شعر ضحايا الدم الملوث في المملكة المتحدة أخيراً بأنهم حصلوا على قدر من العدالة، بعد مرور ما يقرب من 50 عاماً على بدء الفضيحة، ومع ذلك لاتزال هناك أسئلة حول خطة التعويضات وما إذا كان سيتم توجيه تهم جنائية، ويأتي هذا بعد اختتام تحقيق عام دام ست سنوات في واحدة من أسوأ الكوارث العلاجية في تاريخ هيئة الخدمات الصحية الوطنية بالمملكة، حيث أصيب أكثر من 30 ألف شخص بفيروس نقص المناعة المكتسبة والتهاب الكبد الوبائي بعد إعطائهم منتجات دم ملوثة.
• وهذا ما حدث في بعض البلدان الأخرى:
أخطاء طبية في أستراليا
ظلت البيانات بشأن الدم الملوث غير معروفة في أستراليا، وقدرت الحكومة عدد الضحايا بما يصل إلى 8000 شخص، في حين قدرت جماعات حقوقية الرقم بنحو 20 ألف شخص.
وفي أوائل التسعينات، تم إنشاء صندوق لتوفير المساعدة المالية للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة، بسبب أخطاء طبية، وهو ما لا يعتبر تعويضاً، وتم إنهاء الصندوق في عام 2001، وفي ذلك الوقت تلقى 423 شخصاً مدفوعات يبلغ مجموعها 20.16 مليون دولار، ولم يكن الأشخاص المصابون بالتهاب الكبد مؤهلين للحصول على هذه المدفوعات على الرغم من أن بعضهم توصل إلى تسوية بشكل مستقل مع الصليب الأحمر الأسترالي.
وتم إجراء تحقيق في مجلس الشيوخ في عام 2004، لكن الحكومة لم تنفذ أبداً توصيته بتغطية التكاليف الطبية للضحايا.
تقرير كندا التاريخي
في أوائل الثمانينات أصيب نحو 2000 كندي بفيروس نقص المناعة المكتسبة بسبب منتجات الدم الملوثة، وأصيب نحو 30 ألفاً بالتهاب الكبد الوبائي «سي»، وفي عام 1993 بدأ تحقيق «كريفر»، ونُشر تقرير تاريخي في عام 1997 ألقي فيه باللوم على عدم وجود سياسة وطنية للدم في البلاد ما أدى إلى سلسلة من القرارات الكارثية.
وتم إجراء تحقيق جنائي في عام 1997 ووجهت الشرطة 32 تهمة جنائية ضد كبار العلماء في وزارة الصحة الكندية وجمعية الصليب الأحمر الكندي وشركة «أرمور» للأدوية ومقرها الولايات المتحدة، ومع ذلك تمت تبرئة الجميع في عام 2007.
وفي عام 2001 قضت المحكمة العليا بأن الصليب الأحمر الكندي كان مهملاً، وفي عام 2005 اعترفت المنظمة بالذنب في توزيع الدم الملوث بفيروس نقص المناعة المكتسبة والتهاب الكبد الوبائي، وتم تغريمها 5000 دولار فقط.
وعرضت الحكومة تعويضات للكنديين المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة منذ عام 1989، لكن الأمر استغرق سنوات ومعارك قانونية حتى حصل المصابون بالتهاب الكبد الوبائي على تعويضات بلغ مجموعها مليارات الدولارات.
خطط التبرع الصينية
كانت مراكز الدم غير المشروعة في منتصف التسعينات فريدة من نوعها في الصين، والتي كانت تجمع الدم من المزارعين الفقراء في مقاطعتي هينان وآنهوي، والذين أصيب العديد منهم بمرض الإيدز بسبب ممارسات غير صحية، ويُعتقد أيضاً أن الدم الملوث وجد طريقه إلى مستشفيات البلاد، ما أدى إلى إصابة مئات المرضى في أواخر التسعينات.
وشددت الحكومة المركزية على ضمانات إمدادات الدم من خلال إلغاء خطط التبرع بالدم الهادفة للربح، ومع ذلك حتى في عام 2004 ظلت السلطات تسعى إلى تصنيف حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة على أنها نتيجة لتعاطي المخدرات أو الدعارة في السجلات الرسمية.
إدانة سياسيين فرنسيين
في فرنسا تم إعطاء نحو 4000 شخص، كثير منهم من مرضى الهيموفيليا، دماً مصاباً بفيروس نقص المناعة المكتسبة في عام 1985، ووجهت اتهامات بالقتل غير العمد لرئيس الوزراء السابق لوران فابيوس واثنين من وزرائه، وفي عام 1999 تمت تبرئة فابيوس وأحد وزرائه، وأدين الوزير الآخر لكن أطلق سراحه، وزُعم أن السياسيين الثلاثة قاموا بتأخير إدخال اختبار فحص الدم الأميركي إلى فرنسا حتى يصبح منتج فرنسي منافس جاهزاً لطرحه في السوق، وحُكم على مدير المركز الوطني للدم بالسجن أربع سنوات.
محكمة خاصة في إيرلندا
تم إنشاء محكمة ليندساي في إيرلندا عام 1999 للتحقيق في إصابة مرضى الهيموفيليا بفيروس نقص المناعة المكتسبة والتهاب الكبد الوبائي من منتجات الدم الملوثة، والتي يأتي بعضها من متبرعين محليين، بالإضافة إلى سجناء أميركيين معرضين للخطر. وأوصت المحكمة بتقديم حزمة رعاية وتعويضات كاملة لما يقرب من 2000 شخص معنيين، وقررت أن المركز الوطني للهيموفيليا كان بطيئاً في الاستجابة لخطر العدوى.
وفي عام 2007 أفيد بأن فاتورة الدولة لتعويض الأشخاص المصابين بمنتجات الدم الملوثة تجاوزت مليار يورو.
إجراءات إيطالية بطيئة
أمرت محكمة في روما وزارة الصحة في يونيو 2001 بدفع تعويضات لـ351 شخصاً أصيبوا بفيروس نقص المناعة المكتسبة والتهاب الكبد الوبائي، من خلال عمليات نقل الدم لهم ولأسرهم، وقالت المحكمة إن الوزارة كانت بطيئة للغاية في اتخاذ إجراءات لمنع انتشار الفيروس عن طريق الدم المتبرع به، ولم تقم بإجراء فحوص مناسبة على البلازما.
أحكام بالسجن في اليابان
في الثمانينات أصيب ما بين 1000 و2000 مريض بالهيموفيليا في اليابان بفيروس نقص المناعة المكتسبة من خلال منتجات الدم الملوثة التي لم تتم معالجتها بالحرارة على الرغم من توافر التكنولوجيا، وفي نوفمبر 1995 تمت تسوية القضية بتعويض قدره 420 ألف دولار لكل ضحية، منها 235 ألف دولار من الشركات المعنية والباقي من الحكومة اليابانية.
وفي فبراير 2000 صدرت أحكام بالسجن على ثلاثة مسؤولين تنفيذيين سابقين في شركة أدوية، وأُدين رينزو ماتسوشيتا، الرئيس السابق لمكتب الشؤون الصيدلانية بوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، واثنين من زملائه، بتهمة الإهمال المهني الذي أدى إلى الوفاة، وفي عام 2000 حكم على ماتسوشيتا بالسجن لمدة عامين.
وفي عام 2001 برأت محكمة في طوكيو كبير خبراء مكافحة الإيدز السابقين من تهمة الإهمال المهني في ما يتعلق بهذه الفضيحة.
وزيرة برتغالية تتجنب المحاكمة
أصيب أكثر من 100 مصاب بالهيموفيليا في البرتغال بفيروس نقص المناعة المكتسبة بعد تلقيهم عمليات نقل بلازما ملوثة من خدمة الصحة العامة، وفي عام 1995 اتُهمت وزيرة الصحة السابقة، ليونور بيليزا، لدورها في الفضيحة خلال فترة وجودها في منصبها في الثمانينات، وقد تجنبت المحاكمة لأن قانون التقادم قد انتهى.
قانون أميركي للدعاوى
وفي الولايات المتحدة سعى المصابون بالهيموفيليا للحصول على تعويضات من خلال رفع دعاوى قضائية ضد الشركات التي توفر منتجات الدم، وبعد سنوات من الجدل القانوني وافقت شركة «باير» والشركات الثلاث الأخرى في عام 1997 على دفع 660 مليون دولار لتسوية القضايا نيابة عن أكثر من 6000 مريض بالهيموفيليا أصيبوا في أوائل الثمانينات، ودُفع ما يقدر بـ100 ألف دولار لكل مصاب بالهيموفيليا، وتم بعد ذلك التوقيع على مشروع قانون يمنح عامين إضافيين لرفع دعاوى مسؤولية المنتج ضد الشركات المصنعة، ما يسمح لـ75 شخصاً برفع دعاوى.
• الحكومة الأسترالية لم تنفذ أبداً توصية مجلس الشيوخ في عام 2004 بتغطية التكاليف الطبية للضحايا.
• في عام 2001 برأت محكمة في طوكيو كبير خبراء مكافحة الإيدز السابقين من تهمة الإهمال المهني.