أسامة دياب
أكد رئيس وزراء جمهورية فيتنام فام مينه شينه أن العلاقات بين الكويت وفيتنام بنيت على أسس متينة من الثقة المتبادلة والتعاون العملي والمواقف المشتركة في العديد من المحافل الدولية مشيرا إلى أن بلاده تنظر إلى الكويت كشريك مهم وصديق مخلص.
جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها فام منه شينه في معهد سعود الناصر الصباح الديبلوماسي على هامش زيارته الرسمية للبلاد بعنوان «السياسة الخارجية لفيتنام ورؤيتها للعلاقات الفيتنامية ـ الكويتية» وبحضور رؤساء البعثات الديبلوماسية المعتمدة لدى البلاد.
وقال إن الجانبين اتفقا على تسع مسارات رئيسية لتعزيز التعاون المستقبلي تشمل رفع مستوى الثقة السياسية وزيادة تبادل الزيارات رفيعة المستوى وتعزيز التعاون في الأمن غير التقليدي والتكنولوجيا والطاقة والغذاء والتجارة والاستثمار إضافة إلى تطوير التعاون الثقافي والتعليمي والسياحي والبحثي وزيادة فرص العمل والتدريب.
وأشار إلى الحاجة لرفع مستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين «لأن حجم التبادل التجاري الحالي لا يعكس الإمكانات المتاحة»، مبينا أن الشراكة الاستراتيجية ستوفر إطارا أوسع لتسهيل المشروعات المشتركة وتشجيع الاستثمارات وتنويع مسارات التعاون الاقتصادي.
وأعرب عن تقديره لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد وسمو الشيخ أحمد العبدالله رئيس مجلس الوزراء على حفاوة الاستقبال، مؤكدا أن زيارته إلى الكويت هي الأولى لقيادة فيتنامية على هذا المستوى منذ 16 عاما، وتكتسب رمزية خاصة قبيل احتفال البلدين بمرور 50 عاما على إقامة العلاقات الديبلوماسية.
وأشار إلى أن الكويت كانت أول دولة في الشرق الأوسط تقيم علاقات ديبلوماسية مع فيتنام عام 1976، وكانت من أوائل الدول التي رفعت مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية، وكشف عن أن الجانبين اتفقا في مارس الماضي على الارتقاء بهذه الشراكة إلى مستوى أعلى، بما يعكس عمق الثقة المتبادلة.
ووصف تشينه معهد سعود الناصر الديبلوماسي بأنه صرح أكاديمي عريق أسهم في إعداد أجيال من الديبلوماسيين، مشيرا بإعجاب إلى حفاظ مبناه على هويته الكويتية منذ تشييده قبل أكثر من 80 عاما.
وقدم رئيس الوزراء قراءة شاملة للمشهد الدولي، مشيرا إلى أن القرن الحادي والعشرين يشهد تحولات متسارعة تجعل البيئة العالمية أكثر تعقيدا، حيث تتزاحم التحديات مع الفرص. ولفت إلى 6 تناقضات كبرى تحدد طبيعة العالم اليوم، أبرزها: الصراع بين الحرب والسلام، والتعاون والتنافس، والانفتاح والاستقلالية، والتضامن والتفكك، والتنمية والتخلف، والاعتماد على الذات مقابل الارتهان للغير.
وأكد أن العالم يميل إجمالا نحو السلام والتعاون، رغم استمرار بؤر النزاع الإقليمية.
وتطرق إلى الأهمية الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط باعتبارها مركزا للطاقة والتجارة العالمية، ومهدا لثلاث ديانات كبرى، الأمر الذي يجعل قضايا الهوية والدين والحدود جزءا أساسيا من معادلات الأمن الإقليمي.
كما تناول التحديات الأمنية غير التقليدية، من أمن الطاقة والغذاء إلى التغير المناخي والأوبئة والتهديدات السيبرانية، لافتا إلى أن الفضاء والبحار وأعماق الأرض باتت ساحات جديدة للمنافسة الدولية.
وشدد على أن التقدم العلمي والابتكار أصبح مفتاحا أساسيا لاستثمار الموارد الطبيعية والبشرية، وأن مسار التطور الإنساني يقوم على «حل المعضلات وخلق فرص جديدة».
ورأى تشينه أن التحولات السكانية، وعلى رأسها الشيخوخة، تمثل تحديا يمس الأمن الوطني، موضحا أن سوء التخطيط السكاني قد يحول مكاسب اليوم إلى أعباء مستقبلية، وأن «أمن الإنسان وأمن التنمية» جزء لا يتجزأ من مفهوم الأمن الشامل.
وانطلاقا من هذه القراءة، دعا إلى تعزيز النهج متعدد الأطراف، وبناء الثقة، واحترام القانون الدولي، مؤكدا أن «الوحدة تمنح القوة، والتعاون يحقق المنافع المتبادلة».
وفي شأن العلاقات الثنائية، أكد رئيس الوزراء أن الكويت وفيتنام تتقاسمان طموحا مشتركا للسلام والتنمية والاستقلال، وأن البلدين وقفا إلى جانب بعضهما خلال أحلك الظروف التاريخية. وقال إن التجارب المريرة للحروب أثبتت أن «لا أحد يخرج منتصرا حقا من الحروب».
وأشار إلى أن القيم المشتركة بين البلدين هي الأساس الذي يدفع الشراكة الاستراتيجية نحو آفاق أوسع في مجالات الطاقة والأمن الغذائي والاستثمار والتعليم والتكنولوجيا.
وأشاد بدور الكويت الإنساني خلال جائحة «كوفيد – 19»، كاشفا أن بلاده تلقت 600 ألف جرعة لقاح من الكويت «مجانا بالكامل»، مؤكدا أن «جرعة واحدة كانت تعني إنقاذ حياة».
كما استذكر كلمات الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، حول وحدة تطلعات شعوب العالم نحو السلام والعدالة، مؤكدا أن هذه القيم ما تزال أساس التقارب بين الكويت وفيتنام.
وأشار إلى أن الشراكات الكبرى، مثل مشروع مصفاة «نغي سون» واستثمارات الصناديق الكويتية في فيتنام، تجسد عمق العلاقات بين البلدين.
