تفاصيل معقّدة وأحداث درامية لا تقل بأي حال من الأحوال عن الأفلام العالمية التي تدور حول أبطال «سيكوباتيين»، يتمتعون بسمات مخيفة وحادة، وتدفعهم أنانيتهم المفرطة إلى إيذاء الآخرين.
هذه التفاصيل لجريمة ارتكبها أحد المدانين أخيراً بجريمة قتل وصدر بحقه حكم مشدّد.
وتدفعنا مثل هذه القضايا إلى مناقشة أمر بالغ الأهمية، وهو دور الاضطراب النفسي في الأحكام القضائية، ومتى يُعفى المتهم من العقوبة، خصوصاً في ظل حالة الهوس البالغة التي تسيطر على مرتكبيها، وتدفعهم إلى ملاحقة ضحاياهم، على غرار المجني عليها في هذه الدعوى التي افتتن بها المتهم – حسب اعترافاته – ما دفعه إلى الجنوح في تصرفاته وارتكاب جريمته.
بداية يجب توضيح أن المرض النفسي ليس من موانع المسؤولية الجنائية بشكل مطلق، لكن تحدد المسؤولية بقدر عجز الجاني عن إدراك ما يقوم به من أفعال، فلو فَقد القدرة على التمييز والاختيار، لا يكون مسؤولاً في هذه الحالة عن تصرفاته، لأن العقل هو مناط التكليف.
وتناولت المادة 60 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987، المسؤولية الجنائية المترتبة على المرض النفسي، إذ تنص على أنه لا يسأل جنائياً من كان وقت ارتكاب الجريمة فاقداً الإدراك أو الإرادة، لجنون أو عاهة في العقل، أو غيبوبة ناشئة عن عقاقير أو مواد مخدرة أو مسكرة أياً كان نوعها أعطيت له قسراً، أو تناولها بغير علم منه بها، أو لأي سبب آخر يقرر العلم أنه يفقد الإدراك والإرادة.
وتوضح المادة أنه إذا لم يترتب على الجنون أو العاهة سوى نقص أو ضعف في الإدراك أو الإرادة وقت ارتكاب الجريمة، عُدّ ذلك عذراً مخففاً.
ولا شك في أن المجرم – بشكل عام – إنسان غير منضبط أخلاقياً وسلوكياً، ويميل إلى الاندفاع والتهور، فضلاً عن أن مرتكبي جرائم بعينها، يتسمون بحدة المزاج والقسوة، لكن يختلف الأمر بالنسبة للمضطربين نفسياً الذين يجزم الأطباء والاختصاصيون أنهم يعانون حالة مرضية تؤثر في إدراكهم وقراراتهم.
ومن ثم فإن المحكمة تلجأ دائماً إلى أهل الاختصاص في جهات طبية معتمدة، لتحديد ما إذا كان المتهم يعاني مرضاً نفسياً، ودرجة تأثير المرض في إرادته وتمييزه، وعلى هذا الأساس يصدر الحكم بالإدانة، وتكون العقوبة مشددة أو مخففة.
محكم ومستشار قانوني