خلال الأشهر التسعة الماضية، رفع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، أسعار الفائدة بأسرع وتيرة منذ الثمانينيات، ما أدى إلى انهيار الأسواق، وتوقف قطاع العقارات، وأثار مخاوف من ركود وشيك. وكان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي متفقين على أن سعر الفائدة بحاجة إلى الارتفاع بقوة، عندما بلغ التضخم أعلى مستوياته في 40 عاماً. لكن الآن بدأت الانقسامات في الظهور حول مدى تعقد وضع التضخم وما ينبغي عليهم فعله حيال ذلك.
ومن المتوقع أن يهدأ التضخم بشكل مطرد العام المقبل، حيث يريد البعض التوقف عن رفع أسعار الفائدة قريباً. كما يشعر آخرون بالقلق من عدم تراجع التضخم بالدرجة الكافية، وهو سيناريو يدعو إلى رفع أسعار الفائدة أو الإبقاء عليها عند هذا المستوى، مرتفعة لفترة أطول، ما يعزز فرصة حدوث انكماش حاد.
ويترك هذا الأمر أمام باول، تحدياً حول رسم المرحلة التالية من سياسة أسعار الفائدة. وأعرب باول من قبل عن قلقه بشأن مخاطر عدم القيام بما يكفي من خطوات لمحاربة التضخم.
في المرحلة الأولى من معركته ضد التضخم، رفع الاحتياطي الفيدرالي، معدلات الفائدة بسرعة من الصفر، كما رفع الأسعار بمقدار 0.75 نقطة مئوية في كل الاجتماعات الأربعة الماضية، وقد حظيت هذه التحركات الثلاث الأخيرة بتأييد جماعي من لجنة تحديد الأسعار.
الآن، في المرحلة الثانية، يتوقع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي، زيادة أسعار الفائدة، حيث أشار باول، إلى رفع سعر الفائدة القياسي على الأموال الفيدرالية بمقدار 0.5 نقطة. ويؤدي ذلك إلى رفع المعدل إلى نطاق بين 4.25% و4.5%، وهو أعلى مستوى في 15 عاماً.
أما في المرحلة الثالثة، التي يتوقع معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، الوصول إليها بحلول الربيع أو الصيف، فسيبقي الاحتياطي الفيدرالي، السعر عند مستوى أعلى، لم يتم تحديده بعد، حتى يصل التضخم إلى هدفه البالغ 2%.
ويبدو أن الانقسام في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، قد تحدد في معسكرين: (الحمائم)، ويعتقدون أن التضخم المرتفع سيتباطأ بشكل مطرد ويريدون تقليل خسائره. و(الصقور)، الذين يتبنون تدابير أكثر صرامة ضد التضخم. ويجادل الحمائم بأن التضخم المرتفع هو نتيجة اضطرابات غير متوقعة مثل الجائحة وحرب روسيا ضد أوكرانيا، وأنه بمجرد انحسارها، ستؤدي الزيادات السريعة في معدل الفائدة إلى إضعاف الطلب، ما يخفض الأسعار.
كما يتوقعون أن يروا هذا التضخم الهادئ في المساكن والسيارات وغيرها من السلع طويلة الأمد. أما الصقور فهم قلقون من أن الفيدرالي قد يرفع أسعار الفائدة أعلى مما هو مطلوب والتسبب في انكماش اقتصادي عميق.
في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الشهر الماضي، حذر البعض من الاستمرار في رفع أسعار الفائدة بتحركات كبيرة، وفقاً لمحضر اجتماع اطلعت عليه صحيفة «وول ستريت جورنال». ومن بين مخاوفهم أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد تحرك بسرعة كبيرة العام الجاري بحيث لم يكن لديه الوقت لدراسة الآثار في الاقتصاد.
وبينما يشعر الصقور بالقلق من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي، سيبدأ في خفض أسعار الفائدة في وقت قريب جداً، بمجرد ارتفاع معدل البطالة، حيث يشير عدد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، بمن فيهم باول، إلى أن الأمر سيكون أسوأ إذا عاد التضخم إلى الارتفاع، فإن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن الاحتياطي الفيدرالي قد شدد بالفعل أكثر من اللازم.
ويرى اقتصاديون آخرون أن هناك مخاطر لاستمرار التضخم، ما لم يمر الاقتصاد بالركود لأن الولايات المتحدة تواجه نقصاً في العمالة، ولأن تضخم الأجور يميل إلى أن يكون من الصعب خفضه دون حدوث انكماش. الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بأسرع وتيرة منذ الثمانينيات، ما أدى إلى انهيار الأسواق، وتوقف قطاع العقارات، وأثار مخاوف من ركود وشيك.