ضمن جهودها من أجل تعزيز مفاهيم التسامح والأخوة والإنسانية، أطلقت دولة الإمارات العديد من المبادرات التي تدعم دورها الريادي كداعم رئيس للتسامح والسلام والاستقرار، ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى العربي والإقليمي أيضاً، ومن هذه المبادرات مبادرة «سفراء التسامح»، التي تعد استمراراً للشراكة بين وزارة الخارجية في الإمارات ومركز الشباب العربي تحت مظلة برنامج «القيادات الدبلوماسية العربية الشابة»، وتضم مجموعة من المواهب الشابة من مختلف الدول العربية.
مشاركون في المبادرة أكدوا على ريادة الدور الذي تقوم به الإمارات في نشر قيم التسامح والتعايش بين شباب العالم العربي، معربين لـ«الإمارات اليوم»، على هامش مشاركتهم في المخيم التدريبي المتخصص لمبادرة «سفراء التسامح»، الذي نظمه مركز الشباب العربي بالتعاون مع وزارة الخارجية الأسبوع الماضي في مقر المركز بأبوظبي، عن طموحهم أن يسهموا في نشر ثقافة التسامح في المجتمع، وتحويله من مفهوم إلى سلوك سائد بين الجميع.
كيف تكون مؤثراً؟
وأشارت أشواق المصعبي، التي تعمل في العلاقات الحكومية بمكتب المبعوث الخاص للتغير المناخي، إلى أن المخيم أتاح لها فرصة إثراء معلوماتها، والتعرف إلى وجهات نظر زملاء من الدول العربية حول التسامح، وكيف يمكن تطبيقه في المجتمع، وكيف يمكن للشباب أن يؤثر في مجتمعه، ويثري مفهوم التسامح عبر تجارب جديدة في هذا السياق. موضحة أن التسامح موجود داخل كل إنسان، ولكنه يحتاج للعمل لإبرازه، وأن الأمر يجب أن يبدأ من الفرد، حيث يعمل على تثقيف نفسه، بعدها يتجه ليفيد غيره ويحقق تأثيراً في المحيط الخاص به، ومع الوقت تتسع الدائرة، ويحدث التغيير في المجتمع بكل فئاته.
وأضافت: «كسفيرة للتسامح وشابة إماراتية أحب أن أعكس صورة استلهمتها من قادة دولة الإمارات، وأن أكون انعكاساً لكل ما تربيت عليه وتعلمته؛ فمفهوم التسامح ليس جديداً علينا، فنحن تربينا عليه، ليس فقط في الإمارات، بل في العالم العربي ككل، وهذه البرامج تصقل معرفتنا، وتساعدنا في تقديم صور مشرّفة لدولنا في كل المحافل». وتابعت المصعبي «أيضاً كموظفة في مجال يرتبط باستضافة الإمارات لمؤتمر COP28، يهمني جداً أن أعكس صورة دولتي في هذا المؤتمر أمام ممثلي الدول المشاركة من مختلف أنحاء العالم، ومن خلال خبرتي البسيطة التي اكتسبتها عبر مشاركتي في النسخة 27 من المؤتمر، أدركت أن الشباب في العالم كله لهم الاحتياجات نفسها، وأهمها الشعور بالأمان والتقدير، وأن ننظر للمستقبل بتفاؤل، ونحصل على الدعم لتحقيق طموحاتنا، كما فهمت مدى أهمية الملتقيات الشبابية لنكتسب القدرة على تفهم وجهات نظر مختلفة من أشخاص من مختلف الخلفيات الثقافية والعرقية، بما يثري خبراتنا في الحياة عموماً».
تعزيز قيم التعايش
من جانبه، أشار المهندس أحمد المطوع، الذي شارك في تمثيل الإمارات في عدد من المحافل والفعاليات الدولية، مثل منظمة اليونيسف و«إكسبو 2020 دبي»، إلى أهمية مبادرة «سفراء التسامح»، خصوصاً أنها تأتي بالتعاون بين مركز الشباب العربي ووزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات، وأكاديمية أنور قرقاش، إضافةً إلى مؤسسات دولية وعربية أخرى، وتهدف إلى تعزيز قيم التسامح والتعايش بين الشباب في المجتمعات العربية، وتعزيز مبادئ الأخوة الإنسانية والتسامح بين الشباب العربي من خلال تنظيم أنشطة وورش عمل مشتركة، مثل مخيم تدريبي للشباب العربي. لافتاً إلى أن «هذه المبادرات تسهم في صقل قدرات المشاركين فيها، ومدهم بالمعرفة والخبرة للمشاركة بفاعلية في محافل دولية وإقليمية مختلفة، وزيادة الوعي لديهم بأهمية السلام والتسامح، إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات للشباب المؤثر في مجال السلام والاستقرار الدولي». وبشكل عام، كما يرى المطوع «تعمل المبادرة على تمكين الشباب العربي وتعزيز التفاهم والتعايش والسلام في مجتمعاتهم».
أبواب جديدة للمعرفة
وأعرب عضو سفراء التسامح في مركز الشباب العربي، محمد عبدالكريم أهلي، عن سعادته للمشاركة في المبادرة، التي وصفها بالفرصة المهمة له ولكل المشاركين فيها، موضحاً أنها فتحت له أبواباً بحثية جديدة في التسامح، بصفته باحث ماجستير في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، في مساق فقه الخطاب الشرعي، ولديه أبحاث في مجال التسامح، كذلك شجعته للقيام بأبحاث في الجامعة، ومع مجلس حكماء المسلمين، إلى جانب استفادته منها في عمله كمدرس لمرحلة عمرية حساسة جداً من الصف الثالث للخامس الابتدائي، لأنها مرحلة تأسيس فكر الطفل وسلوكه تجاه المجتمع، وأطفال اليوم هم شباب المستقبل الذين سيحملون مسؤولية الوطن.
وعن الأهداف التي يسعى لتحقيقها كسفير للتسامح، أشار إلى أنها مستمدة من نهج المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، التي جعلت دولة الإمارات سبّاقة في مجال التسامح، حيث شهدت توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في 2019، في أبوظبي، بحضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وهو إنجاز مهم ورسالة تسامح وتعايش للعالم أجمع. مضيفاً: «كسفير للتسامح رسالتي هي رسالة الإمارات التي تجمع على أرضها بين الجميع، بغض النظر عن الجنسيات والأعراق، وطموحي أن يتحول التسامح من مفهوم إلى سلوك فعلي على الأرض في المجتمع، خصوصاً بين الأطفال والشباب».
واعتبر أهلي أن أكبر عقبة أمام نشر فكر التسامح هي الجهل، لأن الجاهل من الصعب أن يدخل في نقاش منطقي منفتح، إلى جانب خطاب الكراهية الذي يصدّره البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
رد الجميل للوطن
من ناحيته، أشار أحمد النعيمي، الذي شارك من قبل في برنامج الشيخ محمد بن زايد لسفراء شباب الإمارات في 2012، إلى أن هذه المبادرات تركز على تمكين الشباب، وجعلهم قادرين على التواصل مع مختلف شعوب العالم، لافتاً إلى أن مشاركته في سفراء التسامح أسهمت في ترسيخ قيمة التسامح لديه، وتعلم كيف يمكن أن يشارك في نشر هذه القيم في المجتمع.
وأعرب عن طموحه ليتمكن كسفير للتسامح من أن يسهم بفاعلية في الجهود الجبارة التي تبذلها الدول العربية في ترسيخ قيم التسامح وتقبل الآخر، وأن يشجع الشباب على تطوير مهاراتهم، واكتساب مهارات جديدة، إلى جانب الاستمرار في التواصل مع سفراء للتسامح من دول مختلفة. مضيفاً: «علينا أن ننتهز كل فرصة تتاح لنا للتعلم وتطوير مهاراتنا من أجل خدمة المجتمع وتحقيق طموحاتنا الشخصية، وقد ساهمت مشاركتي في مبادرات وطنية مختلفة في بناء شخصيتي، واكتساب خبرات واسعة»، وتابع النعيمي «أسعى لرد الجميل لوطني عبر المشاركة في توعية الشباب، وتنمية المجتمع، وترسيخ قيم التسامح لدى الجميع، خصوصاً لدى الأطفال والنشء حتى يصبح جزءاً من تفكيرهم وسلوكهم». واعتبر أنه يمكن التغلب على العقبات أمام نشر فكر التسامح عبر الإصرار والمثابرة والمحاولة المستمرة بأساليب مختلفة «فبعد الفشل يأتي النجاح».
• مشاركون في المبادرة أكدوا على ريادة الدور الذي تقوم به الإمارات في نشر قيم التسامح والتعايش بين شباب العالم العربي.