في ظل الظروف الأمنية الأكثر قسوة وتعقيداً، التي يشهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبح لدى اليابان قائد جديد للعمليات المشتركة، يتمتع بسلطة توحيد فروع قوات الدفاع الذاتي اليابانية (البرية والجوية والبحرية)، وقيادتها في وقت السلم وأوقات الطوارئ، مع مراعاة حالة الطوارئ في تايوان المجاورة.
وفي اجتماع مجلس الوزراء، الذي عُقد قبل أيام، عيّنت الحكومة اليابانية، نائب قائد هيئة الأركان المشتركة لقوات الدفاع الذاتي، الجنرال ناغومو كينيشيرو، في منصب أول قائد لقيادة العمليات المشتركة.
ومن المقرر إطلاق قيادة العمليات المشتركة الجديدة، في 24 مارس الجاري، بمقر وزارة الدفاع في طوكيو، بطاقم قوامه نحو 240 فرداً، وفقاً لما صرّح به متحدث باسم هيئة الأركان المشتركة اليابانية.
وقد جاء هذا التعيين، بعد أن دعت استراتيجية الدفاع الوطني وبرنامج بناء الدفاع – اللذان وافق عليهما مجلس الأمن القومي ومجلس الوزراء في ديسمبر 2022 – إلى تعزيز فاعلية الوضع العملياتي المشترك لقوات الدفاع الذاتي اليابانية الثلاث، وينص برنامج بناء الدفاع على أنه «سيتم إنشاء مقر مشترك دائم من أجل بناء نظام قادر على إجراء عمليات عبر النطاقات بسلاسة في جميع المراحل، من وقت السلم إلى الطوارئ، بهدف تعزيز فاعلية العمليات المشتركة بين كل خدمة من خدمات قوات الدفاع الذاتي اليابانية».
ويتابع البرنامج: «في ضوء تزايد خطورة البيئة الأمنية المحيطة باليابان بسرعة، ستبذل وزارة الدفاع وقوات الدفاع الذاتي اليابانية قصارى جهدها للسعي إلى إنشاء مقر مشترك دائم في أقرب وقت ممكن».
وينحدر الجنرال ناغومو كينيشيرو، البالغ (59 عاماً)، من محافظة «ياماغاتا» في منطقة «توهوكو» شمال اليابان، وتخرّج في أكاديمية الدفاع الوطني، وانضم إلى قوة الدفاع الذاتي الجوية عام 1989، وشغل الجنرال المخضرم، منصب المدير العام لقسم التخطيط والسياسات الدفاعية في مكتب الأركان الجوية التابع لقوة الدفاع الذاتي الجوية اليابانية، وقائد قوة الدفاع الجوي الغربية، من بين مناصب أخرى، كما شغل كينيشيرو، منصب نائب قائد مكتب الأركان المشتركة منذ مارس 2023، ويُعدّ هذا المنصب ثاني أكبر ضابط نظامي في اليابان، بعد قائد أركان قوة الدفاع الذاتي الجوية اليابانية، يوشيدا يوشيهيدي. كان يُنظر إلى كينيشيرو، على نطاق واسع على أنه المرشح الأبرز لقيادة هيئة العمليات المشتركة الجديدة، ووفقاً لأعمدة الصحف اليابانية الرئيسة التي تتابع أنشطة رئيس الوزراء، فقد زار كينيشيرو، بصفته نائب قائد أركان هيئة الأركان المشتركة، مكتب رئيس الوزراء بشكل متكرر، وقدم تقارير مباشرة إلى كل من رئيس الوزراء السابق فوميو كيشيدا، ورئيس الوزراء الحالي شيغيرو إيشيبا، ولهذا السبب، يُعدّ كينيشيرو، محل ثقة كبيرة من قبل شيغيرو، وغيره من كبار أعضاء الإدارة.
وقال المتحدث باسم الحكومة، إن «الحكومة قررت أيضاً تعيين قائد منطقة (ساسيبو) في قوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية، الأدميرال تاوارا تاتيكي، نائباً لقائد قيادة العمليات المشتركة الجديدة».
وذكرت وسائل إعلامية محلية، أن هناك درساً «مريراً» وراء إعادة تنظيم هياكل القيادة في قوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية، ففي أعقاب كارثة ثلاثية وقعت في 11 مارس 2011، شرق اليابان وهي (زلزال، وتسونامي، وحادث نووي)، أصبح من الواضح أن الجنرال أوريكي ريويتشي، قائد أركان قوات الدفاع الذاتي اليابانية آنذاك، كان مثقلاً بكمية هائلة من العمل، واضطر إلى قيادة قوات الدفاع الذاتي اليابانية بأكملها في مهمة الإغاثة من الكوارث، إضافة إلى مسؤوليته عن تقديم تقارير لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، والتنسيق مع الجيش الأميركي.
ومنذ ذلك الحين، كانت هناك آراء قوية بين المُشرّعين الوطنيين ومسؤولي الدفاع، مفادها أنه يجب على قائد الأركان المشتركة توزيع بعض هذه الأدوار على الآخرين.
كما سيلعب المقر الجديد دوراً تنسيقياً بالتعاون الوثيق مع الجيش الأميركي، حيث يفتقر النظام الياباني الحالي إلى القدرة على التنسيق مع القيادة الأميركية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ (إندوباكوم).
وفي غضون ذلك، في يوليو 2024، أعلنت الحكومة الأميركية أنها ستعيد تشكيل القوات الأميركية في اليابان كمقر رئيس للقوات المشتركة، وتقديم التقارير إلى قائد «إندوباكوم» في هاواي، من أجل التكيّف مع هيكل القوات الجديد في طوكيو.
ولا يتمتع قائد القوات الأميركية في اليابان، وهو جنرال بثلاث نجوم ومقره في «يوكوتا» في غرب طوكيو، بسلطة قيادية، وعليه أن يتلقى الأوامر من «إندوباكوم» التي تبعد 6500 كيلومتر.
وقد طلبت اليابان أن تترأس رتبة بـ«أربع نجوم»، وليس جنرالاً بثلاث نجوم، مقر قيادة القوات المشتركة للولايات المتحدة، تماماً كما هي الحال في كوريا الجنوبية. عن «ذا دبلومات»
. ستتم إعادة تشكيل القوات الأميركية في اليابان كمقر رئيس للقوات المشتركة، وتقديم التقارير إلى قائد «إندوباكوم» في هاواي.