أكد أطباء في تخصصات متعددة أن تحديد ملاءمة المريض للصوم أو الإفطار يعتمد على تقييم حالة المريض الصحية من جانب الطبيب المعالج، مشددين على أهمية اتباع النصائح الطبية كأمر حتمي لأي مريض يخطط للصيام، ولاسيما إن كان يعاني أمراض القلب أو السكري أو ارتفاع ضغط الدم، أو الكلى.
وأكدوا ضرورة التشاور مع الطبيب المعالج بخصوص أهلية متلقي العلاج للصوم أو للصوم الجزئي، وبموجب ذلك ملاءمة العلاج الدوائي بما في ذلك ملاءمة أوقات وجرعات العلاج الدوائي لفترة الصوم.
وتفصيلاً، حذر الأطباء، محمد سليم، وهشام عمر، ونصر أبوالحسن، ومي محمد، وهالة الأحمدي، من تغيير مواعيد تناول الأدوية أثناء الصيام دون الرجوع للطبيب المختص، تجنباً لفقدان الفائدة المرجوَّة من الدواء، وحدوث مضاعفات خطرة؛ مؤكدين أن كل دواء له خواصه الفيزيائية والكيميائية وسرعة امتصاص الجسم له، لذا قد يُعفى بعض الأشخاص من الصيام خلال شهر رمضان، نظراً لإصابتهم بأمراض معيّنة أو لسوء حالتهم الصحية فيستمرون بأخذ أدويتهم وفقاً للبرنامج العلاجي الموضوع لهم.
وأشار الأطباء إلى أن كل عام قبل بدء شهر رمضان تزداد استفسارات المرضى حول كيفية تناول الأدوية أثناء الصيام، نظراً لاختلاف مواعيد تناول الدواء خلال هذه الفترة، لافتين إلى أن المشكلة تتركز دائماً في الأدوية التي يتم تناولها ثلاث أو أربع مرات يومياً، حيث تجب مراجعة الطبيب لتحديد البدائل المناسبة وتوقيتاتها، على عكس الأدوية التي يتم تناولها مرة واحدة في اليوم أو مرتين، حيث يمكن تناولها وقت الإفطار والسحور.
السكري
وأكد أخصائي الغدد الصماء، الدكتور محمد سليم، أهمية استشارة الطبيب المعالج قبل البدء في الصيام، لضبط مستوى السكر بالدم من أجل صيام آمن لمرضى السكري، وتجنباً لحدوث أي مضاعفات، حيث يكون هناك خطر من انخفاض مستويات السكر بالدم على نحو بالغ، ما يؤدي إلى الإصابة بنوبات إغماء ناجمة عن نقص السكر الشديد أو الارتفاع الشديد، وكلاهما بشكل عام يمكن أن يشكل خطراً كبيراً، مشدداً على ضرورة الحفاظ على نسبة السكر ضمن المعدل الطبيعي للشخص المريض، والالتزام بوجبتي السحور والإفطار، مع تناول أكبر قدر من المياه بين وجبتي الإفطار والسحور، لحماية الكليتين من التعرض للجفاف وضعف الأداء، والتركيز على استهلاك الحبوب المكررة، نظراً لاحتوائها على الألياف، ما يساعد على تنظيم مستويات السكر بالدم، هذا بالإضافة إلى البروتينات التي تتحول إلى النشاء بدلاً من السكر، والتقليل من الأطعمة والمشروبات السكرية والمحافظة على مستوى السوائل بالجسم أثناء ساعات الصيام.
ضغط الدم
من جانبه، قال أخصائي أمراض الباطنة، الدكتور نصر أبوالحسن: «بسبب التغيرات الجذرية في عادات الأكل والنوم قد يكون من الصعب تعامل بعض المرضى مع ارتفاع ضغط الدم، بسبب تأرجح مستويات ضغط الدم بشكل كبير، لذا ينبغي التحدث إلى الطبيب المعالج مسبقاً، حيث إن تعديل نمط الحياة، وتغيير النظام الدوائي، بما يتناسب مع متطلبات شهر رمضان، يساعد المريض على الصيام بأمان والتحكم في ضغط الدم دون مشكلات»، مشيراً إلى أهمية قيام مرضى ضغط الدم بالحفاظ على رطوبة الجسم وشرب ثلاثة لترات من الماء خلال فترة الليل، وتجنب السكريات والمشروبات التي تحتوي على الكافيين.
القلب
فيما أكد أخصائي أمراض القلب، الدكتور هشام عمر، ضرورة استشارة الطبيب المعالج قبل أسابيع عدة من اتخاذ قرار الصيام، لضبط مواعيد تناول الدواء، وتلقي التعليمات اللازمة لتجنب حدوث أي أعراض، مشيراً إلى إمكانية تناول المريض الدواء مرة عند الإفطار ومرة أخرى عند السحور، وفي حال تناول الدواء أكثر من مرتين، تجب مراجعة الطبيب المعالج، للنظر في إمكانية استبداله بدواء طويل المفعول، يؤخذ مرة أو مرتين يومياً.
ونصح الدكتور هشام عمر، مرضى القلب بالالتزام بتقليل كميات الطعام، وتناولها على مراحل لإحداث تغيرات إيجابية في الهرمونات وعملية الأيض، وتحفز إنتاج الكوليسترول الجيد، وتقلل من الكوليسترول الضار، وتجنب الأطعمة الدسمة والغنية بالدهون والأملاح، وعدم تناول كميات كبيرة من السوائل، مشيراً إلى أهمية تناول الأفراد بشكل عام كميات صغيرة من الطعام على أربع مراحل، مقسمة على مدار اليوم بدلاً من تناول وجبتين كبيرتين خلال شهر رمضان، وممارسة التمارين الرياضية كالمشي لتحسين الصحة العامة.
الحمل
من جانبها، أوضحت أخصائية طب النساء والتوليد، الدكتورة مي محمد، أن الكثير من النساء الحوامل لديهن القدرة على الصيام، باستثناء بعض الحالات التي تعاني مشكلات صحية، مثل الحامل المصابة بالسكري التي تتناول جرعات الأنسولين، والتي تعاني ارتفاع ضغط الدم، إلا أنه بشكل عام من الضروري مراجعة الطبيب المتابع لحالتها قبل اتخاذ قرار الصيام، بالإضافة إلى ضرورة الإكثار من تناول الماء والسوائل خلال الفترة ما بين السحور والإفطار تجنباً للإصابة بالجفاف، الأمر الذي قد يعرضهن للولادة المبكرة.
وأشار إلى وجود بعض الآثار المحتملة للصيام منها زياد احتمالية الإصابة بالجفاف، إذا لم يتم شرب الماء أو السوائل بشكل جيد، وقد يؤدي إلى حدوث انخفاض في الوزن عند الولادة، وزيادة احتمالية الولادة المبكرة، ويمكن حرمان الطفل والأم التغذية الأساسية، قد ينتج عنه حموضة شديدة، بالإضافة إلى زيادة احتمالية الإصابة بالإرهاق ونوبات الدوار والإغماء، لذا يجب تنسيق عملية الصيام مع الطبيب، وملاحظة المرأة الحامل لحالتها خلال أيام الصيام بشكل دقيق، حيث توجد علامات تحذيرية يجب عدم تجاهلها، والتواصل مع الطبيب في حال ظهور أي منها على الفور، ومن هذه العلامات عدم اكتساب وزن، أو قلة التبول المصحوب بالعطش بشكل متكرر، والغثيان والقيء، والصداع والألم في أجزاء أخرى من الجسم والحمى، والبول ذو اللون الداكن والرائحة القوية، بالإضافة إلى حالات الضعف الشديد والتعب.
الدكتور محمد سليم:
• ضرورة الحفاظ على نسبة السكر ضمن المعدل الطبيعي للشخص المريض، والتزام وجبتي السحور والإفطار.
الدكتور نصر أبوالحسن:
• تعديل نمط الحياة، وتغيير النظام الدوائي بما يتناسب مع متطلبات شهر رمضان، يساعد المريض على الصيام بأمان.
الدكتور هشام عمر:
• مرضى القلب يجب أن يتجنبوا الأطعمة الدسمة، ويلتزموا تناول كميات قليلة من الطعام لخفض الكوليسترول.
الآلام المزمنة
أكدت أخصائية طب الأسرة، الدكتورة هالة الأحمدي، أن الأشخاص الذين يعانون آلاماً مزمنة، قد يكون من الضروري لهم أخذ الأدوية المسكنة للألم خلال شهر رمضان، لذا في حال قرر المريض الصيام وكانت حالته تسمح بذلك، يتوجب عليه مراجعة الطبيب المعالج لمناقشة أي تغييرات محتملة يمكن إجراؤها على النظام العلاجي المتبع، حيث قد يكون من الممكن تعديل جرعة الأدوية أو عدد مرات أخذها أو مواعيد أخذها خلال شهر رمضان، مشددة على أن علاج الآلام المزمنة خلال شهر رمضان يتطلب وضع خطط مسبقة، من خلال الطبيب المعالج لتحديد الخيارات العلاجية المتاحة، وتجنب أي اضطرابات في البرنامج العلاجي المتّبع.