عبدالكريم أحمد
أشرفت النيابة العامة صباح اليوم الخميس، على تنفيذ حكم الإعدام داخل السجن المركزي بحق 4 مدانين بجرائم قتل عمد ومدان بجريمة جلب مواد مخدرة ومؤثرات عقلية بقصد التعاطي والاتجار فيها داخل البلاد.
وذكرت النيابة في بيان لها بأن المنفذ فيهم حكم الإعدام هم:
عبد الرحمن صباح عيدان سعود (مقيم بصورة غير قانونية) المحكوم عليه في الجناية رقم (٢٠١٥/٤٠ حصر أمن دولة – ٢٠١٥/٤٢ جنايات أمن الدولة) لارتكابه جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار – والشروع فيه، والتنظيم والدعوة للاشتراك في جماعة محظورة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) غرضها العمل على نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية، والانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي القائم في البلاد بطرق غير مشروعة؛ من بينها ممارسة الإرهاب واستعمال القوة بما فيها استخدام المفرقعات والتدرب على استعمالها للقيام بأعمال غير مشروعة.
عبد العزيز نداء رشيد المطيري (كويتي الجنسية) المحكوم عليه في الجناية رقم (٢٠١٥/٣١٤ حصر نيابة الجهراء – ٢٠١٥/٥٥ جنايات جنوب الجهراء)؛ لارتكابه جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وجريمة حيازة سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص، وجريمة استعمال – سلاح ناري في إحدى مناطق التجمعات.
جمال كمال إبراهيم (مصري الجنسية) المحكوم عليه في الجناية رقم (٢٠١٣/٤٠٩ حصر نيابة الفروانية – ۲۰۱۳/۲۱ جنايات عبدالله المبارك) لارتكابه جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، والاشتراك في جريمة الزنا، وارتكاب جريمة المواقعة بالرضا.
أحمد فوزان شبرم (مقيم بصورة غير قانونية) المحكوم عليه في الجناية رقم (٢٠١٣/٣٤٦ حصر نيابة حولي – ۲۰۱۳/۷۷ جنايات النقرة) لارتكابه جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار
جودي رافيندرا كوباربيرا (سيريلانكي الجنسية) المحكوم عليه في الجناية رقم (۲۰۱۹/۱۷۱٦ حصر نيابة المخدرات – ۲۰۱۹/۱۷۱۲ جنايات المخدرات)؛ لارتكابه جرائم حيازة مواد مخدرة ومؤثرة عقلياً بقصد الاتجار والتعاطي.
وقد نفذ حكم الإعدام شنقاً تنفيذاً لحكم القضاء العادل المؤيد من محكمتي الاستئناف والتمييز في القضايا المشار إليها، وبعد أن صدق على هذه الأحكام حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه.
وجاء في بيان النيابة:
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَن أحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً” سورة المائدة : آية ٣٢، صدق الله وتمت كلمته.
فهذا بيان للناس تصدع به النيابة العامة بدولة الكويت إيمانا منها بأن الله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بالحياة، وارتقى بإنسانية الإنسان وأعلى قدره وكرم آدميته إلى أعلى المستويات، ثم غدا هذا الحق قانونا عاماً وغائرا في وجدان الأمم يجري في سالف الأيام وفي حاضرها ومستقبلها، لم تغيره عصريات الحياة وتقنياتها الحديثة؛ لأنه قانون ثابت لابد أن ينظر فيه ويعتبر ما دامت السماوات والأرض؛ إذ إن في الاعتداء على حق الحياة بأي صورة من الصور خرق للقوانين السماوية والبشرية، واعتداء عات وتطاول بغيض على حق الله تبارك وتعالى الذي تفرد به سبحانه بأنه هو الذي يحيي ويميت وهو القابض للأنفس التي خلقها.
ولما كان الوطن وأمنه وأمانه، وسلمه وسلامه، هو أغلى شيء يملكه الإنسان في هذه الدنيا؛ كانت القوانين كلها متفقة على حرمة الأوطان؛ وإغلاظ العقوبة بحق من يرتكب الجرائم الماسة بأمن الدولة في الداخل والخارج؛ إذ إن الوطن هو القاعدة العريضة التي تقوم عليها ضرورات الإنسان من حياة، ودين، ومال، وعرض، وعقل، وبه ترتبط ثمار الأجيال وجلائل الأعمال، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً؛ ففيه تتجلى نتاجات الأفهام، وحقائق الأحداث، وقصص الأجداد، وهمم الأحفاد، ومواقف الأعلام.
وفي هذا المقام العظيم المهيب؛ مقام تنفيذ حكم القضاء العادل؛ فإن النيابة العامة تصدع بحقيقة أن المحكوم عليهم قد تمادوا في غيهم وأسرفوا في طغيانهم ولجوا في غلوائهم، ومضوا في عمايتهم، وتاهوا في ضلالتهم، وتنوعت أساليبهم في ارتكاب أبشع الجرائم من قتل وغدر وخيانة ومكر، وتدمير وتمزيق، وهدم لنهضة الأمة وغراسها وعدتها من الشباب الواعد ذخيرة المستقبل، بنشر الرذائل والموبقات المهلكة للعقول، والفاتكة بالأبدان وتنوعت بواعثهم الداعية إلى ارتكاب هذه الأعمال الشنيعة، والجرائم الخطيرة، فاحتملوا بذلك بهتانا وإثماً مبيناً.
وهذا التنوع في البواعث الداعية إلى الإجرام ينبئ عن حقيقة دامغة لا مرية فيها يتلخص جوهرها في أن هذه النفوس القاتمة الآثمة نفوس قد طبعت على الشر، إذ الجريمة في فطرتهم أصل متركز والوحشية في طبيعتهم سلوك متجذر.
فكان من هذه الزمرة من خان هذا الوطن معتنقاً فكرا تكفيريا ضالاً مضلاً ينتهج أدبيات التوحش وتدابير الإرهاب سبيلاً لمضيه؛ فأزهق بيديه أرواحاً حرم الله قتلها إلا بالحق في مسجد الإمام الصادق، وهو بيت من البيوت التي يذكر فيها اسم الله، وخلفت تلك الأرواح البريئة بعدها أطفالاً صغاراً أصبحوا أيتاماً، وزوجات أضحين ، أرامل، وأمهات أمسين ،ثكالى، وأحدث بأنفس أخرى إصابات بالغة كادت أن تفتك بالبعض منها وتسلبها نعمة الحياة لولا رأفة من الله ورحمة، فضلاً عن ما أحدثه من ترويع أمن البلاد والعبث بمقدراته؛ جاحداً فضل هذا الوطن الذي ترعرع فيه، ونهل من خيره، ونعم بالأمن في ربوعه، وهو المقيم على أرضه بطريق غير مشروع، فلم يجد الوطن منه جزاء سوى الجحود والنكران حين سفك الدماء البريئة، واستمرأ هذه الجريمة البشعة، ولم يردعه عنها وازع من خلق أو دين أو حرمة لهذا البلد الذي أكرم وفادته وأحسن مثواه.
ومن هؤلاء من تراقى شره، وتفاقم طغيانه، وأعضلت خطيئته، وأفظع جرمه بأن استحكمت في نفسه نوازع الشر، جاحداً لخير هذه الأرض وفضلها عليه؛ إذ جهد بكل سبيل لأن يفتك بشباب الوطن وأجيال المستقبل ببيعهم السموم المخدرة والمواد المحظورة المؤثرة في العقول والأبدان دون أن يحفظ عهداً، أو يرعى حرمة، أو يلتزم بقانون؛ محتقباً بأفعاله الذميمة إثماً عظيماً وبيل العاقبة مرّ الثمرة؛ حين سعى لأن ينخر في بنيان هذا الوطن فباع السموم المهلكة، والمواد الضارة؛ ابتغاء كسب الأموال بطرق غير مشروعة على حساب تدمير أغلى مقدرات الوطن وهم شبابه وأبناؤه حتى بات بأفعاله الشائنة الضارة المضرة منبعاً للضلالة، ومغرساً للفتنة، ووكراً للفساد وموئلاً للإفساد.
ومنهم من لم تنهه صلاة الفجر عن فجوره وإجرامه؛ فانطلق إلى مسكن المجني عليه بعد صلاة الفجر وهو يسعى سعياً عنيفاً حثيثاً لا يلوي على شيء حتى قتله غدرًا باستعمال سلاح ناري؛ متنكراً بهذا الفعل الشائن لقيم النبل وشيم الرجولة.
ومنهم من كلّت بصيرته، وسقم ،ضميره وقسى قلبه واتبع سبيل الردى حين استجاب لنزغ الشيطان وكيده حتى اتخذه الشيطان مركباً واستحوذ عليه فغدر بالمجني عليه ليلاً في ساحة ترابية بأن ضربه بحجر كبير على رأسه من الخلف، ثم كال له خمس ضربات بالحجر على وجهه، فلما تيقن بأن الروح قد غادرت الجسد؛ قام بسحب جثته بين كومتين من الرمل ثم دفنه بها، وعاد إلى مسكنه آمنا مطمئناً لا يفزعه شيء.
ومنهم من استحوذ عليه الشقاء فصرفه عن الرشد، واستولى عليه البغي فحال بينه وبين الإنابة واعتلاه التطاول فكبحه عن الاستقامة وأملى له الشيطان فورطه في الإجرام، وزين له قبيح عمله فأضله . السبيل حين غدر بالمجني عليه وهو مسؤوله في العمل بأن أخفى سكيناً داخل ملفات ورقية كانت بيده، وتوجه إلى مكتبه في الشركة التي يعمل فيها وما إن ظفر به حتى عاجله بطعنات قاتلة ومتفرقة في جسده أودت بحياته؛ دون اكتراث لحق الأخوة والزمالة في العمل، أو مراعاة للحد الأدنى من شرف التعامل ومكارم الأخلاق.
لما كان ذلك؛ وكانت الأفعال الوحشية التي قام بها المحكوم عليهم ما زالت تتحدث معبرة ومفصحة عن بشاعة الفظائع المبيرة، والأعمال الباغية العاتية المبيدة، والجنايات العمياء المسعورة الملطخة بالدماء بحق الإنسانية والأخلاق والوطن، وكانت الأفعال بصورتها التي كانت عليها قد انطوت على أبشع الإساءات للإنسان والإهدار لحقوقه كافة؛ حتى وصل الأمر إلى استباحة الدم، والاعتداء على حق الحياة المقدس، ببواعث ما أنزل الله بها من سلطان، وبمقاصد تأباها كل فطرة فيها بقية من نظافة، وتمجها كل روح فيها أثر من كرامة وإيمان؛ بما يسفر عن الحقيقة التي لا تحول دونها الحجب وهي أن المحكوم عليهم قد بلغوا في الغي حداً جاوز كل حد؛ إذ الجريمة في طبيعتهم شر مستطير وبلاء ماحق.
لما كان ذلك وكان المحكوم عليهم قد عمدوا إلى قتل الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق وأزهقوا بأفعالهم الآثمة أرواحاً بريئة بغير ذنب، وحرموا المجني عليهم من أقدس حقوقهم في الدنيا وهو حق الحياة، بأن أطاعوا أهوائهم واتبعوا شياطينهم معتدين تطاولاً وعتوا على حق الله تبارك وتعالى الذي تفرد به سبحانه بأنه هو الذي يحيي ويميت وهو القابض للأنفس التي خلقها، وكانت أفعالهم مما تهتز له ضمائر البشر، ويخلع هولها القلوب، وتزول منها الجبال، فكان حقاً وصدقاً وعدلاً أن يؤخذوا بأشد العقاب بإعدامهم جزاءً وفاقاً؛ قطعا لدابرهم وليكونوا بعد ذلك أحدوثة سائرة، وعظة زاجرة، وعبرة راشدة لمن اعتبر، وبصيرة لمن أبصر، وذكرى لمن تذكر.
وتهيب النيابة العامة في هذا المقام بأن هذه الجرائم -محل تنفيذ العقوبة – في أبعادها المختلفة تقدم دليلاً وبرهاناً، ولفظاً يصدقه المعنى والواقع لحقيقة أن الله لا يصلح عمل المفسدين، وأنه سبحانه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وإن هذا التفصيل إنما جاء ليستبين الإنسان سبيل المجرمين فيتذكر، وينزجر كل من تسول له نفسه ممن لا يزال يكمن في الخفاء، ويندس في العتمة يتربص بالأبرياء الدوائر عسى أن يرتد هو وأمثاله على أعقابهم لا يلوي آخرهم على أولهم.
قال الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ، سورة يونس: آية ٨١، صدق الله وتمت كلمته.