هبّ صديقي منزعجاً حين تلقى إشعاراً يفيد بأنه تم اختراق حسابه على منصة «إنستغرام»، وخلال دقائق تلقى رسالة نصية من مجهول يبلغه بكل ود، أنه يسيطر على الحساب الآن، وإذا رغب في إعادته فعليه دفع مبلغ 5000 يورو، فأدرك أن عملية القرصنة تمت من خارج الدولة!
الإشكالية التي يعاني منها الضحية في هذه الحالة، وحالات عدة مماثلة أنه يعتمد كلياً على حسابه في هذه المنصة للترويج لنشاطه التجاري، في ظل أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت واجهة لكثير من الأعمال، أو مصدراً للرزق، لذا تكون الخسائر فادحة وهذا ما يدركه المحتالون الذين يستهدفون هذا النوع من رواد السوشيال ميديا.
هذا النوع من الجرائم أصبح مرعباً، في ظل تطور أساليبها، وانتقالها بسرعة البرق من دولة لأخرى، دون أن يتحمل القرصان أو المحتال مشقة السفر، أو يواجه تحديات القبض عليه، فضلاً عن أن الأرباح التي يستطيع تحقيقها تتجاوز بشكل خيالي ما يمكن أن يجنيه اللص العادي، الذي يترصد منزلاً أو شخصاً لسرقته!
أعرف شخصاً كذلك يعيش في دولة متقدمة، تعرض للاحتيال الإلكتروني بطريقة تثير كثيراً من المخاوف، حيث استخدم القراصنة الذكاء الاصطناعي في محاكاة صوت شقيقه، إقناعه بالإفصاح عن بياناته البنكية السرية!
لم تعد مثل الأساليب بعيدة عنا، إذ تسقط الحواجز والحدود أمام الجريمة الإلكترونية، وهؤلاء المجرمون يتبادلون أفكارهم الشيطانية وخبراتهم عبر منصات ومواقع ينشطون بها فيما يعرف بالشبكات المظلمة «Dark Web».
ويأتي في هذا السياق الأساليب التي حذرت منها الجهات المختصة بالدولة أخيراً من عمليات اختراق عبر روابط مشبوهة غير تقليدية عبر رسائل «واتس أب»، ومنصات تواصل اجتماعي أخرى.
وبشكل عام يتحتم علينا الوعي بالجانب القانوني المتعلق بهذه الجريمة، خصوصاً وأن المشرع الإماراتي يحرص بشكل دوري على تحديث القوانين ذات الصلة لردع هؤلاء المجرمين..
ونظراً لخطورة هذه الجريمة تناولها المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية في مواد عدة، بداية من المادة الثانية بالفصل الأول في الباب الأول، التي تنص على أنه يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 100 ألف درهم ولا تزيد على 300 ألف درهم أو بإحدى العقوبتين، كل من اخترق موقعاً إلكترونياً أو نظام معلومات أو وسيلة تقنية، وتصل الغرامة إلى 500 ألف درهم إذا ترتب على الاختراق تدمير أو إيقاف عن العمل أو أضرار أخرى مثل حذف أو إفشاء أو إتلاف أو تغيير أو نسخ، وتتدرج العقوبة إلى الحبس عاماً إذا كان الاختراق بغرض الحصول على البيانات أو المعلومات لتحقيق غرض غير مشروع..
الدولة لا تدخر جهداً في تأمين البنية الرقمية للحكومة والمؤسسات والأفراد، كما تتوافر جهات عدة لمكافحة هذه الجريمة، لكن – مع اعترافي بصعوبة الأمر- يجب أن نثقف أنفسنا باستمرار وندرك أن ما تعلمناه بالأمس لا يمكن أن يكون صالحاً لليوم أو الغد، في ظل التطور المخيف لهذه الأساليب الإجرامية.
محكم ومستشار قانوني