خلال مشاركته في أكبر حدث تصميم سنوي في العالم، كشف مجلس «إرثي» للحرف المعاصرة، ضمن فعاليات «أسبوع ميلان للتصميم»2023، الستار عن معرض يضم 6 مجموعات تصاميم جديدة مستلهمة من البيئة الإماراتية الطبيعية، وأعلن لأول مرة في تاريخ جهوده نتائج دراستين بحثيتين تستكشف طرق الصنع والاستهلاك الإماراتية التقليدية، ودور عناصر ومفردات البيئة في إنتاج تصاميم إبداعية.
ويعد المعرض، الذي ينظمه المجلس بالتعاون مع استوديو «مستر لورانس» في منطقة التصميم «سنكويه فييه» (5VIE) في شارع سيزاريه كورينتيه 14، خطوة كبيرة في تثقيف مجتمع التصميم العالمي وخبراء الحرف اليدوية والقيمين والجيولوجيين والباحثين والطلاب، بالطرق التي يعمل من خلالها مجلس «إرثي» للحرف المعاصرة وشركاؤه الإقليميون والدوليون على دمج الممارسات الإماراتية التقليدية الغنية مع أفكار التصميم المتطورة والتكنولوجيا الحديثة لتمهيد الطريق نحو مستقبل مستدام لقطاع التصميم والصناعات الحرفية والأزياء.
وحملت الدراسة البحثية الأولى التي كشف عنها (إرثي) عنوان: «ملامح معمارية من التراث الثقافي»، وجاءت نتاجاً لبرنامج «مختبرات التصميم 2» والذي يعد برنامج زمالة بحثية مع «الجامعة الأمريكية في الشارقة»، لتسليط الضوء على أهمية دراسة مفردات التراث المحلي ودورها في تصميم منتجات معاصرة تستلهم أشكالها من العناصر الطبيعية الصحراوية والبحرية والجبلية وواحات النخيل لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وينقسم البحث المنشور، الذي شهد مشاركة أكثر من 100 مساهم من جميع أنحاء العالم، إلى أربعة أقسام فرعية، ويتضمن البيئات الطبيعية الرئيسة في دولة الإمارات العربية المتحدة من واحات النخيل والبيئات الصحراوية والمائية والجبلية، للاستفادة منها في بناء واستحداث تصاميم معاصرة من جهة، وتوثيق التراث المحلي من جهة أخرى.
وضمن هذا البحث، أعاد «إرثي» تخيل مستقبل المواد التقليدية المحلية من خلال التصميم، بهدف الحفاظ عليها ليستكشفها الحرفيون، والصناع، والمصممون، والمهندسون المعماريون على نطاق أوسع، وشارك في البحث عدد من المهندسين معماريين، واختصاصيين تخطيط المدن، وقيّمين فنيين، وباحثين، وفنانين، ومعلمين، وجغرافيين، وعلماء أحياء، وكيميائيين، ومتخصصين في الحرف اليدوية من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا.
واستلهمت مجموعة «مختبرات التصميم 2»، إحدى المجموعات المعروضة في «أسبوع ميلان للتصميم» التي تأتي بالتعاون بين «إرثي» و«سيفل أركيتكتشر» و«مستر لورانس»، تصميماتها من هذا البحث، حيث تضمنت عدداً من الطاولات المصنوعة بمواد محلية من دولة الإمارات، منها القواعد الخشبية وسعف النخيل واللبان والرمل وصدف المحار والقرميد والبلاط المصنوع من الحجر الجيري.
وتأتي الدراسة البحثية الثانية التي حملت عنوان «وصفات للمستقبل: نكهات عابرة للثقافات»، نتاج تعاون إبداعي بين الشارقة وميلان، وتضمنت مجموعة من الوصفات التقليدية المتجذرة في تراث الطهي وحفظ الطعام الغني في دولة الإمارات والمنطقة، وتمثل تجسيداً لاستمرار جهود مجلس «إرثي» الرامية إلى تسليط الضوء على دور المرأة في الحفاظ على الحرف التقليدية، والتركيز على الدور الرائد الذي تلعبه في الحفاظ على الوصفات التقليدية وكتابة تاريخ فن الطهي من منظور محلي.
ويشمل البحث مساهمات حرفيات برنامج «بدوة» التابع لمجلس «إرثي» وكبار المصممين والمصممات من دولة الإمارات والمنطقة، واستوديو «مستر لورانس» وشركة «كاسالينج دي طوكيو» و«استوديو بي بي» للتصميم، ويتضمن 9 وصفات من «كاسالينج دي طوكيو»، وأدوات المائدة المعاصرة. ويستكشف تفاصيل الثقافة الغنية لدولة الإمارات.
ومن هذه الدراسة، نتج ثلاث مجموعات تعرض في «أسبوع ميلان للتصميم 2023»، حيث حملت المجموعة الأولى عنوان «السفرة»، وهي نتاج تعاون بين «إرثي» و«استوديو بي بي»، والتي تختبر استخدام الصلصال الأسود الذي يتم تشكيله يدوياً وتعريضه إلى درجات حرارة عالية، وتتضمن دمجها بسعف النخيل المنسوج يدوياً من قبل الحرفيات باستخدام تقنيات حرفة السفيفة (نسج سعف النخيل)، والفروخة، لتنتهي بمجموعة من أدوات المائدة المعاصرة المستخدمة لحفظ الطعام وتخميره.
أما المجموعة الثانية «بحري» فتأتي بالتعاون بين «إرثي» والمصممة الإماراتية إيمان ال رحمة لترجمة وصفات فن الطهي إلى مجموعة من أدوات المائدة المستوحاة من حرفة القرقور الإماراتية، التي يمتهنها الرجال ويستخدمونها لأغراض الصيد، حيث تعيد المجموعة استخدام السلال المصنوعة يدوياً مع مجموعة من الأغطيّة الفخاريّة لإدراجها في تجربة تناول الطعام الإماراتية.
وتقود المصممة الإماراتية ريم سيف المزروعي المجموعة الثالثة، ضمن «مجموعة الثاية»، حيث تترجم المزروعي البحث إلى مجموعة من أدوات المائدة المستوحاة من تقنيات النسيج المختلفة وزخارف حرفتي السفيفة والسدو.
ويتضمن المعرض مجموعتين مستقلتين هما نتاج تعاون إبداعي بين «إرثي» والمصممة غاية بن مسمار، وتشمل عدداً من الكراسي المصنوعة بتقنية حرفتي «الزفانة» و«السفيفة»، وتشكل استمراراً لاستكشاف دمج تقنيات وصبغات ومواد النسج والحياكة واستخدام الجلد الطبيعي في تصاميم معاصرة.
وتشمل المجموعة المستقلة الثانية سلسلة من الحصر المربعة المستوحاة من لعبة «الجحيف» الإماراتية التراثية، وهي ضمن «مجموعة الثاية»، وتهدف إلى الحفاظ على التراث غير المادي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
ومن أبرز معالم مشاركة «إرثي» في «أسبوع ميلان للتصميم 2023» مجلس السفيفة «الذي يوفر للزوار فرصة فريدة لاكتشاف تفاصيل المواد والحرف والثقافات والموارد المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويقام في حي آلكوفا، شارع فيا ماركو أوريليو 21 – 20127، وهو نتاج تعاون مشترك بين «إرثي» وبرنامج «أتيلييه لوما» التابع لمركز«لوما آرل» للفنون، وتم تصميمه كمعرض متنقل سيتجول عبر منصات تصميم متنوعة حول العالم.
ونجحت مشاركة «إرثي» في «أسبوع ميلان للتصميم 2023» في تقديم نموذج لتكامل العمل المؤسسي في إمارة الشارقة، حيث جاءت بشراكة وتعاون مع كل من: دائرة العلاقات الحكومية، وبلدية الذيد، ومجموعة بيئة، وهيئة الشارقة للمتاحف، والعربية للطيران، الشريك اللوجستي، وهيئة البيئة والمحميات الطبيعية، ومركز مليحة للآثار، والأرشيف والمكتبة الوطنية، وعبر الخليج للخدمات الإسمنتية.