أعلنت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، عن نجاح مجموعة من الباحثين من قسم علوم الأرض بكلية الهندسة والعلوم الفيزيائية في تجميع صورة أكثر شمولية لتاريخ كوكب الأرض، حيث كشف الباحثون عن وجود أدلة لحدوث عمليات مائية قديمة تعود تاريخها إلى 4 مليارات سنة، وهو ما يؤكد وجود أراض يابسة ومياه عذبة خلال المراحل الأولى لكوكبنا ويسلط الضوء على الظروف البيئية الهامة لتطور الحياة على كوكب الأرض.
وتفصيلاً، أورد الباحثون هذا الاكتشاف الهام في الوثيقة التي حملت عنوان “بدء الدورة المائية للأرض منذ أربع مليارات سنة أو قبل ذلك”، والتي كتبها المؤلف الرئيس للدراسة الدكتور حامد جمال الدين، الأستاذ المساعد في علوم الأرض بجامعة خليفة، إلى جانب فريق من الباحثين الدوليين. وقد نُشِرَت هذه الدراسة في مجلة نيتشر جيوساينس التي تندرج في قائمة أفضل 1% من المجلات العلمية في مجال علم الأرض والكواكب.
وقال عميد مشارك في البحوث وأستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر بجامعة خليفة، الدكتور أحمد الدرة: “يسرنا أن نعلن عن الاكتشاف الهام الذي تحقق على يد الدكتور حامد جمال الدين وزملائه. ويُعَد هذا البحث غير التقليدي علامة فارقة شديدة الأهمية في فهمنا للتاريخ القديم للأرض ويحمل دلالات عميقة فيما يتعلق بالبحث عن دليل على وجود حياة خلال فترات مبكرة تصل إلى 600 مليون عام بعد نمو الأرض.
وأضاف الدرة: “تسلط هذه النتائج الضوء على العلاقة المتداخلة بين الدورة المائية وظهور الأرض والماء العذب وإمكانية نشوء الحياة وتطورها، كما يساهم هذا البحث في تعزيز فهمنا للتطور المبكر للأرض والكشف عن آثار واسعة النطاق تتعلق بعلم البيولوجيا الفلكية والبحث عن حياة على كواكب أخرى خارج نطاق كوكبنا”.
فيما أفاد الدكتور حامد جمال الدين، مؤلف الدراسة الرئيسي، في بيان صحفي: “من خلال فحص العمر ونظائر الأكسجين في بلورات صغيرة من معدن الزيركون، وجدنا بصمات نظائرية خفيفة بشكل غير عادي يعود تاريخها إلى أربعة مليارات سنة مضت، مشيراً إلى أن نظائر الأكسجين الخفيفة هذه عادةً ما تكون نتيجة للمياه العذبة الساخنة التي تغيّر الصخور على عمق كيلومترات عدة تحت سطح الأرض”.
أوضح جمال الدين أنّ الدليل على وجود المياه العذبة لا يمكن تفسيره إلا بوجود الأراضي الجافة، حيث تتجمّع المياه، وتتسرّب إلى القشرة القارية، قائلاً “اكتشفنا أقدم دليل على وجود المياه العذبة وأدلة تمثيلية على الأراضي الجافة فوق البحر”، وأنّ هذا الاكتشاف يعني أن نسخة أصول الحياة كانت موجودة بعد أقل من 600 مليون سنة من تكوين الأرض، أي قبل وقت طويل من ظهور الديناصورات أو حتى أقدم حياة ميكروبية معروفة.
وأشارت جامعة خليفة، إلى قياس العلماء نِسَب الأكسجين الثقيل إلى الأكسجين الخفيف، والتي يُعتَقَد أنها أخف كثيراً في الماء العذب بالمقارنة مع ماء البحر. وبعد قياس هذه النسب في أكثر من 1000 بلورة زركون، وجد الباحثون أن جزءًا كبيرًا منها يعود إلى فترة تتراوح ما بين 3.5 إلى 4.0 مليار سنة مضت وتتسم باحتوائها على النظائر المُشعة للأكسجين الخفيف. ويشير قياس هذه النِّسَب إلى إمكانية تكوُّن بلورات الزركون من الصخر البركاني المنصهر الذي نشأ بدوره عن تفاعل الماء العذب مع الصخور.
ولفتت الجامعة إلى أن الباحثون من خلال آلاف عمليات المحاكاة باستخدام الكومبيوتر، قد أثبتو أن بلورات الزركون التي تحتوي على قيم ضئيلة للغاية من النظائر المُشعة يمكنها أن تنتج فقط عن التفاعل بين أنظمة الصخر البركاني المنصهر على قشرة الأرض والماء العذب. ويوفر هذا الاكتشاف معلومات قيمة عن أقدم وجود للمياه العذبة واليابسة على الأرض وبدء الدورة المائية، كما يرجح أن هذه العوامل ساهمت في إيجاد الظروف البيئية اللازمة لتطور الحياة في نطاق زمني قصير نسبيًا يقل عن 600 مليون سنة بعد تكوُّن الأرض.
كادر
أقدم حياة على الأرض
أكدت جامعة خليفة أن العلماء أحرزوا تقدمًا كبيرًا في فهم أصول الحياة على الأرض، إذ يعود تاريخ أقدم حياة على الأرض إلى حوالي 3.5 مليار عام، حيث يُعتَقَد أنها نشأت في بيئات الينابيع الحارة على الأرض التي توافرت فيها المياه العذبة لكن بقي التوقيت المُحدَّد للتفاعل واسع النطاق بين الماء العذب والأرض اليابسة غير مؤكَّد. إضافة لذلك، فحص العلماء من خلال الدراسة الجديدة مجموعة كبيرة من نظائر الأكسجين المُشعة المختلفة في بلورات معدنية دقيقة تُسمَّى الزركون المكون من الجسيمات الرسوبية في تلال جاك الواقعة غرب أستراليا. ويعتبر الزركون أقدم المواد الأرضية حتى الآن وهو موجود عبر فترة زمنية تمتد من العصر الهادي إلى العصر القديم، أي في فترة تتراوح تقريبًا ما بين 4,4 مليار إلى 3,1 مليار سنة).
كلام الصورة: الاكتشاف يعني أن نسخة أصول الحياة كانت موجودة بعد أقل من 600 مليون سنة من تكوين الأرض.