أفادت شركة «سَفِلز» العالمية للخدمات العقارية، بأن النصف الأول من العام الجاري شهد الطلب الأعلى على الإطلاق في دبي على المساحات الصناعية واللوجستية، وفقاً لتقرير «سوق دبي الصناعي في دقائق» للنصف الأول.
وتبيّن من خلال التقرير، الصادر أمس، أن هناك نمواً متواصلاً منذ سنة 2020، في الطلب على المساحات اللوجستية والصناعية، حيث كان الدافع الأساسي، نقل الشركات لعملياتها إلى دبي من أماكن أخرى، متبوعاً باتجاه العديد من الشركات لتعزيز وجودها في المنطقة عن طريق إنشاء مراكز إقليمية في الإمارة.
وتم أيضاً تسجيل ارتفاع كبير في الطلب على المساحات اللوجستية والصناعية بسبب الارتفاع المفاجئ في حركة الصناعة المحلية، في توجه يُعزى إلى الاستراتيجية الصناعية التي تتبناها دولة الإمارات تحت اسم «مشروع 300 مليار»، البرنامج الوطني الذي يهدف لتعزيز قطاع الصناعة في الإمارات، وجعلها مركزاً عالمياً للصادرات وإعادة التصدير، بالإضافة إلى خلق فرص عمل جديدة.
وكان قطاع التجارة الإلكترونية، أحد المحركات المهمة لرفع الطلب خلال النصف الأول. وفي الوقت ذاته، اكتسبت الخدمات اللوجستية للتخزين والتوزيع إقبالاً متزايداً من بين شركات التجارة الإلكترونية. وأصبح هذا المفهوم شائعاً للغاية في الأسواق الناشئة، وبدأنا نشهد ظهور هذا الاتجاه بدبي أيضاً. ويقوم النموذج على بناء مستودع «رئيس» كبير بالقرب من البنية التحتية الرئيسة، مثل الميناء، ويلي ذلك تطوير مرفق للتوصيل عادةً ما يكون أصغر حجماً أو موقع تخزين يُطلق عليه مصطلح «المِيل الأخير». ويرجع الاستخدام المتزايد للوحدات الأصغر حجماً والأقرب إلى المدينة في جانب منه إلى زيادة الإقبال على منصات التسليم السريع. وسيستمر قطاع التجارة الإلكترونية في قيادة الطلب على مساحات المستودعات بدبي، حيث تتطلب كل زيادة بنسبة 1% في عدد السكان لتوفير مساحة إضافية بنسبة 0.5% من المساحات المخصصة للمستودعات.
وأسهمت شركات الخدمات اللوجستية التابعة لجهات خارجية بدورها في رفع مستوى الطلب. ومن الشركات التي قامت بالاستحواذ على مساحات مهمة، شركة «جيه أند تي إكسبريس -J&T Express»، العملاق الإندونيسي في مجال خدمات التوصيل، بتعزيز عملياتها بشكل كبير في جميع أنحاء دبي، وتستأجر حالياً قرابة 161 ألف قدم مربعة من المساحة عبر مدينة دبي الصناعية والمنطقة الحرة بمطار دبي ودبي الجنوب، وتوجد لديها خطط لزيادة مساحة التخزين إلى 430 ألف قدم مربعة بحلول عام 2026.
من ناحية أخرى، كانت شركات النفط والغاز أيضاً من بين أكبر مستأجري المستودعات والمساحات الصناعية في جميع أنحاء الدولة. ومن المتوقع أن تُنفق الإمارات ما يقرب من 150 مليار دولار لتعزيز قدرتها لإنتاج النفط حتى عام 2027.
والعامل الآخر الذي أسهم في ازدهار سوق المستأجرين، تمثل في اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند، إلى جانب خطط الإمارات لتوسعة الاتفاقية لتشمل إندونيسيا وتركيا وكولومبيا والتي ستساعد في تنشيط السوق للمستأجرين.
وبفضل الموقع الاستراتيجي للإمارة، و«استراتيجية الصين + 1»، والعلاقات الاقتصادية الوثيقة بين الصين ودولة الإمارات، فقد استفادت دبي من قيام الشركات الصينية بإنشاء متاجر لها في المدينة، من خلال تأجير مساحات للتصنيع والتصدير إلى دول مجلس التعاون الخليجي والدول الإفريقية المجاورة.
وكانت هناك أيضاً زيادة كبيرة في سعة التخزين والطلب في المنطقة الحرة بجبل علي (جافزا). واستفادت بعض المناطق الحيوية من العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين الهند والصين. وسجلت المنطقة الحرة زيادة 30% على أساس سنوي في تسجيل العملاء الجدد. وارتفع عدد الشركات الصينية العاملة خارج المنطقة الحرة بمعدل أربعة أضعاف في عام 2022، في حين نما عدد الشركات الهندية 30% على أساس سنوي. ولمواكبة الطلب المتزايد على هذه المساحات، أطلقت المنطقة الحرة نحو 500 ألف قدم مربعة من المساحات ذات الجودة العالمية، والتي يتوقع اكتمالها في عام 2025، وفضلاً عن هذه الزيادة في عدد عملاء «جافزا»، هناك منافسة كبيرة في المباني الجاهزة ومساحات الأراضي المتاحة للتطوير.
وكانت المنطقة الصناعية بدبي الجنوب من المناطق الصغيرة المهمة الأخرى التي شهدت زيادة كبيرة في معدلات الإشغال، حيث تحتوي على كثير من مساحات الأراضي التي توفر فرصاً للمخازن الخاضعة للإجراءات الجمركية وخارج النطاق الجمركي والثنائية الغَرَض، وتتيح للمستأجرين تطوير مرافق المستودعات. وخلال النصف الأول، كانت «أمازون» من بين الشركات الرئيسة التي استأجرت مساحات داخل المنطقة الحرة. ويسهم وجود العديد من شركات التجارة الإلكترونية، إلى جانب المبادرات التي تطلقها منطقة التجارة الإلكترونية «إي.زي.دبي – EZDubai» بدبي الجنوب، والتوريد المستمر وتطوير العديد من المشاريع السكنية حول تلك المناطق في نموها على المدى الطويل. ومن المرجح أن يحافظ سوق الأنشطة الصغيرة للحفاظ على نموه ومكانته مركزاً رئيساً في سوق الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط على نطاق أوسع.
وواصلت أسعار الإيجارات ارتفاعها عبر مجموعة متنوعة من المناطق، إلى جانب تسجيل زيادة في نشاط التأجير ومستويات الاستفسارات ذات الصلة. وعند إجراء مقارنة نصف سنوية، تبين ارتفاع قيم الإيجارات للعقارات من «الدرجة أ» 14% في المتوسط في مجمع الصناعات الوطنية، و8.6% في مجمع دبي للاستثمار، و8% في القوز.
وارتفعت إيجارات المستودعات من «الدرجة أ» في دبي الجنوب 7.1% في المتوسط، وبنسبة 6.7% في جبل علي الصناعية. وعلى ضوء ندرة وفرة المساحات المصنفة تحت «الدرجة أ»، كانت هناك زيادة إيجارية في أسعار «الدرجة ب» في معظم أسواق الأنشطة الصغيرة.
وارتفع توافر عرض المساحات اللوجستية والصناعية في مدينة دبي بالتناغم مع زيادة الطلب. ويتم حالياً تطوير نحو مليون قدم مربعة في جافزا ودبي الجنوب ومجمع دبي للاستثمار ومجمع الصناعات الوطنية.
النفط والغاز
قال مدير الخدمات الصناعية واللوجستية في «سَفِلز»، مايكل فينتون: «كانت الشركات المرتبطة بقطاع النفط والغاز وخدمات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية والمزارع العمودية الداخلية، من أبرز العوامل المحفزة لرفع الطلب على نشاط تأجير المستودعات خلال النصف الأول في دبي».
نشاط التأجير
قال المدير المساعد لأبحاث الشرق الأوسط في «سَفِلز»، سوابنيل بيلاي: «تركز نشاط التأجير في مراكز التخزين البارزة مدفوعة الجمارك، مثل منطقة القوز، ومجمع دبي للاستثمار ومجمع الصناعات الوطنية. وكانت شركات تشغيل المزارع العمودية الداخلية والعاملة في قطاعي التجزئة والترفيه والتجارة الإلكترونية والسلع الاستهلاكية، من أبرز المستأجرين للمساحات».