ليلى الشافعي
صرح الأمين العام لجمعية الرحمة العالمية الشيخ يحيى العقيلي بأن الانتماء لوطن وشعب غريزة أوجدها الله تعالى في الإنسان، قال سبحانه: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير) الحجرات: 13.
وهذا الشعور والإحساس بحب الوطن والانتماء له قد وجده أفضل الخلق صلوات ربي وسلامه عليه، فقد أخرج الترمذي في جامعه عن أبي عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة: «ما أطيبك من بلد، وما أحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك» صححه الألباني في صحيح الجامع (7089).
واستشهد بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وقال: ثم لما هاجر إلى المدينة واستوطن بها أحبها وألفها كما أحب مكة، بل كان يدعو أن يرزقه الله حبها كما في صحيح البخاري: «اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد».
ودعا صلى الله عليه وسلم بالبركة فيها وفي بركة رزقها كما دعا إبراهيم لمكة. وكان صلى الله عليه وسلم إذا خرج من المدينة لغزوة أو نحوها تحركت نفسه إليها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته أي: أسرع بها. وإذا كانت دابة حركها. رواه البخاري. قال أبو عبدالله: زاد الحارث بن عمير عن حميد: حركها من حبها (أي حبا للمدينة وشوقا لها).
الوطن أمانة
وأكد أن حب الوطن يقتضي ان يكون المرء أمينا على مقدراته وأمنه، أمينا على مصالحه وأمواله، وفيا لقيمه وثوابته، ناصحا لولاته وعامته، فليس مخلصا لوطنه من فرط في مقدرات وطنه تفريطا وإهمالا أو سرقة واغتصابا، وليس محبا لوطنه من ضيع مصالحه وأضاع مسؤولياته وفرط في أمواله.
وليس محبا لوطنه من أضاع قيم الوطن وفرط في عقيدته، وبدل ثوابته وركائزه لقيم غربية وعادات دخيلة، عجيب عباد الله أمر فئة من الناس يفرحون بغفلة الشباب وانغماسهم بالشهوات وحيرتهم بالشبهات، بل ويسعدون ببعدهم عن الطاعات والقربات، يحزنون إذا رأوا مظاهر التدين والاستقامة والالتزام بالدين، ويبأسون إذا ما الفتيات تحجبن، والنساء تسترن، وعمرت المساجد بالمصلين وكثر في النشء حفظة الكتاب المبين.
يريدون جيلا متغربا ونشأ متمردا، يطربون إذا النشء رطن باللغات الأجنبية، وتغنى بالأغاني الغربية، وتزيا بالازياء الاجنبية، وتلطخ بعلاقات مشبوهة واحتفل بأعياد منبوذة.
ثم هم بعد ذلك يتغنون بالوطنية ويتصدرون صفوف الحفلات في المناسبات عجبا لهؤلاء وادعائهم الوطنية وهم بميزان الحق والعدل أقرب للخيانة والعمالة من الانتماء الصادق والوطنية الحقة.
نسأل الله تعالى أن يبسط على بلادنا الأمن والأمان ويعمها بالخير والإيمان.
الوطنية بذل وعطاء
وأضاف: نذكر بهذه المعاني والبلاد تستقبل مناسبات وطنية تتزين البلاد خلالها بالأعلام والزينة، وتصدح وسائل الإعلام بالأناشيد والاغاني، لنقول ان الوطنية بذل وعطاء، والوطنية امانة ووفاء، والوطنية نصح وبناء، وبهذه المعاني ترتقي الاوطان ويأمن الانسان، ثم ان واجب الشكر لله تعالى على ما أنعم به علينا من جليل النعم وكريم العطايا مطلوب منا جميعا لنأمن من زوالها، ونستزيد من بركاتها، فإن الله تعالى جعل كفران النعم منذرا بزوالها فقال سبحانه (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) النحل: 112، كما جعل الشكر له سبحانه قرينا للزيادة والبركة فقال جل وعلا (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) إبراهيم: 7.