قال وزير الخارجية البريطاني السابق، ديفيد ميليباند، إن المملكة المتحدة خسرت نفوذها في العالم، وأصبحت مثل العديد من القوى ذات النفوذ العادي في العالم.
وقال ميليباند الذي أصبح الرئيس التنفيذي «للجنة الإنقاذ الدولية» التي تعمل لمساعدة المتضررين، وإغاثتهم في العديد من الدول، في مقال كتبه لصحيفة الأوبزيرفر: «تحتاج المملكة المتحدة إلى دخول (هيكليات والتزامات) جديدة مع الاتحاد الأوروبي على صعيد السياسة الخارجية، من أجل إعادة النفوذ والمكانة للمملكة المتحدة، على المسرح الدولي».
وأضاف: «علاقاتنا مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) قوية، لكن مع الاتحاد الأوروبي لاتزال غير موجودة بتاتاً، وهذا يضر بمصالحنا وقوتنا السياسية والاقتصادية والعسكرية. وازداد ذلك وضوحاً على نحو كبير منذ الحرب في أوكرانيا التي أدت إلى تقارب كبير بين الاتحاد الأوروبي وحلف (ناتو)، حيث تم تقديم مساعدات عسكرية ومدنية بمليارات الدولارات لهذه الدولة».
وأشار ميليباند إلى أن تراجع نفوذ المملكة المتحدة يمكن أن يتزايد إذا تم انتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب هذا العام، خصوصاً أن هذا الرجل ابتعد في فترته الأولى عن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في العالم الغربي. ولكنه يعتقد أنه حتى لو تم انتخاب الرئيس الحالي جو بايدن، لفترة انتخابية ثانية، فإن علامات التحذير بشأن استعداد الولايات المتحدة وصبرها وقدرتها على توفير قيادة عالمية استراتيجية ونشطة ومستمرة، لاتزال موجودة.
نحتاج إلى تغيير عقليتنا
وقال ميليباند: «في عالم حيث الاتحاد الأوروبي يشحن الأسلحة إلى أوكرانيا، ويستضيف نحو ستة ملايين لاجئ أوكراني، يقدّم لهم المساعدات وجميع أشكال الدعم الممكنة، ويمثل لاعباً تنموياً كبيراً، ويجلس في مجموعة الـ20، ويشكل قوة تنظيمية عظمى في التجارة والمناخ والمجالات الرقمية، نحتاج إلى تغيير عقليتنا والاعتراف بمدى التراجع في نفوذ وقوة المملكة المتحدة».
وأضاف ميليباند: «ستكون سياسة المملكة المتحدة في ما يتعلق بروسيا – خصوصاً بعد انفصالها عن الاتحاد الأوروبي – أضعف من كونها فعالة، أو ذات تأثير. وينطبق الأمر ذاته على الصين أيضاً، لهذا فإن قرار المملكة المتحدة في عام 2019 رفض علاقة سياسية داخلية وخارجية مع الاتحاد الأوروبي، يجب التراجع عنه، ويجب تنفيذ الهيكليات والالتزامات لدفع التعاون والتنسيق في العديد من مجالات السياسة الخارجية، والدفاع والأمن، ومصالح السياسة التنموية».
وتذهب تعليقات ميليباند إلى أبعد من أي سياسة حددها حزب العمال حتى الآن إزاء العمل قريبـاً مع الاتحـاد الأوروبي، إذا وصـل الحـزب إلى السلطـة في الانتخـابات العامـة المقبلـة.
ويقـول ميليبانـد الذي كان وزيـراً للخـارجيـة في ظـل حكومـة تـوني بـلير، ونائبـه غـوردون براون، بيـن 2007 و2010: «أحد الأوهـام التي ترتكز عليـها فكرة الخـروج من الاتحـاد الأوروبي»، يكمن في أن مستقبل المملكة المتحدة سيعتمد على قراراتها فقط، وليس على قدرتها على الانخراط مع الدول الأخرى وإجراء الصفقات، والتفاعل معها على كل الصعد.
وأضاف: «يتجسد خطر صانعي السياسة البريطانية، من خلال حكومة رئيس الحكومة السابق، بوريس جونسون، ويتزايد خطر التفكير الخيالي حول قوتنا ومكانتنا في عالم تسيطر عليه المخاطر العالمية المتصاعدة، والدول القوية، واللاعبون من غير الدول.. فكل هؤلاء يزداد نفوذهم من خلال إضعاف النظام المتعدد».
قوة ناعمة وخشنة
وقال ميليباند: «لاتزال بريطانيا تمتلك نفوذاً وسلطة عالمية، وتحتفظ بقوة ناعمة وخشنة، وتعتبر من أكثر دول العالم ثراء، كما تتمتع بمزية مهمة هي امتلاكها مقعداً دائماً في مجلس الأمن الدولي، واستخدام حق النقض (الفيتو)».
وأضاف: «لكن علينا أن نفهم حقائق قوتنا ونفوذنا في العالم، كما هي اليوم، وليس كما اعتادت أن تكون في السابق».
وأضاف: «نحن لا نمتلك القوة المالية الموجودة لدى المملكة العربية السعودية، أو فرنسا التي تُعتبر مرساة الاتحاد الأوروبي، ولا النشاط الإقليمي وشهية المخاطرة لتركيا، ولا القوة السكانية، كما هي الحال لدى الهند وإندونيسيا. ونحن من ضمن عدد من القوى المتوسطة في النظام العالمي، وتناقصت ثروتنا وقوتنا وسمعتنا وأصولنا العسكرية، بالنسبة للعديد من الدول الأخرى، كما كان الحال في العقد الماضي».
وقال ميليباند: «موقفنا في ما يتعلق بالمصالح الحاسمة بدءاً من الاقتصاد إلى أزمة المناخ، والأمن والتنمية الدولية، سيزداد سوءاً ما لم نتحرك معاً، والسبب بسيط، فالعالم يتجه نحو اختلال غير صحي في التوازن، وبريطانيا تقف على الجانب الخطأ من بعض التوجهات الرئيسة».
• تراجع نفوذ المملكة المتحدة يمكن أن يتزايد إذا تم انتخاب دونالد ترامب هذا العام، خصوصاً أن هذا الرجل ابتعد في فترته الأولى عن حلفاء واشنطن التقليديين في العالم الغربي.
• نحن لا نملك القوة المالية الموجودة لدى المملكة العربية السعودية، أو فرنسا التي تُعتبر مرساة الاتحاد الأوروبي، ولا النشاط الإقليمي وشهية المخاطرة لتركيا، ولا القوة السكانية، كما هي الحال لدى الهند وإندونيسيا.