حذّر مختصون خلال ندوة «كفى عنفاً» في الشارقة، أمس، من تزايد العنف الأسري تجاه الأبناء، لما له من أضرار نفسية تؤثر في صحة الأطفال، مشددين على ضرورة تنمية الوعي السلوكي للأطفال بدل العقاب.
وتفصيلاً، قالت الاستشاري النفسي بدائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، الدكتورة عايدة هاشم، خلال ندوة «كفى عنفاً.. تأهيل الأطفال لمواجهة الآثار النفسية وتخطيها»، التي نظمتها دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، أمس: «إن المرض النفسي له شروط ومعايير أساسية، فالطفل الذي ينشأ في أسرة يوجد بها دلال زائد أو عنف زائد، يكون أكثر عرضة للإصابة بالمرض النفسي، ومن ثم فإن الوسطية في التربية هي أفضل شيء حتى يصبح الأطفال أسوياء».
وأضافت، أن جميع المشكلات تصب وتؤثر في نفسية الطفل، لكن يمكن كسر هذا الأمر بالوعي من خلال مراجعة العيادة النفسية، وتوضيح حقيقة الخوف من زيارتها الذي يعانيه عدد كبير من الأهالي.
وتحدثت عمّا يسمى «دائرة العنف أو العنف بالوراثة»، موضحة أن بعض الأهالي ممن كانوا يتعرضون للتربية بالعنف من ذويهم، يعيدون الأمر نفسه مع أطفالهم على اعتبار أن هذا النمط يساعد على إصلاح حال الطفل، لكن هذا ليس حقيقياً، لأنه يُعدُّ نوعاً من السادية، ومن ثم لابد من تعزيز النقاش مع الطفل، وشرح الأمور غير المفهومة بالنسبة له.
ولفتت إلى أن هناك حالة من فقدان الفهم بين الأب والابن، لأنه لا يوجد استماع من جانب الآباء، لذا ابتكر المختصون علاجاً يُسمى بـ«العلاج العاطفي» الذي يستهدف المشاعر.
بدورها، قالت مدير إدارة الرعاية والتأهيل في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، الدكتورة غنيمة البحري: «إن البيانات الوطنية تحصر يومياً الإساءات الموجهة للأطفال، لكن التصنيفات ودرجات الخطورة ليست واحدة، ومن ثم علينا الآن توحيد المصطلحات بين الجهات، باعتبارها ضرورة مُلحة، وهناك مشروع يتم إعداده اتحادياً لهذا الأمر». وأضافت: «تقول الدراسات إن الإمارات أقل من المعدل العالمي بدرجتين أو ثلاث درجات في ما يخص الإساءة للأطفال، وهو أمر إيجابي يوضّح أن هناك تطوراً»، مشيرة إلى أن بعض الدراسات تشير إلى تصدّر العنف العاطفي والنفسي والتنمر لمؤشرات الإساءة للأطفال.
وأكدت أهمية معالجة السلوكيات الخاصة بالطفل عبر التدخلات الاجتماعية وليس العنف، فالعنف يولّد عنفاً، ويجعل من الطفل سيئ السلوك لدرجة تطاوله على والديه، وهو أمر غير مقبول. وشددت الدكتورة غنيمة البحري، على أن الاعتداء بالضرب يؤثر نفسياً في الطفل، ويستمر معه الأثر النفسي، وبالتالي يجب على الآباء تحمّل المسؤولية تجاه أبنائهم. ولفتت إلى أهمية تنمية الوعي السلوكي لدى الأطفال كبديل للعقاب، مؤكدة أن النقطة الجوهرية للاستفادة من الممارسات العملية في المجال النفسي هي الممارسة، التي تسهم بدورها في تغيير السلوك، وألا يتعرض الأطفال للتنمر في المدرسة سواء من المعلم أو زملائه الطلبة، فضلاً عن الدور الرئيس للمؤسسات الدينية في التنشئة الاجتماعية.
وقالت الخبير النفسي والاجتماعي بمركز «كنف»، الدكتورة بنة بوزبون: «لابد أن ندرب أطفالنا على حماية أنفسهم وأن يكون من حقهم الرفض، فمن حق الطفل أن يقول (لا) بشرط أن يفهم ويتناقش، بحيث يعبّر عن رأيه مع الالتزام بالعادات والتقاليد».
بدوره، كشف مسؤول خط حماية الطفل بدائرة الخدمات الاجتماعية، خالد الكثيري، أن هناك تراجعاً في البلاغات النفسية التي يتلقاها خط حماية الطفل مقارنة بالأعوام السابقة، وهذا الأمر مؤشر على تزايد الوعي لدى الأهالي. وقال: «اليوم توجد فجوة كبيرة بين أولياء الأمور والأبناء، فالجهاز الإلكتروني أصبح الصديق الأول للطفل، وبالتالي لابد من زيادة برامج التوعية والتقرب من الطفل ومعاملته بشكل سوي».
وأضاف الكثيري: «نتلقى العديد من البلاغات التي تخص الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، لذلك كأب أو أم يجب أن أطوّر من نفسي، وأن أتعلم كل ما يدور حولنا من تطور تكنولوجي حتى أستطيع السيطرة على أبنائي»، مؤكداً أهمية عدم مقارنة الآباء للأبناء ببعضهم حتى لا يخلق مشكلة نفسية لدى الأطفال.