شغف التميز والريادة الذي ميّز فكر ونهج صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، منذ وقت مبكر من توليه ولاية العهد في إمارة دبي، هو العنوان العريض للإنجازات التي حققت بها دبي مكانتها العالمية، حيث أراد سموه لهذه المدينة الواقعة على ضفاف الخليج العربي، أن يكون لها شأنها نموذجاً للمدن العالمية سريعة التطور، وهو ما كان بفضل رؤية ومتابعة سموه، وحرصه على إطلاق المشروعات الضخمة التي تجاوزت وقت إطلاقها سقف التوقعات، إلى الحد الذي دفع البعض للتشكيك في جدواها وقيمتها، غافلين عما ستؤول له تلك المشروعات من مكانة عالمية كبرى، ومن تلك المشروعات «طيران الإمارات»، التي تُعدّ اليوم من أكبر وأهم خطوط الطيران في العالم.
ويؤكد سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لـ«طيران الإمارات» والمجموعة، أن «القيادة المُلهمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، جعلت مؤسسات دبي، سواء من القطاع الخاص أو الحكومي، في سباق دائم في مضمار التميز، لا تعترف بكلمة (مستحيل)، بل إنها محتها من قاموس مفرداتها، ليكون الفوز والانتصار والنجاح هي الكلمات الأكثر حضوراً في قاموس دبي، ودليل كل من يعيش على أرضها نحو مستقبل واعد ومبشِّر تسعى جاهدة أن تكون شريكاً مُؤثراً في صُنعِه».
ويستذكر سمو الشيخ أحمد بن سعيد، الأيام الأولى لإطلاق «طيران الإمارات»، مشيراً إلى ما أورده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صاحب فكرة تأسيسها، في كتابه «قصتي»، الذي أفرد فيه فصلاً بعنوان «شركة طيران في دبي»، حول النهج الذي أسسه الشيخ محمد بن راشد لـ«طيران الإمارات» منذ يومها الأول، وحتى قبل أن تقلع أولى رحلاتها، وهو نهج قائم على المنافسة العادلة، بعيداً عن أي مميزات تحمي الشركة الوليدة من المنافسين العالميين.
نتائج قياسية
وجاء إعلان مجموعة الإمارات، التي تضم «طيران الإمارات» و«دناتا»، عن نتائجها القياسية للسنة المالية (2022-2023)، لتقدم للعالم برهاناً جديداً على أن الأساس الراسخ الذي ارتكز إليه بنيان نهضة دبي الحديثة، هو الضمانة التي تكفل لها تخطي كل الصعاب والمعوقات، وتمكنها من القفز فوق التحديات مهما عظمت.
وأبهرت «طيران الإمارات» العالم بنتائج قياسية، رغم ما تعرّضت له صناعة الطيران في العالم من تأثيرات أزمة جائحة «كورونا»، التي كان قطاع الطيران من أكثر القطاعات تأثراً بها.
وحققت المجموعة أرباحاً قياسية جديدة، وسجلت كلٌ من «طيران الإمارات» و«دناتا» ارتفاعاً كبيراً في الإيرادات، مع توسع عمليات النقل الجوي والسفر، بعد إزالة جميع القيود المتعلقة بالجائحة تقريباً في مختلف بقاع العالم.
ووصلت أرباح مجموعة الإمارات إلى 10.9 مليارات درهم (ثلاثة مليارات دولار)، بينما بلغت إيرادات المجموعة 119.8 مليار درهم (32.6 مليار دولار)، بارتفاع نسبته 81% عن نتائج السنة السابقة. وبلغت الأرصدة النقدية للمجموعة 42.5 مليار درهم (11.6 مليار دولار)، وهي الأعلى على الإطلاق، بنمو نسبته 65% عن السنة السابقة.
مرحلة جديدة
ومع دخول دبي، مطلع العام الجاري، في مرحلة تنموية جديدة، حددت معالمها خطة طموحة تضمنتها «أجندة دبي الاقتصادية D33» بأهدافها الساعية إلى مضاعفة حجم اقتصاد دبي، وجعلها من أكبر ثلاث مدن اقتصادية في العالم، ومن أهم ثلاث وجهات عالمية للزائرين في مجالات السياحة التخصصية والأعمال بحلول 2033، سيكون لـ«طيران الإمارات» إسهامها الملموس في تحقيق تلك الأهداف الطموحة، بما تملكه من استراتيجية واضحة ومرونة في التعامل مع المتغيرات العالمية، مكنتها من الحفاظ على مكانتها بين كبرى شركات الطيران في العالم.
وقطعت «طيران الإمارات» أميالاً طويلة في تحليقها في فضاء التميز، منذ أن أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في عام 1984، وكان آنذاك وزيراً للدفاع في دولة الإمارات، باستحداث شركة طيران لدبي، حيث تم إعداد الخطة واختيار الاسم الغالي «الإمارات» ليزيّن هامة خطوط الطيران الواعدة قبل نهاية ذلك العام، لتنطلق أولى رحلاتها في 25 أكتوبر 1985، بطائرتين مستأجرتين من طراز «بوينغ 737»، و«إيرباص 300 B4»، من دون أي دعم حكومي أو حماية، تأسيساً لمبدأ الأجواء المفتوحة، لتمتلك في عام 1987 أول طائرة مملوكة للشركة، وكانت من طراز «إيرباص A310-304»، لتنمو وجهاتها خلال خمس سنوات إلى 14 وجهة.
طوق النجاة
وكانت طلبات الشراء من «طيران الإمارات»، التي كانت بمثابة صفقات ضخمة في هذا المجال، بمثابة طوق النجاة الذي أنقذ صناعة الطائرات في العالم، في مواقف عدة تعرضت فيها الصناعة لتحديات كبرى، كادت أن تعصف بها، ففي عام 1992، جاء طلب «طيران الإمارات» شراء سبع طائرات «بوينغ 777»، مع سبعة خيارات ليعيد الثقة في الصناعة التي تضررت بشدة جرّاء حرب الخليج الأولى.
وفي مطلع عام 2018، أعلنت «طيران الإمارات» عن صفقة ضخمة مع شركة «ايرباص» العالمية بقيمة 16 مليار دولار، لشراء 36 طائرة من طراز «إيرباص A380» العملاقة، منها 20 طائرة طلبية مؤكدة، و16 طائرة «حقوق خيار»، حيث وصفت وسائل الإعلام العالمية هذه الصفقة آنذاك بأنها «تنقذ» طائرات إيرباص العملاقة، في حين تُعدُّ «طيران الإمارات» اليوم أكبر مشغّل لطراز «إيرباص A380» في العالم، إذ تشغّل الناقلة حالياً 85 طائرة من هذا الطراز ضمن أسطولها، في حين من المتوقع ارتفاع العدد ليصل إلى 95 طائرة بنهاية السنة المالية الحالية، في مارس المقبل.
وفي عام 2005، دخلت «طيران الإمارات» التاريخ بطلب شراء 42 طائرة «بوينغ 777» في صفقة بلغت قيمتها 9.7 مليارات دولار، ضمن أضخم طلب لشراء طائرات «بوينغ 777» على الإطلاق في ذلك الوقت، واليوم تُعدُّ «طيران الإمارات» أكبر مشغل في العالم لهذا الطراز من طائرات «بوينغ».
كما كان لـ«طيران الإمارات» ومطارات دبي كبير الأثر في استعادة حركة السفر العالمية لعافيتها في أعقاب جائحة «كوفيد-19»، إذ كان لدبي السبق في فتح أجوائها أمام حركة الطيران الدولية في السابع من يوليو من عام 2020، بفضل تحركها بالغ السرعة، واستراتيجية العمل المتكاملة التي تضافرت فيها جهود حكومة دبي والقطاع الخاص والمجتمع بشكل عام، في تطبيق إجراءات احترازية شاملة وصارمة، ما أسهم في سرعة تحجيم آثار الأزمة العالمية.
الأعلى قيمة
واصلت «طيران الإمارات» تحليقها في آفاق التميز الذي استمرت في رفع سقف المنافسة فيه بخدمات نوعية، أهلتها في عام 2014 للحصول على لقب «العلامة التجارية الأعلى قيمة بين شركات الخطوط الجوية» في العالم، واحتلت المركز الأول في تقرير «براند فاينانس» للعلامات التجارية الأعلى قيمة في الشرق الأوسط، بقيمة تقدر بـ3.7 مليارات دولار، وما لبثت أن فازت كذلك في عام 2016 بلقب أفضل شركة خطوط جوية في العالم. وفي عام 2020 تم تصنيف «طيران الإمارات»، ولاتزال، كأكبر ناقلة دولية في العالم.
وحازت أخيراً جائزة أفضل نظام ترفيه جوي للسنة الـ17 على التوالي، ضمن جوائز «سكاي تراكس» العالمية لشركات الخطوط الجوية.
تغيير قواعد اللعبة
كانت «طيران الإمارات» دائماً الرقم الصعب في معادلة التميّز في مجال السفر، حيث حرصت على تقديم خدمات نوعيّة، أسهمت بها في استحداث معايير جديدة لجودة السفر الجوي، وفي عام 2017 أطلقت أول الأجنحة الخاصة والمغلقة بالكامل للدرجة الأولى في العالم، وذلك على متن طائراتها من طراز «بوينغ 777»، التي كانت سبباً في تغيير قواعد التنافسية في عالم الطيران المدني، حيث وفّرت الشركة لعملائها قدراً غير مسبوق من الترف والخصوصية أثناء الرحلات الجوية. وفي مايو 2022، كشفت «طيران الإمارات» النقاب عن منتج درجتها «السياحية الممتازة» الجديدة بالكامل، لتصبح بذلك أول ناقلة في المنطقة توفر للمتعاملين معها هذه المقصورة على متن طائرات مختارة من طراز «A380».