وضع العلاج الجيني (علم الجينوم) البشرية على أعتاب عصر جديد من الآمال والأحلام للقضاء على الأمراض، والاضطرابات الوراثية المدمرة، مثل السرطان، والثلاسيميا، وضمور العضلات، والتليف الكيسي، وفقر الدم المنجلي.
وكان علم الجينوم قد ظهر في وقت مبكر من ستينات القرن المنصرم، إذ تكهن العلماء بإمكان إدخال تسلسلات الحمض النووي في خلايا المرضى لعلاج الاضطرابات الوراثية.
وفي أوائل الثمانينات، تأكد أنه يمكن للمرء استخدام فيروس لإدخال الجينات في الخلايا الجذعية المكونة للدم.
وفي عام 2003، اكتمل مشروع الجينوم البشري، ما أعطانا مخططاً كاملاً لحمضنا النووي.
وفي العقد الماضي، أصبح العلاج الجيني حقيقة واقعة لكثير من الأمراض، خصوصاً تلك التي تسببها الطفرات في جين واحد.
وبعد بداية صعبة، استقطب العلاج الجديد اهتماماً واسعاً، وجذب القائمين على صناعة المستحضرات الصيدلانية الحيوية في دول كثيرة من العالم.
ومع دخول الإمارات السباق العالمي لرصد آفاق هذا العلم، يؤكد مختصون ضرورة إيجاد ضوابط وتشريعات تواكب التطور الكبير في استخدامات علم الجينوم، لحماية «الخصوصية الجينية».
وقد مهد الموقف الإيجابي لعلماء الدين وعلماء الطب الحيوي تجاه البحث الجيني والعلاج الطريق لإطلاق مشروعات الجينوم واسعة النطاق في قطر والمملكة العربية السعودية عام 2013.
كما بدأت الإمارات والبحرين وعمان والكويت، ومصر، الإعلان عن مبادرات الجينوم الخاصة بها.
ولاتزال عملية تطوير السياسات والمبادئ التوجيهية بشأن الجينوم في مهدها في هذه البلدان مع عدم وجود مواقف ملموسة بشأن كيفية تنظيم تحرير الجينوم البشري مع تقدم المشاريع الجينومية القائمة والمخطط لها بالفعل في العالم الإسلامي.
ولا يقتصر اختلاف علماء الدين والمختصين حول أخلاقيات وحوكمة تحرير السلالة الجرثومية البشرية، بل ينطبق أيضاً على التقنيات التي تهدف إلى تغيير تكوين الحمض النووي.
ويعتقد البعض عموماً أنه لا ينبغي محاولة تحرير الجينوم البشري للأغراض الإنجابية في هذا الوقت، ولكن يجب مواصلة الدراسات التي من شأنها أن تجعل العلاج الجيني آمناً وفعالاً، فيما يريد آخرون المضي قدماً في هذا الأمر، ويتفق معظم أصحاب المصلحة على ضرورة إجراء مناقشات عامة والسماح للجمهور بأن يقرر ما إذا كان تعديل الخط الجرثومي مسموحاً به أم لا؟
وقال أخصائي أول بعلوم الطب الوراثي والصيدلة الجينومية، من المملكة العربية السعودية، الدكتور محمد بن أحمد بن مروان الزهراني: «تُعد تقنية التحرير الجيني أحد التطبيقات المشهورة على المستوى العالمي. وهي تقنية تسمح بتعديل الجينات في الكائنات الحية عموماً، بما في ذلك النباتات والحيوانات والبشر. لكن أغلب تطبيقاتها تنفذ حالياً في المجال الزراعي، لتحسين سلالات نباتية منتقاة وتطوير محاصيل زراعية أكثر إنتاجاً، تتكيف مع الظروف المناخية وطبيعة الأرض وصلاحيتها للزراعة، إضافة إلى تطوير آليات مقاومة الأمراض والآفات.
أما التدخل في تعديل أو تغيير المحتوى الجينومي البشري، أو الحيواني، فهناك مخاوف قانونية وأخلاقية كبرى استدعت وضع ضوابط وقوانين صارمة له».
وأكد وجود رقابة شديدة على الأبحاث والدراسات والتجارب التي تجرى على الحيوانات، نظراً لحساسية التعديل الجيني وتأثيراته غير المتوقعة، التي قد تظهر على أجيال لاحقة.
كما أكد الزهراني وجوب تحديد مجالات التدخل للتحرير الجيني تحديداً دقيقاً، مع الاستمرار في العمل على التجارب ومراقبة التأثيرات عبر الأجيال لتجنب أي عبث في التنوع البيولوجي والتوازن البيئي، «خصوصاً أننا نضع تحسين جودة الحياة في المقام الأول».
وأفاد مدير مركز الجينوم في مستشفى الجليلة بدبي، الأستاذ المساعد لدراسات علم الجينات في جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، الدكتور أحمد أبوطيون، بأن استخدام علم الجينوم في العلاج بشكل عام ينقسم إلى أصناف عدة، منها «المسح الجيني»، ويستخدم في دراسة وتحليل الجينات لمجموعة من الأفراد بهدف معرفة مدى احتمالية الإصابة بأمراض مستقبلية، ومن ثم العمل على الوقاية منها. و«العلاج الجيني»، ويستخدم فيه العلاج أو الدواء الجيني لعلاج مرض معين والقضاء عليه. و«التحرير الجيني»، ويتم من خلاله إدخال تعديلات جينية محددة على الأشخاص أو الأجنة بهدف إكسابهم صفات وراثية محددة.
وشدد أبوطيون على ضرورة وجود تشريعات وقوانين منظمة وضابطة لاستخدامات علم الجينوم بشكل عام، تضمن عدم انحراف الأغراض العلاجية التي يستهدفها هذا العلم، إلى مآرب أخرى، تخالف الضوابط القانونية والأخلاقية في المجتمع، مثل استخدامه في إنجاب مواليد بمواصفات خاصة، أو لأغراض ترفيهية بعيدة عن الضروريات العلاجية. وتابع: «أهم ما يتعلق بالعلاج الجيني خصوصية معلومات المرضى»، مؤكداً ضرورة أن تتضمن القوانين والتشريعات هذا الجانب لما يضمن الحفاظ على هذه البيانات، خصوصاً أن كثيراً من شركات الأدوية قد تسعى للحصول عليها بغرض إنتاج أدوية خاصة بناء على حصولها على معلومات جينية مفصلة حول الأمراض. وأكد ضرورة تطبيق مجموعة من الضوابط الأخلاقية، إذ يتيح هذا العلم إمكانية التعديل في جينات الأجنة، قبل تلقيح البويضة، لاكتساب مواصفات شكلية وعقلية محددة، الأمر الذي يجب أن تضبطه القوانين والتشريعات حتى لا يساء استخدامها في ما بعد وتترك لأهواء الأشخاص دون تقنين أو ضابط.
ولفت إلى أن «العلاج الجيني يبشر بحقبة جديدة في تاريخ الطب، حيث نحج في علاج أمراض خطرة مستعصية، أبرزها ضمور العضلات الشوكي من خلال حقنة تحتوي على علاج جيني، كما أتاح التنبؤ باحتمالية الإصابة بأمراض محددة، ومن ثم تفاديها من خلال الفحوص الدورية وطرق الوقاية المختلفة».
وقال الأستاذ المشارك في معهد السرطان والعلوم الجينية في جامعة برمنغهام دبي، الدكتور مارك هابر، إن «العلاج الجيني يوفر آمالاً واسعة لكثير من المرضى، إلا أنه يتطلب أقصى درجات الحذر في تسخير إمكاناته التحويلية، لأنه يتضمن جانبين أساسيين، هما البعد التقني، حيث تولد نوعية العلاج الجيني الحالية مخاوف بشأن التعديلات غير المقصودة في حمضنا النووي، والبعد الأخلاقي، الذي يتعلق برسم حدود للتعديلات الجينية المسموح بها».
وأكد أن «العلاج الجيني مهيّأ لأن يصبح أساس نظام الرعاية الصحية في المستقبل»، وأن «العلاج الجيني هو ذروة الإنجاز الطبي بعدما رصدنا تسلسل الجينات البشرية ووجدنا بعد ذلك طرقاً لتعديلها».
ولفت إلى أن العلاج الجيني أسهم في استئصال أمراض مثل التليف الكيسي والهيموفيليا وعلاج أمراض شائعة في الشرق الأوسط مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا، إضافة إلى الأمل بعلاج بعض أنواع السرطان وأمراض مثل السكري وأمراض القلب. وأضاف: «مع توافر تلك الإمكانات الكبيرة، حان الوقت للتفكير في تعريفنا لما يعتبر مرضاً، وتقييم منظورنا حول السمات البشرية غير المرغوب فيها، والنظر في المهمة المعقدة المتمثلة في تحديد الأولويات واختيار السمات التي نرغب في التخلص منها من مجموعة التنوع الجيني البشري».
وأكد طبيب متخصص في علم الجينوم وأبحاث الوراثة من الإمارات – فضل عدم ذكر اسمه – أن التحرير الجيني اليوم يعلن سباقاً جديداً، إذ يحاول كثير من بلدان العالم أن تكون رائدة في التكنولوجيا الجديدة.
وأضاف أن العلاج الجيني يمكن أن يكون نقطة تحول في تاريخ الطب، إلا أن تحرير الجينوم أحد أكثر الأعمال الواعدة للعلم من أجل البشرية، «فالعلاج الجيني وحده لا يمكن أن يوفر حلاً سريعاً للأمراض التي تعتمد على العديد من الجينات، إضافة إلى العوامل البيئية وأنماط الحياة، إلا أنه يمكن استخدامه لمعالجة الأمراض الناجمة عن خلل في جين واحد».
وتتساءل عضو المجلس الوطني الاتحادي، عائشة محمد الملا، عن كيفية تطور المشهد التنظيمي لعلم الجينوم وتطبيقاته وأدواته الجديدة استجابة للتطور التكنولوجي؟.
وأكدت على التطور في فهم الجينوم البشري بسرعة في العقود الأخيرة، وقالت «ولكن، لايزال هناك الكثير لنتعلمه عن العمليات المرتبطة، مثل تنظيم الجينات وكيف يمكن أن يؤثر التحرير الجيني عليها. ومع ذلك، فإن هذا القلق لا يقتصر على الجينوم وأدواته كعلم، لأن هناك اعتبارات أخرى، مثل: عدم اليقين حول التأثيرات غير المستهدفة، والحوكمة وتنظيم القضايا المتعلقة بالسلامة، وتحريف التوقعات والتكهنات».
وشددت الملا على الفوائد المحتملة والكبيرة للعلاجات الجينية، التي تبرر الابتكار والبحث، على الرغم من أن الإطار التنظيمي لايزال يخضع لنقاش عام.
وقالت إن «التطورات السريعة في العلاجات المبتكرة ذات الطابع الشخصي للغاية مثل التحرير الجيني، تتحدى الإطار الجاري والإرشادات. ومع تطور التقنيات الجديدة لعلم الجينوم سيكون من المرغوب فيه إثبات إطار الحوكمة في المستقبل، ما يتطلب توجيه التنظيم إلى مجال نشط بدلاً من تقنية محددة، حيث سيستمر تطوير أدوات جديدة حتماً للغرض نفسه المقصود والتطبيقات المحتملة».
وتابعت أن «التركيز على تقنيات الجينوم الحالية يخاطر حصرياً بتطوير أطر عمل ستصبح قديمة خلال وقت قصير جداً. وعلى سبيل المثال تمت صياغة لائحة المملكة المتحدة التي تغطي العلاجات الجينية على نطاق واسع، وتركز على الغرض المقصود بدلاً من التكنولوجيا المحددة المستخدمة. لذلك، يخضع تحرير جينوم الخلايا الجسدية حالياً للتنظيم في إطار العلاجات الجينية الحالية، كمنتج طبي علاجي متقدم».
من جهتها، أكدت رئيس جمعية الإمارات للأمراض الجينية، عالمة الجينات الإماراتية الدكتورة مريم مطر، أهمية الحاجة إلى قوانين تحمي بيانات الفحوص الجينية، حيث تكشف الفحوص عن معلومات شخصية حساسة تتعلق بالوراثة والصحة الفردية، ويمكن أن تكون لها تأثيرات كبيرة على الأشخاص المعنيين وحياتهم. وقالت إن بيانات الفحوص الجينية تحظى بقدر كبير من الحماية بسبب طبيعتها الحساسة والشخصية، إذا تم الكشف عن هذه البيانات أو استخدامها بشكل غير مشروع أو غير مرغوب فيه، فقد يتعرض الأفراد للتمييز أو الاستغلال أو الضرر النفسي أو الاعتداء على خصوصيتهم. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يتم استخدام البيانات الجينية لتحديد توجهات ومخاوف صحية للأشخاص أو لتحديد رغباتهم الوراثية، ما يمكن أن يؤثر سلباً في فرصهم الوظيفية أو التأمينية أو حتى على علاقاتهم الشخصية. وأردفت أن «قوانين حماية بيانات الفحوص الجينية ضرورية لضمان الحفاظ على خصوصية الأفراد وحمايتهم من الاستغلال أو الإساءة. وتتضمن هذه القوانين عادة متطلبات للحصول على موافقة صريحة من الأفراد قبل جمع بياناتهم الجينية، وضمان سرية هذه البيانات وعدم مشاركتها مع أطراف غير مخولة، وتحديد فترات زمنية للاحتفاظ بالبيانات وتدميرها بعد انتهاء الفترة المحددة، وتطبيق إجراءات أمنية قوية لحماية هذه البيانات من الاختراق أو الوصول غير المصرح به».
جدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية أصدرت تقريرين أمميين في عام 2021، يشيران إلى «قفزة إلى الأمام» في مجال تنظيم تكنولوجيا الحمض النووي بعد مشاورات عالمية واسعة النطاق حول مختلف أنواع العلاجات الجينية.
• العلاج الجيني أسهم في استئصال التليف الكيسي والهيموفيليا وعلاج أمراض شائعة مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا.
• العلاج الجيني يمكن أن يكون نقطة تحول في تاريخ الطب، إلا أن تحرير الجينوم أحد أكثر الأعمال الواعدة للعلم من أجل البشرية.
• العلاج الجيني وحده لا يمكن أن يوفر حلاً سريعاً للأمراض التي تعتمد على العديد من الجينات والعوامل البيئية وأنماط الحياة.
• لايزال هناك الكثير لنتعلمه عن العمليات المرتبطة، مثل تنظيم الجينات وكيف يمكن أن يؤثر التحرير الجيني عليها.
• التركيز على تقنيات الجينوم الحالية يخاطر بتطوير أطر عمل ستصبح قديمة خلال وقت قصير جداً.
مع التقدم في علم الجينوم.. حصلنا على مشهد مختلف للرعاية الصحية، حيث بات في وسعنا المشاركة عملياً في فهم وتشكيل ملامحنا الصحية الشخصية.
ومع ذلك، فنحن نحتاج إلى الموازنة بين آفاق هذا العلم والتحديات التي تفرضها القيود التكنولوجية والمالية والأخلاقية والثقافية التي يخضع لها.
«الإمارات اليوم» تفتح ملف التطور في فهم هذا الحدث، وفهم وجهات النظر العامة حول تحرير الجينوم البشري واستشراف المستقبل فيه من خلال استطلاع آراء الخبراء والمختصين من الإمارات ودول عربية، إلى جانب استطلاع رأي أولياء أمور لديهم أطفال من ذوي الهمم، من خلال الاستناد على دراسة استقصائية إلكترونية لاستكشاف مواقف الناس تجاه تأثير تكنولوجيا الجينات عليهم وعلى مجتمعاتهم.
استخدام العلم في ما ينفع
الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد. من المصدر
قال كبير المفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، فضيلة الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، إن «استخدام الجينوم البشري في العلاج والتحسين، يخطو خطوات سريعة، وصلت إلى حد ما يسمى بالهندسة الوراثية أو التعديل الوراثي، الذي يعني: التأثير المباشر على المادة الوراثية للإنسان أو الحيوان، وقد يكون ذلك بقصد العبث بالإنسان حسب الأهواء، فإذا استخدمت هذه الهندسة للعبث بالإنسان الذي خلقه الله تعالى في أحسن تقويم، فسواه وعدَّله، وأكرمه بأن ميزه عن سائر الخليقة بما يمكنه من الاستخلاف في الأرض لمعرفة الله تعالى بالإيمان وعبادته بما شرع على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام، وعمارة الأرض التي سخرها للإنسان ليستفيد من خيراتها، ولعمرو الحق أن هذا هو الذي تعهد به الشيطان في إغواء بني آدم، وحذر الله تعالى عباده منه، فقال سبحانه: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}، فهذا ما تعهد به وتمكن منه في من استهواه فتبعه. ولما كان الشأن في الإنسان أن يميز الخير من الشر والضار من النافع، فقد حذره الله تعالى من هذا الإغواء بقوله: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا}، وها هو تعهد الشيطان يتحقق اليوم بسبب هذه الثورة التكنولوجية، التي كان الأصل فيها أن تستخدم لنفع البشرية لا للإضرار بها».
وأضاف أن «معاشر المسلمين يسعون لتطوير العلم واستخدامه في ما ينفع لا في ما يضر، لذلك يجب أن يكون استخدام الجينوم البشري استخداماً نافعاً غير ضار، وذلك لمعرفة الأمراض الوراثية وما يمكن من علاجها، لا في ما يسمى بالتهجين أو التحسين الوراثي، أو غير ذلك، فإن ذلك غير جائز شرعاً ولا عقلاً، ولئن كان العلم يخول ذلك، فإن الدين والأخلاق يوجبان التحكم في العلم ليكون نافعاً غير ضار»، لافتاً إلى أن «هذا الموضوع كان حاضراً في المجامع الفقهية من زمن بعيد، فبحثه مجمع الفقه الإسلامي الدولي بحثاً دقيقاً في دورات
عدة، واتخذ فيه قرارين في الدورة 21 في الرياض والدورة 24 في دبي، فنص في القرار الأول رقم 203 على أنه يجوز استخدام الجينوم البشري أو جزء منه في المجالات النافعة؛ لما يحققه من مصالح جاءت الشريعة بالحث على تحصيلها، كالوقاية والتداوي من الأمراض».
وتابع أنه «نص في هذه الحالة الجائزة على أنه يجب أن تحاط بالسرية الكاملة كل التشخيصات الجينية المحفوظة أو المعدة لأغراض البحث أو لأي غرض آخر، ولا تفشى إلا في الحالات المبينة في قرار المجمع ذي الرقم: 79 (10/8) بشأن السر في المهن الطبية، والقرار ذي الرقم: 142 (8/15) حول ضمان الطبيب. ونص على أن على الطبيب أخذ موافقة المريض بإفشاء سره إلى أسرته إذا كان مصاباً بمرض خطير، فإذا لم يوافق المريض على ذلك فعلى الطبيب محاولة إقناعه بالموافقة حرصاً على حياة الآخرين من أسرته. وأوجب القرار ضرورة الحصول على إذن صحيح معتبر شرعاً من الشخص نفسه، أو وليه الشرعي لتحليل خريطته الجينية، مع وجوب الحرص على مصلحة الشخص المعني. أما ما ينافي الأخلاق أو يكون فيه عبث بالكرامة الإنسانية فقرر أنه لا يجوز استخدام الجينوم استخداماً ضاراً أو بأي شكل يخالف الشريعة الإسلامية».
وقال إنه «لا يجوز إجراء أي بحث أو القيام بأي معالجة أو تشخيص يتعلق بــ(جينوم) شخص مّا إلا بعد إجراء تقييم سابق ودقيق للأخطار والفوائد المحتملة المرتبطة بهذه الأنشطة مع الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في هذا الشأن».
5 تحديات
حدد مختصون خمسة تحديات أساسية تواجه العلاج الجيني عالمياً، تتمثل في:
1 «تكنولوجيا الإيصال»: حيث يتطلب العلاج الجيني تسليم الجينات المعدلة للخلايا المستهدفة في الجسم، وتواجه هذه التقنية تحديات تتعلق بفاعلية وسلامة إيصال الجينات إلى الأماكن المناسبة داخل الجسم، وضمان أن الجينات المعدلة تصل بشكل كافٍ وفعال للخلايا المستهدفة.
2 «تحديات السلامة»: يجب تطوير تقنيات العلاج الجيني بحذر لضمان سلامة المرضى. قد يحدث تفعيل غير مرغوب فيه لجينات أخرى غير المستهدفة، ما يؤدي إلى آثار جانبية خطرة. يجب إجراء دراسات سريرية مكثفة لتقييم السلامة وفاعلية العلاج الجيني قبل استخدامه في المرضى.
3 «التنظيم والقانون»: قد تكون هناك تحديات في وضع قوانين وتنظيمات للتحكم في استخدام العلاج الجيني. يجب تطوير إطار قانوني وأخلاقي للتعامل مع مسائل مثل الخصوصية الجينية والتعديل الجيني في الأجنة والعرض العام للتقنية.
4 «الأخلاقيات»: يثار العديد من القضايا الأخلاقية المثيرة للجدل حول العلاج الجيني، من بينها الخصوصية الجينية، وتعديل الجينات في الأجنة وتأثيره على الأجيال القادمة، وتوزيع العلاج الجيني بين الأفراد والمجتمعات، يجب معالجة هذه القضايا بعناية لضمان استخدام العلاج الجيني بشكل أخلاقي ومسؤول.
5 «الكلفة المالية»: تعد كلفة العلاج الجيني المرتفعة من أكبر التحديات التي تواجهه.