لم يمض على عودتها من الولايات المتحدة الأميركية ساعات طويلة، عقب مشاركتها في المؤتمر الدولي الأول لزملاء مبادرة الشرق الأوسط للتعليم في جامعة هارفرد، حتى تلقت المعلمة الفلسطينية عبير رشدي قنيبي، من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، اتصالاً هاتفياً من الأمين العام لجائزة خليفة التربوية أمل العفيفي، تخبرها بفوزها ضمن فئة المعلم المبدع على مستوى الوطن العربي، قبل الإعلان عن ذلك مباشرة على الموقع الإلكتروني للجائزة.
لحظات الاتصال هذه – التي حددت موعد تسلم جائزة خليفة التربوية في دورتها السادسة عشرة 2023، خلال احتفال كبير ينظم يوم الثلاثاء السادس من يونيو في الإمارات – حملت في طياتها فرحة كبيرة للمعلمة عبير، لتكافئ عن مشوار جدّها وكدّها في تقديم خدمة تعليمية منقطعة النظير لطالباتها، والتفرد بأبحاث علمية ذات دقة متناهية في مبحث علوم الرياضيات.
«خليفة التربوية»
وقنيبي معلمة لمبحث الرياضيات في مدرسة وداد ناصر الدين الثانوية للبنات في مدينة الخليل.
والتقت «الإمارات اليوم» الفلسطينية عبير قنيبي (46 عاماً)، معلمة منهاج الرياضيات داخل مدارس وزارة التربية والتعليم الفلسطينية منذ عام 2001، لتسرد آلية التقديم لجائزة خليفة التربوية، شارحة تفاصيل المواد العلمية التي تقدمت بها، فنالت على إثرها الجائزة التي استحقتها.
وتقول قنيبي: «إن جائزة خليفة التربوية أعلنت عن أسماء 41 معلماً ومعلمة على المستويات المحلية والعربية والدولية، لتكريمهم في دورتها السادسة عشرة 2023 التي تتضمن 10 فئات مختلفة، منها فئة المعلم المبدع على مستوى العالم العربي التي فزتُ بها، إلى جانب أربعة معلمين من الجزائر والسعودية والأردن والكويت».
وتبين أن التقدم للمشاركة في هذه الفئة يشترط تعبئة نموذج خاص يحتوي على مجموعة من الطلبات المتعلقة بالمهارات والجوائز السابقة، إضافة إلى المعلومات الشخصية، كما يرتكز طلب المشاركة على تسعة مجالات رئيسة، تختصر تفاصيل إنجاز المعلم المشارك، وهي القيادة والكفاءات الشخصية، وتقييم التعلم، والدراسات والبحوث، والتنمية المهنية المستدامة، والتعلم عن بعد، والتواصل والشراكات المجتمعية، والولاء والانتماء والمواطنة الإيجابية، والتعلم المستدام.
وتشير المعلمة الفلسطينية إلى أن المرحلة الثانية للظفر بالجائزة، هي تجاوز مرحلة المقابلات التي تعتمد بشكل أساسي على أن يثير الطلب اهتمام لجنة التحكيم، ويكون ذلك للمرشحين النهائيين من المشاركين في «خليفة التربوية».
وقالت «إن جائزة خليفة التربوية تهتم بالأفكار التعليمية الشائقة فريدة النوع، وتكرّم أصحاب العقول الفذة، فيما تحترم جهود تطوير المواد التدريسية منقطعة النظير وتحتضنها، للارتقاء بالعمل التربوي ومستويات الطلبة في شتى بقاع الأرض، وهذا يعد بحد ذاته المكافأة التي أتمنى الحصول عليها للمضي قدماً في مسيرة التميز والإبداع التعليمي».
نقلة نوعية
عبير قنيبي الحاصلة على منحة زمالة مبادرة الشرق الأوسط في التعليم من كلية الدراسات العليا في جامعة هارفرد الأميركية، والتي حصدت مرتبة الشرف في برنامج درجة ماجستير الرياضيات في جامعة بوليتكنك فلسطين، تفردت بإنجاز برامج تعليمية، إلى جانب تطويرها برامج أخرى أسهمت في إحداث نقلة نوعية في مستويات طالباتها الدراسية، وتقديم خدمة تدريسية مثالية لهنّ طبعت الابتسامة على شفاههن.
وتقول الحائزة جائزة خليفة التربوية: «إنني لا أعتمد في التعليم على أساليب التلقين التقليدية، بل أتبع نهج أساليب حديثة متنوعة تنمّي مهارات التفكير العليا لدى الطالبات وتحفّزهن على الابتكار، بالاعتماد على العصف الذهني، وهذا يكوّن لديهن حالة من الشغف بمادة الرياضيات».
وتنتهج المعلمة الفلسطينية استراتيجية تسمى منحى steam، وهي دمج العلوم والاستفادة منها، كما تتبع استراتيجية التعليم المعكوس التي من خلالها تعد المادة بتفاصيلها الدقيقة لتدرّسها للطالبات منزلياً، لتحقق مبدأ المشاركة أثناء الحصة الدراسية، إلى جانب توزيع الطالبات وتوزيع بطاقات لإنجاز مهمات تراعي الفروق الفردية بطريقة لا تجعل الطالبات يشعرن بذلك.
وتمضي قنيبي بالقول: «إن استراتيجية التعليم الخاصة بي لتعليم مادة الرياضيات، اعتمدت على برامج تدريبية صممتها وطورتها، أبرزها (نموذج قنيبي 2022) لتنمية مهارات البحث العلمي للطلبة في مرحلة التعليم العام، وفي عام 2020 ابتكرت (مقهى الرياضيات) الحاصل على المركز الأول على مستوى فلسطين، كأفضل مبادرة تربوية».
تحدٍ وإبداع
وتابعت «إن الاحتلال الذي يسعى جاهداً إلى تهجيرنا وطمس هويتنا التاريخية، وإجبارنا على الرضوخ لإجراءاته التعسفية، هو دافع التحدي لمواجهته بالتطور علماً ومعرفة، فنصمد أمام مخططاته وننتصر عليه في معركة العقل والقلم».
وتقول: «إن الاحتلال يعزلنا بمستوطناته الجاثمة على أراضينا، ويتحكم في حرية تنقلنا عبر مئات الحواجز العسكرية والبوابات الإلكترونية، المنتشرة داخل بلداتنا وأحيائها، فنجد صعوبة بالغة في التوجه إلى المؤسسات التعليمية بشكل يومي».
وتضيف قنيبي: «على الرغم من كل ذلك، نصرّ على السير في درب الحفاظ على مستقبل أبنائنا الطلبة، وصولاً إلى منابر العلم، لخلق جيل مثقف يدرك حقيقة حرب الاحتلال ضد موروثه الثقافي». وتتابع: «إن إصرارنا على المضي قدماً في رحلة العلم والمعرفة، تجاوز حدود مجابهة الاحتلال داخل أراضينا المغتصبة، لننتصر عليه داخل المحافل الدولية والعربية التي تشهد بتفوقنا منقطع النظير، فنثبت للعالم أجمع أن الإبداع يولد من رحم المعاناة».
جدير بالذكر أن الفائزة بمحور المعلم المبدع على مستوى الوطن العربي هي أول معلمة منحت لقب أفضل معلم في فلسطين لعام 2016، ضمن المسابقة السنوية التي تنظمها وزارة التربية والتعليم في فلسطين، كما حازت وسام التميز والاستحقاق الفضي من الرئيس الفلسطيني. وفي عام 2017 اختارتها منظمة «فاركي» البريطانية من بين أفضل 50 مدرساً في العالم، فيما نالت لقب المعلم العالمي في عام 2020 ضمن مسابقة نظمت في الهند، وفي عام 2022 نالت المرتبة الأولى كأفضل مبادرة للأسر الصفّية.
وشاركت المعلمة الفلسطينية قنيبي متحدثة وممثلة رسمية عن المعلم الفلسطيني في العديد من القمم الدولية والمنتديات التربوية والمؤتمرات العلمية، لتصبح سفيرة للتعليم عام 2017، وسفيرة لأهداف التنمية المستدامة في عام 2019، فيما تعد سفيرة فلسطين للحراك البيئي العالمي منذ 2019، ومنسقة لمشروع البرمجة الأوروبي، وميسرة لمشروع STEAM الدولي لعام 2022.
جائزة خليفة التربوية تهتم بالأفكار التعليمية الشائقة فريدة النوع، وتكرّم أصحاب العقول الفذة، فيما تحترم جهود تطوير المواد التدريسية منقطعة النظير وتحتضنها، للارتقاء بالعمل التربوي.
عبير قنيبي الحاصلة على منحة زمالة مبادرة الشرق الأوسط في التعليم من كلية الدراسات العليا في جامعة هارفرد الأميركية، والتي حصدت مرتبة الشرف لبرنامج درجة ماجستير الرياضيات في جامعة بوليتكنك فلسطين، تفردت بإنجاز برامج تعليمية، إلى جانب تطويرها برامج أخرى أسهمت في إحداث نقلة نوعية في مستويات طالباتها الدراسية، وتقديم خدمة تدريسية مثالية لهنّ طبعت الابتسامة على شفاههنّ.