رصدت «الإمارات اليوم» ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار «حج البدل» هذا العام، راوح ما بين 500 و1000 درهم، على مستوى معظم الجمعيات والمؤسسات الخيرية المعنية بتقديم هذه الخدمة داخل الدولة، لتتجاوز قيمته الإجمالية 3000 درهم عن الشخص الواحد، بعد أن كانت في السابق تبدأ من 1200 درهم ولا تزيد على 2500 درهم بحد أقصى.
وتُجيز الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، إمكان أداء حج البدل عن الأقارب المتوفين أو المرضى الذين لم تسعفهم الظروف لأداء فريضة الحج، فيما تعد هذه الخدمة أحد أبرز المشروعات والبرامج لعدد من الجمعيات الخيرية المعتمدة في الدولة، كونه يقدم خدمة أداء ركن أساسي من أركان الإسلام، لأناس فارقوا الحياة دون أدائه، أو تحول ظروفهم الصحية القهرية والمستمرة دون التوجه إلى الأراضي المقدسة.
ووفقاً لإعلانات نشرتها جمعية الإحسان الخيرية وهيئة الأعمال الخيرية العالمية، على صفحتيهما الرسمية ومنصات التواصل الاجتماعي، يتم قبول أداء حج البدل عن المتوفين والمرضى وأصحاب الهمم الذين لم تسعفهم الظروف لأداء فريضة الحج، من خلال تكليف أشخاص من أهل الثقة المقيمين في مكة المكرمة، بأداء هذا الركن بالإنابة عن طالبي حج البدل المنطبقة عليهم الشروط، على أن يتم تسليم طالبي الخدمة شهادات معتمدة بعد تأدية مناسك الحج معتمدة، تحمل اسم الشخص طالب الحج، وكذلك اسم الشخص الذي حج عنه، مع توثيق أركان الحج الأربعة بالفيديو وإرسالها للمتقدمين.
وأرجع مسؤولون في جمعيات خيرية، فضّلوا عدم ذكر أسمائهم، ارتفاع أسعار حج البدل إلى سببين رئيسين، الأول تزايد الطلب على هذه الخدمة خلال العامين الأخيرين، ما سبّب ضغطاً على الأشخاص المكلفين بأداء هذا النوع من الحج المقيمين في مكة المكرمة، حيث تتولى بعض الجمعيات الخيرية في الدولة التنسيق مع عدد كبير من طلاب العلوم الشرعية المقيمين في مكة المكرمة، الذين سبق لهم الحج للقيام بهذه المهمة، بينما يتمثل السبب الثاني في محدودية الأعداد المسموح بقبول طلباتها، والتي تتراوح ما بين 600 إلى 1000 طلب لكل مؤسسة خيرية كحد أقصى.
وأكدوا أن حج البدل يحقق فائدتين عظيمتين، أولاهما أداء فريضة الحج عن شخص لم يستطع إليه سبيلاً، وفق شروط وضوابط، بينما الأخرى تتمثل في تقديم الدعم المادي والمساعدات لمن يؤدي فريضة البدل وللمشروعات الخيرية للجمعيات، مشددين على أن الجمعيات الخيرية، ترفض مئات الطلبات من مواطنين ومقيمين لأداء حج البدل، لعدم توافر الشروط الشرعية في مقدمي الطلبات أو لوجود ثمّة تحايل، أو عدم فهم لشروط هذا النوع من الحج، من جانب المتقدمين بالطلبات، لاسيما الأصحاء الذين يلجأون إليه هرباً من ارتفاع أسعار حملات الحج.
وأوضحوا أن هناك ضوابط شرعية مشدّدة لهذا النوع من الحج، إذ أنه لا تُقبل أية معاملات من أشخاص لهم القدرة الصحية على أداء الفريضة، كما أن الجمعيات توفد مندوبين عنها إلى المملكة العربية السعودية، لاختيار من يؤدون الفريضة بدلاً من الذين تعاقدوا معهم، وفق شروط أبرزها حاجتهم إلى المساعدة المالية، وحسن الخلق، بالإضافة إلى أداء الفريضة من قبل، مشيرين إلى أن بعض الأشخاص يسعون إلى طلب حج البدل وفي ظنهم أنه وسيلة زهيدة السعر لتحقيق غاية غالية يتمناها كل مسلم، وهو مفهوم خاطئ يتم توضيحه للأفراد.
فتوى
أفتت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بصحة «حج البدل» وفق شروط اتفقت عليها اللجنة الشرعية بالهيئة، مشددة على أنه لا تصح النيابة في الحج عن الحي القادر مطلقاً.
ووفقاً لفتوى الهيئة فإنه «إذا كان المحجوج عنه ميتاً فتصح النيابة عنه في الحج، والأفضل (إذا لم يوصِ) التصدق عنه بالمال الذي سيصرف في الحج، وإن أوصى بالحج وجب تنفيذ وصيته من ثلث ماله، وحيث صحت النيابة عنه جاز أن يحج عنه أقاربه، أو أن يستنيبوا من يحج عنه»، موضّحة أنه «إذا كان المحجوج عنه حياً قادراً، فلا يجوز أن يستنيب من يحج عنه، وأمّا الحي العاجز فالمعتمد منع النيابة عنه في الحج، باعتبار أن الحج عبادة بدنية، والأصل في العبادات البدنية عدم صحة النيابة فيها».
وقالت: «أما النوع الآخر فهو خاص بالعاجز، حيث أجاز كثير من العلماء الحج والعمرة عن العاجز الذي لا يستطيع الحج لعذر لا يُرجى زواله، من مرض وغيره، أما الحي القادر المستطيع فلا تجوز النيابة عنه في حج الفريضة»، مشيرة إلى أن النيابة في حج التطوع أجازها بعض أهل العلم، ومنعها الأكثر منهم.