تمتلك دولة الإمارات سجلاً إنسانياً حافلاً أرسى دعائمه القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتواصل السير على نهجه القيادة الرشيدة لصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، عبر مد أياديها البيضاء لتشمل المعوزين وغير القادرين حول العالم دون تفرقة بين جنس أو لون أو دين.
وفي صفحة جديدة من صفحات العطاء وبالتزامن مع «اليوم العالمي للعمل الإنساني» أضافت دولة الإمارات إلى سجلها الإنساني إنجازاً آخر ينبض بالمحبة والخير للأشقاء السودانيين اللاجئين في جمهورية تشاد، وإخوانهم من سكان مدينة أم جرس القريبة من الحدود السودانية، وما يجاورها من بلدات وقرى ممثلاً في المستشفى الميداني الإماراتي، الذي تبلغ مساحته 200 في 200 متر مربع بسعة 50 سريراً قابلة للزيادة إلى الضعف، ويشرف عليه الفريق الإنساني الإماراتي، الذي يتكون من ممثلي هيئة الهلال الأحمر، ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، ويعمل بالتنسيق مع مكتب تنسيق المساعدات بوزارة الخارجية.
وجاء افتتاح المستشفى في التاسع من يوليو الماضي، تنفيذاً لتوجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بشأن إنشاء مستشفى ميداني في جمهورية تشاد، دعماً للاجئين من الأشقاء السودانيين، ومنذ ذلك اليوم أصبح للمستشفى عظيم الأثر في حياة الآلاف من اللاجئين السودانيين، وبات مقصداً للمواطنين التشاديين من جميع شرائح المجتمع، نظراً إلى السُمعة الطيبة التي حظي بها المستشفى في وقت قصير.
ويقدم طاقم طبي متكامل في جميع التخصصات خدماته على مدار الساعة وباحترافية عالية، ممثلاً في عشرات الأطباء والصيادلة والممرضين والفنيين ذوي الخبرة والكفاءة العالية، مستعينين بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية الضرورية والأدوية الحديثة لعلاج روّاد المستشفى.
ويضم المستشفى الميداني ثلاث مناطق رئيسة: الأولى حمراء (الطوارئ) وتستخدم لعلاج الحالات الحرجة وذلك لدواعي إنقاذ الحياة والأطراف وعلاج الصدمات، ويتم فيها توزيع الفرق الجراحية إلى أربعة فرق ليتم التعامل مع أربع حالات حرجة في وقت واحد.
وتحتوي المنطقة الحمراء على قسم للأشعة المقطعية التي تساعد في تشخيص حالة المريض، إضافة إلى الأشعة السينية والتلفزيونية، ومن ثم يتم بعدها تحويل المريض إلى غرفة العمليات لإجراء التدخل الجراحي اللازم، على أن ينقل بعدها إلى قسم العناية المركزة المزوّد بأحدث الأجهزة والمعدات، وقد أجرى المستشفى حتى الآن أكثر من 47 عملية جراحية ما بين كبرى وصغرى تكللت جميعها بالنجاح.
والمنطقة الثانية في المستشفى هي الصفراء، والتي تعالج فيها الحالات المتوسطة كالكسور أو هبوط ضغط الدم وغيرهما، ويتم فيها الاحتفاظ بالمريض لمدة قد تصل إلى أربع ساعات للتأكد من استجابته للعلاج وتحسّن حالته.
أما المنطقة الثالثة والأخيرة فهي «المنطقة الخضراء» ذات الاستخدام اليومي، وفيها يتم استقبال المراجعين والمرضى الراجلين، حيث يتم فحصهم وتحويلهم للطبيب المختص لتقديم العلاج اللازم لهم، وتضم عدداً من العيادات للتعامل مع الحالات المرضية المختلفة كالعيون والعظام والجلدية وغيرها، واستقبل المستشفى حتى الآن فى هذه المنطقة أكثر من 5100 مريض بمعدل 200 مريض يومياً.
وحرصاً من دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة على تكامل المستشفى الميداني ومراعاة توافقه مع أرقى المستشفيات الميدانية الحديثة، فقد تم تزويده بمختبر يحتوي على أحدث الأجهزة الدقيقة لتشخيص أمراض الدم و الفحوص والتحاليل الأخرى، التي تعطي نتائج دقيقة جداً ما يساعد الطبيب على تشخيص حالة المريض، ويتضمن المختبر أيضاً بنكاً للدم يتم الاحتفاظ فيه بوحدات الدم من مختلف الفصائل وبكميات مناسبة.
وتم تزويد المستشفى بصيدلية تحوي جميع أنواع الأدوية والمضادات الحيوية، إضافة إلى العلاجات التخصصية، مثل علاجات الأطفال والنساء والولادة والجلدية والأمراض المزمنة، إلى جانب الفيتامينات وغيرها.
ويضم المستشفى خمسة عنابر للتنويم بسعة كلية 50 سريراً قابلة للزيادة إلى الضعف، لترتفع إلى 100 سرير يتم فيها متابعة حالة المريض بشكل دقيق وتقديم العلاج اللازم له حتى عودته لحياته الطبيعية.
وتضم المساحة الخارجية للمستشفى الخدمات المساندة كمستودعات الأدوية والمعدات الطبية والمستهلكة، ومطبخاً مركزياً، ومغسلة، ومحرقة خاصة مزوّدة بأحدث أجهزة التخلص من النفايات الطبية بطريقة آمنة، ولم يغفل المستشفى الميداني الإماراتي عن بناء جسور التواصل والتعاون مع المستشفيات التشادية في المنطقة، عبر تقديم يد العون والدعم لها، خصوصاً مع استقبالها العديد من الحالات المرضية المحولة من مستشفيات مدينة أم جرس ذات الإمكانات البسيطة.
ولم تكتف الأيادي البيضاء لدولة الإمارات بذلك، فقد تواترت إلى مسامع الفريق الإنساني أن هناك العديد من المرضى، خصوصاً من كبارالسن، الذين يصعب عليهم التنقل من قراهم النائية للوصول إلى المستشفى الميداني لتلقي العلاج اللازم بسبب وعورة الطرق وقلة الإمكانات، ليبادر الفريق بتدشين أسطول من العيادات المتنقلة المجهزة بمختلف المستلزمات الطبية والإسعافات الأولية اللازمة والأدوية، مدعومة بكوادر من الأطباء والصيادلة والممرضين، فضلاً عن فريق من المسعفين لتقديم العلاج لتلك الفئة من المرضى، علاوة على نقل بعض الحالات المرضية التي تحتاج إلى علاجات متخصصة أوعمليات جراحية إلى المستشفى الميداني في مدينة أم جرس، لتحصل على الرعاية الصحية الكاملة ومتابعتها حتى شفائها.
• 5100 مريض استقبلهم المستشفى حتى الآن، بمعدل 200 مريض يومياً.