تسارعت الجهود الدولية لمساعدة ليبيا الخميس بعدما أودت فيضانات أشبه بتسونامي ب 4000 شخص على الأقل، فيما ما زال الآلاف في عداد المفقودين، بينما أرجعت الأمم المتحدة حجم الحصيلة إلى الحرب والفوضى التي تعيشها البلاد منذ سنوات.
أدّى التدفّق الهائل للمياه الناجمة عن العاصفة إلى انفجار سدّين في وقت متأخر الأحد ليصبح المشهد في مدينة درنة أشبه بنهاية العالم إذ جرفت المياه أبنية بأكملها وأعدادا غير محددة من السكان إلى البحر المتوسط.
وقال ناج أصيب بجروح “ارتفع منسوب المياه فجأة في غضون ثوان”، مشيرا إلى أن المياه جرفته مع والدته عندما وقعت الفيضانات ليلا قبل أن يتمكنا من التشبّث بمبنى خال والاحتماء فيه.
وتابع الرجل الذي لم يتم التعريف عن هويته وفق الشهادة التي نشرها مركز بنغازي الطبي “ارتفع منسوب المياه إلى أن وصلنا للطابق الرابع، كانت المياه بارتفاع الطابق الثاني”.
وأضاف “سمعنا أشخاصا يصرخون. رأيت من النافذة سيارات وجثثا تجرفها المياه. استمر الوضع هكذا مدة ساعة أو ساعة ونصف ساعة بدت بالنسبة إلينا كأنها سنة”.
وتصطف حاليا مئات أكياس الجثث في شوارع درنة الموحلة بانتظار الدفن، فيما يبحث السكان الذين ما زالوا في حالة صدمة عن أحبائهم المفقودين في الأبنية المدمّرة بينما تزيل جرّافات الركام وأكوام الرمل من الشوارع.
“محيت من الخريطة”
وقال منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، إن “حجم كارثة الفيضانات في ليبيا صادم ويفطر القلب. مُحيت أحياء بأكملها من الخريطة. جُرفت المياه عائلات كاملة فوجئت بما حصل. لقي الآلاف حتفهم وتشرّد عشرات الآلاف الآن بينما ما زال كثر في عداد المفقودين”.
وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة أنه “كان من الممكن تفادي سقوط معظم الضحايا” لو أن أنظمة التحذير المبكّر وإدارة الطوارئ تعمل كما يجب في البلد الذي عانى من الحرب.
وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس، إنه من خلال التنسيق بشكل أفضل، “كان بالإمكان إصدار إنذارات وكانت هيئات إدارة الحالات الطارئة تمكنت من إجلاء السكان، وكنا تفادينا معظم الخسائر البشرية”.
وأفاد الصحافيين في جنيف أن النزاع المستمر في ليبيا منذ سنوات يعني أن شبكة الأرصاد التابعة لها “مدمّرة إلى حد كبير وأنظمة تكنولوجيا المعلومات مدمّرة”.
وأضاف “وقعت الفيضانات ولم تجر أي عمليات إجلاء نظراً لعدم وجود أنظمة تحذير مبكر مناسبة”.
تعهّدت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إضافة إلى عدة بلدان من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إرسال فرق إنقاذ ومساعدات تشمل مواد غذائية وخزّانات مياه ومراكز إيواء طارئة ومعدات طبية إضافة إلى مزيد من أكياس الجثث.
ما زال الوصول إلى درنة الواقعة في شرق البلاد صعبا للغاية إذ دمّرت الطرقات والجسور فيما انقطعت خطوط الطاقة والهاتف عن مناطق واسعة حيث تشرّد 30 ألف شخص على الأقل.
ولم تُعرف حتى الآن الحصيلة الفعلية للقتلى فيما أفاد المسؤولون عن أعداد متضاربة.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية في الحكومة التابعة للسلطات في شرق البلاد الملازم طارق الخراز إنه تم حتى الأربعاء العثور على 3840 جثة.
لكن يُعتقد بأن عددا أكبر بكثير جرفوا إلى البحر أو دفنوا بالرمل نتيجة المياه الموحلة التي اجتاحت المدينة.
وحذّرت جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر من أن 10 آلاف شخص ما زالوا في عداد المفقودين.
أرسلت دول عديدة أو تعهّدت تقديم مساعدات بما فيها الإمارات والجزائر ومصر والأردن والكويت وقطر وتونس وتركيا إضافة إلى الفلسطينيين.
كما تعهّدت الولايات المتحدة تقديم المساعدة بينما انضمت بريطانيا وفنلندا وفرنسا وإيطاليا ورومانيا إلى جهود المساعدة الأوروبية.
وربط خبراء المناخ الكارثة بتداعيات ارتفاع درجة حرارة الأرض إضافة إلى البنى التحتية الليبية المتهالكة.
وازدادت قوة العاصفة “دانيال” خلال صيف حار بشكل غير معهود وضربت تركيا وبلغاريا واليونان في وقت سابق لتحدث فيضانات على نطاق واسع أسفرت عن مقتل 27 شخصا على الأقل.
وقال مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن “العاصفة دانيال هي تذكير فتّاك آخر بالتأثير الكارثي لتغير المناخ على كوكبنا”.
ودعا تورك جميع الأطراف في ليبيا إلى “تجاوز الجمود السياسي والانقسامات والتحرّك بشكل جماعي لضمان وصول الإغاثة”.
وتابع “هذا وقت وحدة الهدف: على جميع المتضررين أن يحصلوا على المساعدة بغض النظر تماما عن ارتباطاتهم”.