مع مدرس خصوصي واحد يقوم بالتدريس لجميع أفراد الأسرة، مع اختلاف صفوفهم الدراسية، بحيث يكون معلم الأسرة الخصوصي براتب شهري، شاملاً جميع المهام التدريسية التي توكل إليه، لكون المناهج لاتزال سهلة ولا تحتاج إلى تخصص دقيق، ومن الجهة الأخرى لتقليل الكُلفة المرتفعة للدروس الخصوصية في حال تكليف معلم لكل مادة، مؤكدين أن أغلبية الأسر من المواطنين والمقيمين باتت تخصص جزءاً من موازناتها الشهرية والسنوية للدروس الخصوصية حتى يحقق أبناؤهم معدلات عالية.
فيما أكد معلمون في مدارس حكومية وخاصة، أحمد نبيل، محمد لقمان، وناصر عبدون، ومنال صلاح الدين، وهادية عبيد، أنه من المعتاد دائماً أن تكون انطلاقة الدروس الخصوصية قبل أسبوعين أو شهر على الأكثر من الدراسة، حيث يبدأ المعلمون في تكثيف دعاياتهم والتواصل مع أولياء الأمور، مشيرين إلى أن كثيراً من ممارسي نشاط الدروس الخصوصية بدأوا بالفعل في الترويج لأنفسهم تحت ستار حاجة الطلبة لإعادة تذكيرهم بما فات والبدء في المقررات الجديدة. وأشاروا إلى أن المعلمين الذين يمارسون نشاط الدروس الخصوصية، يطورون كل عام من وسائل دعايتهم لجذب الطلبة، وبات الاعتماد على الدعاية الذكية هو الأسلوب الأول في جذب الطلبة، فيما ترك بعضهم الدعايات للوسطاء الذين يتولون عملية الإعداد وتكوين المجموعات مقابل نسبة محددة يحصلون عليها.
فيما أرجع تربويون واختصاصيون اجتماعيون حمد منذر، وإبراهيم حماد، ورجاء الفهري، وإيمان عيسي، ومنال عبدالله، اتساع سوق الدروس الخصوصية عاماً بعد عام إلى ميل المجتمع للاعتماد عليها، ما ساعد على انتشار هذه الظاهرة السلبية وباتت الدروس الخصوصية هي الأمر الطبيعي والامتناع عنها أو محاربتها هو المستغرب، خصوصاً أنها تمنحُ إحساساً زائفاً برفع مستوى الأبناء، وساعد على ذلك ضعف المخرجات التعليمية في الكثير من المدارس والتركيز على الشكل الخارجي والأنشطة اللاصفية والترفيهية على حساب المضمون الذي يقدمه المعلمون داخل الصفوف الدراسية، ما ساعد سماسرة التعليم الخصوصي على التمدد وخلق سوق موازية للتعليم النظامي كونوا من خلاله ثروات طائلة مقابل ساعات إضافية يقضونها خارج أسوار المدرسة.
وأشاروا إلى أنه في كثير من الأحيان فإن معلمي الدروس الخصوصية لا يكونون معلمين أصلاً، وإنما سلكوا هذا المجال للأرباح العالية، خصوصاً أن الأمر لا يكلفهم أكثر من خط هاتف محمول، يتلقون عليه المكالمات ويقومون بعقد الاتفاقات سواء مع أولياء الأمور مباشرة أو عبر سماسرة التعليم، وساعدهم في ذلك عدم وجود آلية لدعم الطلبة المتأخرين دراسياً، حيث لا يمكن للمعلم في ظل الأعباء التربوية والأعباء اللاصفية التي يتم تكليفه بها والتزامه بالخطة التعليمية الموضوعة من قبل الإدارة التعليمية تخصيص وقت إضافي للطلبة، كما أنه ملتزم بجدول زمني للانتهاء من المنهاج فلا يمكنه إعادة شرح الدروس للطلبة مرة أخرى.
في المقابل، تواصلت «الإمارات اليوم» مع عدد من سماسرة الدروس الخصوصية، حيث أكدوا قيامهم بتقديم خدمة الوساطة بين المعلمين والطلبة، ويتولون عملية توفير مكان مجهز لتلقي الطلبة للدرس وتنظيم المجموعات الدراسية، كما أنهم يتحملون مسؤولية ضمان سلامة الطلبة، والتزام المعلم بالمواعيد والشرح، مقابل نسبة تراوح بين 20 و25% من قيمة الاشتراك الذي يدفعه الطلبة، لافتين إلى أن كثير من الطلبة يكونون في حاجة إلى درس خصوصي في إحدى المواد، ولكنهم لا يجدون زملاء لهم لتكوين مجموعة، كما أنهم لا يستطيعون تحمل الكُلفة المادية للحصص الفردية، لذا يقوم دورهم على تكوين المجموعات وترشيح المعلمين المتميزين.
جدير بالذكر، أن الجهات التعليمية الاتحادية والمحلية في الدولة، تحظر على جميع المعلمين المرخصين تقديم دروس خصوصية مدفوعة الأجر للطلبة، وتلزم المعلمين بمساعدة الطلبة أكاديمياً داخل المدرسة وعمل خطط دعم فردية للطلبة المتأخرين دراسياً، وتشدّد على أن المعلمين ملزمون ببذل قصارى جهدهم للعمل مع الطلبة، من خلال استخدام خبراتهم ومهاراتهم في التدريس، وتوجهاتهم التربوية، لضمان تحقيق التقدم وتحصيل النتائج المثلى من الجميع، بجانب التزامهم باتخاذ مبادرات التطوير المهني ذات الصلة لتحسين أدائهم.
خيارات تغيير المعلم وخدمة توصيل الطلبة
وفرت بعض الدعاية الخاصة بالترويج للدروس الخصوصية أنظمة مختلفة لخدمات الدروس الخصوصية، منها حرية توفير معلم أو معلمة للحصص الفردية، أو للحصص الجماعية التي تبدأ من ثلاثة طلبة وحتى ستة طلبة مع إمكانية توفير خدمة نقل الطلبة وإعادتهم، كما شملت الدعاية توفير عروض الاشتراك بالحصة أو بالشهر أو بالفصل الدراسي، مع إتاحة خصومات للمدد الأطول، وللأصدقاء في حال تكوين مجموعة، كما تضمنت الإعلانات عروضاً تتيح اختيار المعلم والسعر المناسب للمتلقي، وطريقة التدريس سواء كانت أون لاين أو حضورياً أو بنظام الهجين وهو أن يكون الشرح حضورياً والمراجعة والتطبيقات أون لاين، مع إتاحة إمكانية تغيير المعلم والانتقال إلى مجموعة أخرى.
فيما صمم معلمون رسائل تهنئة بالأعياد والمناسبات الدينية يقومون بإرسالها لذوي الطلبة ليضمنوا استمرار التواصل معهم طوال فترة الإجازة، حيث يستقبل الأهالي رسائل منهم للتهنئة بعيد الأضحى وبنهاية العام الأكاديمي وبمناسبة العام الهجري الجديد.
ذوو طلبة: الدروس الخصوصية باتت نظاماً تعليمياً تكميلياً لدور المدرسة.
معلمون: ممارسو الدروس الخصوصية بدأوا في الترويج لأنفسهم تحت ستار حاجة الطلبة.
تربويون: معلمو الدروس الخصوصية ليسوا معلمين أصلاً، إنما سلكوا هذا المجال للأرباح العالية.
250
درهماً متوسط سعر الحصة في العام الأكاديمي الجديد.