عثر صاحب «مقطورة ثلاجة» تبلغ قيمتها 88 ألف درهم على مركبته المسروقة، بعد شهرين من اختفائها في منطقة العوير، فتوجه إلى تاجر يحوزها، وطلب منه ردها، لكنه رفض ذلك، فحرر بلاغاً ضده، وأحيل إلى النيابة العامة في دبي ثم محكمة الجنح، بتهمة حيازة أشياء متحصلة من جريمة سرقة بشرائها بمبلغ أقل من قيمتها، وقضت المحكمة بإدانته وحبسه شهراً، وتغريمه قيمة المقطورة، وإبعاده عن الدولة، فطعن على الحكم أمام محكمة الاستئناف التي أيدت العقوبة، لكنها ألغت تدبير الإبعاد، وتصالح الطرفان في مرحلة التمييز، فقضت المحكمة بانقضاء الدعوى بالتصالح.
وأفادت تفاصيل الدعوى بحسب ما استقر في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها، بأن صاحب المقطورة أوقفها في ساحة رملية بمنطقة رأس الخور، وحين تفقدها بعد أيام فوجئ باختفائها، فبحث عنها في شبك الحجز، والمزادات، وأماكن عدة، لكنه لم يعثر عليها، وبعد شهرين وجدها في منطقة العوير مع المتهم، فأخبره بأنه مالكها ويحوز أوراقها، وطلب منه تسليمها إليه إلا أن المتهم رفض بدعوى أنه اشتراها من سائق بشركة نقل.
وأفاد شاهد إثبات بأنه قبل نحو سنة ونصف السنة من تاريخ الدعوى، استولى متهم هارب على المقطورة، وباعها للمتهم في هذه القضية مقابل 63 ألف درهم، مشيراً إلى أن صاحب المقطورة حاول بعد عثوره عليها التفاوض مع المتهم بأن يدفع له مبلغاً من المال مقابل إبرام عقد بيع وشراء، لكن المتهم
رفض وغادر إلى خارج الدولة، وقُبض عليه أثناء عودته، ووجهت إليه تهمة السرقة.
وبسؤال المتهم في تحقيقات النيابة العامة، أنكر التهمة المسندة إليه وهي السرقة، وأفاد بأنه اشترى المقطورة من آخر هارب مقابل 63 ألف درهم، من دون توثيق المبايعة، ولم يطلب من البائع إثبات ما يبرز ملكيته للمقطورة، وأخبره الأخير بأن البطاقة الجمركية الخاصة بها مفقودة.
وبعد نظر الدعوى، قالت المحكمة تقديماً لقضائها إنه لا يشترط لتوافر أركان الجريمة أن يكون الجاني عالماً علماً فعلياً بأن الأشياء متحصلة من جريمة، بل يكفي ثبوت أن الجاني قد حصل على الشيء في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدره، وتقدير توافر هذه الظروف من الأمور الموضوعية التي تخضع لسلطة قاضي الموضوع، متى استند في قضائه إلى أسباب سائغة، مستمدة من ظروف وملابسات محيطة بالواقع، كضآلة الثمن للبضائع الثمينة محل البيع، وطبيعة المكان الذي تم الشراء منه.
وأفادت بأنه من المقرر أن جريمة حيازة أو إخفاء أشياء حصل عليها الجاني في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها، تقوم في ركنها المادي على مجرد الحيازة سواء عن طريق الشراء أو الوديعة، أو الهبة أو غير ذلك، ويقوم ركنها المعنوي إذا ثبت أن الجاني قد حصل عليها في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها.
وقضت محكمة أول درجة بحبسه شهراً عمّا أسند إليه وتغريمه المال محل الجريمة 88 ألف درهم، وأمرت بإبعاده عن الدولة.
بدوره، طعن المتهم على الحكم أمام محكمة الاستئناف، معتصماً بإنكاره، كما طعنت النيابة العامة، وقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي، لكنها ألغت تدبير الإبعاد، وأخذت الدعوى طريقها إلى محكمة التمييز التي قضت بانقضائها بتصالح الطرفين.