يشكل إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، نتائج التقرير السنوي لأعمال مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية لعام 2022، ضمن حفل استضافته دبي أوبرا، محطة جديدة من محطات صناعة الأمل والتغيير الإيجابي والارتقاء بواقع البشرية عبر مشاريع ومبادرات إماراتية نوعية نقلت العمل الإنساني إلى آفاق جديدة وصنعت واقعاً أفضل.
وأظهرت نتائج التقرير السنوي تخصيص مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية خلال عام 2022 مبلغ 1.4 مليار درهم لمشاريع وبرامج إنسانية نفذتها في 100دولة، وانعكس أثرها الإيجابي على أكثر من 102مليون شخص حول العالم. كما أفسحت المؤسسة المجال لأكثر من 150ألف متطوع للمشاركة في العمل الخيري والإنساني وقدمت جوائز خيرية وإنسانية عام 2022 بقيمة 18.4مليون درهم.
وجسّد محور المساعدات الإنسانية والإغاثية بارقة أمل خففت معاناة أكثر من 30.2 مليون إنسان في 2022، حيث ارتفع عدد المستفيدين من برامجه ومبادراته في 2022 بنحو 7.3 ملايين مستفيد عن 2021، في حين وصل حجم إنفاق مختلف المبادرات والمشاريع والبرامج تحت هذا المحور إلى 910 ملايين درهم، بزيادة 493 مليوناً عن العام 2021.
ويحفل محور المساعدات الإنسانية والإغاثية، بالإضافة إلى المحاور الأربعة الأخرى الرئيسية وهي: الرعاية الصحية ومكافحة المرض، نشر التعليم والمعرفة، ابتكار المستقبل والريادة، تمكين المجتمعات، بالكثير من القصص الإنسانية الملهمة والمؤثرة والتي استطاع أصحابها بمساعدة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، أن يصنعوا الأمل ويحصلوا على حياة آمنة ومستقرة ومتماسكة.
ظروف قاسية
ومن تلك القصص حالة مبويي كاييمبي، الذي يعيش مع أسرته في مخيم أوسير للاجئين الواقع شمال ناميبيا، حيث تعود قصته إلى عام 1993 عندما فرّ من منزله في جمهورية الكونغو الديمقراطية، نتيجة الصراع الدائر هناك، والذي أودى بحياة والديه، فوصل إلى زامبيا، حيث التقى بزوجته ماري، والتي قُتل والدها أيضاً على أيدي المتمردين. وما لبث أن داهم الخطر حياتهما مرة أخرى، عندما ولدت ابنتهما سارة مصابة بالمهق، وهو غياب صبغة الميلانين في الشعر والجلد والعينين، مما يجعل الشخص المصاب به شديد التأثر بالشمس والضوء الساطع، وخوفاً عليها من أن تتعرض للخطف بسبب لونها المختلف هربت الأسرة إلى ناميبيا ووصل مبويي مع عائلته إلى مخيم أوسير، حيث تمّ تخصيص بعض الأراضي الزراعية للاجئين لزراعة الفواكه والخضراوات، وكان يتلقى اللاجئون حصصاً غذائية من المحاصيل لإطعام أسرهم كما تمكنوا من توفير دخل صغير لهم من بيع المحاصيل الفائضة.
وظلت الظروف القاسية تلاحق مبويي، فبسبب الجفاف وانخفاض معدلات هطول الأمطار في المنطقة في السنوات الأخيرة فقدت الأرض التي يعيشون من خيراتها خصوبتها مما أدى لانخفاض المحاصيل وتضاؤل الحصص الغذائية، وأصبحت الحياة شاقة على مبويي وغيره من اللاجئين إذ لم يكونوا قادرين على سدّ رمق أطفالهم الذين أنهكهم الجوع. لكن المعاناة في مخيم أوسير لم تطل، حيث حرصت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية من خلال حملة “مليار وجبة” وبالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) على تزويد اللاجئين في مخيم أوسير ومن ضمنهم عائلة مبويي بحصص غذائية بشكل منتظم للتخفيف من معاناتهم.
وقال مبويي معرباً عن سعادته: “أنا ممتنّ لهذه الحملة الإنسانية التي ساعدتني ليس فقط على تغذية عائلتي جيداً، بل أصبحنا الآن قادرين على إنفاق دخلنا على احتياجاتنا الأخرى مثل التعليم والرعاية الصحية”.
إخلاص في العمل
غيرت مؤسسة سقيا الإمارات وبالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية واقع حياة نحو 1500 أسرة، بفضل إخلاص وإصرار “آسيا” المسؤولة عن شبكة المياه في قرية قيرما في محافظة تشوي، في قرغيزستان، على العمل وبكل الطرق لتوفير مقومات الحياة لأهالي القرية.
شهدت “آسيا” العناء الذي سببته شبكة المياه القديمة التي لم تتمّ صيانتها منذ عقود لأهالي قريتها، حيث اضطروا إلى استهلاك مياه ملوّثة وموحلة سببها خزّان مياه تالف وأنابيب عمرها أكثر من 50 عاماً، ما أدى إلى إصابة الأهالي وأطفال القرية بالكثير من الأمراض نتيجة تلوث المياه.
كانت آسيا مصمّمة على مساعدة أبناء مجتمعها وأخذت على عاتقها تغيير ذلك الواقع الذي تعيشه قريتها، فقدّمت طلباً إلى الجهات المعنية لإجراء أعمال الصيانة اللازمة. تلقت مؤسسة سقيا الإمارات طلب أعمال الصيانة الذي قدمته آسيا وبادرت، بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية، إلى تلبية النداء لتحسين حياة أهالي القرية.
نفذت المؤسستان مشروعاً جديداً وهو عبارة عن خزان مرتفع للمياه وتركيب شبكة لتوزيع المياه النظيفة إلى كل المنازل والمدارس والمراكز الصحية ومسجد القرية، وقد حرصت آسيا على متابعة كافة خطوات المشروع بكل سعادة وامتنان.
وبفضل هذه المبادرة، تحصل اليوم 1,500 أسرة على مياه آمنة ونظيفة تتدفق عبر شبكة مياه حديثة بشكل مباشر إلى منازلهم بمجرد فتح الصنبور، مما نشر السعادة ومنحهم الأمل للعمل على تحسين جوانب أخرى في حياتهم، وأصبح أطفال وأهالي القرية ينعمون بحياة صحية، وبمأمن من الأمراض التي قد تصيبهم جراء شرب المياه الملوثة.
إغاثة المتضررين
لم يكن قيوم نواز البالغ من العمر 55 عاماً، يتخيل أن يجد حلاً سريعاً لمشكلته هو وغيره الكثير من الأسر التي ضاق بها الحال نتيجة الكارثة التي حلت على باكستان وغيرت من واقعهم رأساً على عقب، وذلك بعد أن وفرت لهم مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية الغذاء اللازم.
يعيش قيوم، مع أطفاله التسعة وزوجته في قرية ديرا إسماعيل خان في إقليم خيبر في باكستان، إلى أن حلّت الكارثة التي غيّرت حياته رأساً على عقب، حيث دمرت الفيضانات التي اجتاحت باكستان في أواخر صيف 2022 معظم بيوت القرية، وأصبح الوضع مأساوياً. اضطُر قيوم للنزوح مع عائلته والعيش لأسابيع دون مأوى، ثمّ استطاع بعد زوال مياه الفيضانات العودة إلى قريته، لكن منزله كان قد دُمّر بالكامل وبات ينام مع أسرته في خيمة مؤقتة وسط أنقاض منزلهم المدمّر.
فقد قيوم عمله بسبب الفيضانات وأصبح يُمضي يومه في إعادة بناء منزله وإصلاحه، ولم يكن قادراً على إطعام أسرته أو تأمين احتياجاتهم. وتلبية للحاجة الملحة ولمساندة سكان القرية، بادرت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية من خلال حملة “مليار وجبة” وبالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) إلى توزيع الطعام والسلل الغذائية إلى عائلة قيوم نواز وغيرهم لدعم وإغاثة المتضررين من الفيضانات في جميع أنحاء باكستان وسدّ احتياجاتهم الغذائية والتخفيف من معاناتهم.
أحلام على وشك الجفاف
يعيش شهباز البالغ من العمر 15 عاماً مع عائلته في قرية في طاجيكستان. لم يقض شهباز معظم ساعات يومه في الدراسة أو اللعب كغيره من الأطفال في العالم، بل كان عليه أن يهدر ساعات يومه في جمع وغلي المياه الملوثة لتصبح صالحة للاستخدام. فبسبب ندرة المياه في قريته، أصبحت المياه سلعة باهظة الثمن ومتاحة فقط لمن يستطيع تحمّل تكاليفها. وحتى في مدرسته، بدلاً من أن يقضي التلاميذ وقتهم في التعلم، كانوا يتناوبون على صعود التلال من المدرسة لجلب نحو 24 لتراً من المياه لاحتياجاتهم اليومية. كانوا يتقاسمون المهام والعمل، حيث يجلب أحدهم المياه للغسيل والآخر للشرب حتى أصبح نقل المياه وغليها للاستخدام جزءاً من مناهجهم الدراسية.
أصيب شهباز هو وزملاؤه بالإحباط واليأس وبدد شحّ المياه كلّ أحلامهم لبناء مستقبل أفضل لكنّ معاناتهم لم تستمر والحظّ كان حليف شهباز وأفراد قريته، فقد نفّذت سُقيا الإمارات بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية في قريتهم مشروعاً للمياه حيث تمّ تنفيذ شبكة لإيصال المياه إلى المنازل والمدرسة ومختلف مرافق القرية، مما أنهى معاناة 40 ألف شخص يعيشون في القرية وأعاد لهم الأمل من جديد.
والآن، مع سهولة الحصول على المياه النظيفة، يتابع شهباز وزملاؤه تعليمهم ويسعون لتحقيق أحلامهم دون أيّ قيود وأصبحت لديهم الفرصة لقضاء وقتهم فيما يُسعدهم وينفع مستقبلهم.