سلطان العبدان
شهد «المقهى الثقافي» في معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ48 جلسة نقدية بعنوان «الجوائز الأدبية بين تكريم الإبداع وصناعة الحضور» شاركت فيها الأكاديميات د.امتنان الصمادي، ود. دوش الدوسري، ود. حنان الفياض، وسط حضور متفاعل من المهتمين بالشأن الثقافي.
في مستهل حديثها، أكدت د. امتنان الصمادي أن معرض الكويت الدولي للكتاب حدث كبير يلتقي فيه الجميع على كلمة نافعة، مشيرة إلى أن الجوائز الأدبية ليست مجرد عملية تكريم وتقدير لفرد، بل تمتد إلى إطار أوسع وأبعد من ذلك، إذ تتجاوز حدود الاحتفاء إلى التأثير الحقيقي في المشهد الثقافي.
وأوضحت أن السؤال الأهم ليس فقط «من فاز بالجائزة؟» بل «ما أثره في الثقافة؟» مؤكدة أن الجوائز تمنح قوة مؤثرة تتمثل في خلق شهرة، وإضافة قيمة مالية، وتوفير حضور ترجمي، ما يجعل تأثيرها أعمق وأكبر مما يمكن رصده مباشرة. وأضافت أن الجوائز تواجه تحديا في الحفاظ على حضورها، لأن سقوطها يعني فقدان قيمتها، وهذا يبرز أهمية أن تكون الجوائز حية ونابضة.
وأشارت إلى أن مجالس السلاطين تاريخيا كانت تمنح الجوائز للشعراء لتشجيعهم، وأن الدولة التي تقدر المبدعين تقدم صك وجود لهم كأدباء. كما بينت أن بعض الجوائز أسهمت في نقل الإبداع العربي إلى العالمية عبر الترجمة، وأن التخصص الدقيق في الجوائز بين الشعر والرواية والقصة والنقد خلق حراكا أدبيا ينعش المشهد الثقافي.
من جانبها، أوضحت د. دوش الدوسري أن الجوائز الأدبية ترفع الثقافة من الهامش إلى المتن، وتفتح الباب لاكتشاف أسماء ومسارات أدبية جديدة لم تكن ظاهرة للمتلقي.
وبينت أن معارض الكتب والجوائز الأدبية تستفز الإبداع وتكشف المزيد من المبدعين، ما يتيح للناقد مساحة أكبر لمعرفة ما يقرأه الجيل الجديد. وأكدت أن مهمة الناقد اليوم ليست محصورة في تقويم الأعمال، بل في دراسة ذائقة الشباب وما يتجهون إليه.
وأشارت إلى أن كثيرا من الشعراء الذين يعدون اليوم نجوما في الساحة واجهوا هجوما في بداياتهم لمجرد انتمائهم إلى الحداثة. وأضافت أن الجوائز قادرة على اكتشاف مسارات جديدة، وأن الناقد بدوره يبحث عن هذه المسارات ويستشرف مستقبلها، معتبرة أن البقاء في النهاية للأفضل.
أما د. حنان الفياض فقد طرحت سؤالا جوهريا في الجلسة: هل الجوائز تدعم المبدع فعلا وتدفعه إلى مزيد من الإبداع، أم أنها قد تخمد جذوته وتقوده إلى التوقف عند لحظة التكريم؟
وأوضحت أن المبدع يعيش دائما حالة من القلق الإبداعي، وأن من خصائص المبدعين أنهم لا يرضون عن أعمالهم بسهولة، وتثار حولهم الشبهات عندما يفاخرون بعملهم دون تردد.
وهنا يأتي دور الجوائز في نقل المبدع من القلق إلى الثقة الواعية، وفق معايير رصينة لا تخضع للخديعة أو المجاملة، وذلك عبر وضع العمل في مواجهة أصوله الفنية، فإذا اجتاز هذا الاختبار حصل المبدع على شرعية تؤهله للتأثير في مجتمعه. وأضافت أن الإشكالية التي تقول إن الجائزة قد تطفئ جذوة الإبداع واردة وصحيحة، لكنها مشكلة تخص المبدع نفسه وليست مشكلة في فكرة الجائزة.
وتساءلت الفياض أيضا عما إذا كانت الجوائز تقوم فعلا بدور حقيقي في دعم الإبداع، أم أن الأمر مجرد مجاملات، مشيرة إلى أن الإبداع لا يعيش في الفراغ بل يحتاج من يحتضنه، ويغتذي من إعجاب المتلقين وردود أفعالهم.
وبينت أن الجوائز تساعد العمل الإبداعي على الظهور والانتشار وتمنحه جرأة الظهور أمام المتلقي بصورة موثوقة، وتعمل كجسر يقرب المسافة بين المبدع وجمهوره، خاصة في زمن تنتشر فيه الرداءة ويتراجع فيه الذوق العام. وأضافت أن الجوائز ترفع مستوى الأعمال من خلال معايير جادة وفتح ساحة لتنافس شريف بين الأعمال الراقية.
