وفقاً لما يقوله نائب رئيس جمعية السكان الصينية، يوان شين، فإن الخبر السار في الصين هو أن الانخفاض في تعداد سكان البلد هذا العام سيكون أكثر اعتدالاً بسبب الإرث الثقافي لإنجاب طفل خلال عام التنين، حيث تفضل عائلات في الصين أن تنجب طفلاً في عام التنين، إذ إنهم يعتقدون أن ذلك يجعل أطفالهم أكثر ذكاء ونجاحاً. وثمة العديد من الأدلة على ذلك، وهي زيادة المواليد الجدد في عام 2012، وهو آخر عام تنين.
ولكن الخبر السيئ أنه إضافة إلى الاستفادة من الخرافات، فإن الخطط اللازمة لمحاربة حالة الانخفاض في تعداد السكان المقلقة غير موجودة، بالنظر إلى أن علماء السكان في الصين يحثون دولتهم على اتخاذ خطوات سريعة لتعزيز معدلات الولادة.
خسارة سكانية في العام الماضي
وتأتي هذه الدعوة في الوقت الذي تشير فيه الأرقام إلى أن عام 2023 الذي انتهى لتوه، هو العام الثاني الذي سجلت فيه الصين خسارة سكانية. وقال المكتب الوطني للإحصاء، الأربعاء الماضي، إن سكان الدولة وصلوا إلى 1.410 مليار نسمة في نهاية العام الماضي، بانخفاض قدره 2.08 مليون شخص عن العام الماضي (يعادل هذا الرقم تعداد سكان مقدونيا الشمالية)، وهذا هو العام الثاني الذي تسجل فيه الصين انخفاضاً في تعداد سكانها، بعد انخفاض تعداد سكانها عام 2022 بمقدار 850 ألف نسمة (ما يعادل تعداد سكان جزر القمر)، وفي العام الماضي تفوقت الهند على الصين، حيث أصبحت هي أكبر دول العالم من حيث تعداد السكان. ونما تعداد الهند العام الماضي بنسبة 0.81%، بحيث أصبح تعداد السكان 1.429 مليار نسمة.
وقال يوان، الأربعاء الماضي «من المحتم أن يكون الاتجاه نحو الانخفاض في إجمالي عدد سكان الصين طويل الأمد، وسيصبح سمة متأصلة»، وأضاف أيضاً أن معدل الخصوبة في الصين، وهو متوسط عدد الأطفال الذين يولدون لكل امرأة في سن الإنجاب، هو نحو 1.05% في الوقت الحاضر، مقارنة بـ1.3% في اليابان، و1.7% في الولايات المتحدة، و2% في الهند.
الآثار السلبية لشيخوخة السكان
وقال يوان إن «وتيرة انخفاض عدد سكان الصين ستظل معتدلة في العقود الثلاثة المقبلة، لكن العدد المطلق للانكماش كبير للغاية». وأضاف أن من المهم أن الحكومة تتخذ الإجراءات المناسبة لمعالجة المشكلات السكانية التي ستظهر في المستقبل. وحذر أيضاً من الآثار السلبية لشيخوخة السكان على الاقتصاد الصيني.
وبلغ تعداد السكان الذين وصلت أعمارهم إلى 60 عاماً وما فوق 297 مليون شخص، أو 21.1% من سكان الصين، في نهاية عام 2023. وكان هذا العدد 280 مليوناً أو 10.8% من السكان في نهاية عام 2022. وقالت يو سو، كبيرة الاقتصاديين الصينيين من «وحدة الأبحاث الاقتصادية»، في مذكرة بحثية: «نتوقع انتعاشاً في الولادات الجديدة في عام 2024 مدفوعة بالطلب، لأسباب عدة»، وأضافت «الأمر الذي سيكون له مساهمة في مسار السكان الإيجابي مرة أخرى». وقالت سو «ولكن بعد انتعاش قصير في عام 2024، وربما عام 2025، من المتوقع أن يعود عدد الأطفال حديثي الولادة إلى اتجاهه في الهبوط، كما في السابق، بسبب مزيج من عدد أقل من النساء في سن الإنجاب وانخفاض معدلات الخصوبة».
وأكدت سو أن الصين ربما لا تواجه «أزمة مواليد» مشابهة لكوريا الجنوبية، التي لديها نسبة خصوبة 0.9%، ولكن سيكون من الصعب على الصين تكرار معدل الخصوبة الثابت في اليابان، والبالغ 1.3%. وأضافت سو أنه يجب على بكين أن تتخذ استجابات سياسية فعالة، مثل التحفيزات المالية التي تركز على الأسر، وتحسين ظروف العمل للنساء العاملات، وتحسين تغطية الرعاية الاجتماعية للعمال المهاجرين.
فشل السياسة
وقال مركز أبحاث التنمية التابع لمجلس الدولة في الصين، في تقريره الأخير المتعلق بالتنمية بالصين الصادر عام 2023، إن إجمالي سكان الصين هو الآن في ذروته، ومن المتوقع انخفاضه في المستقبل المنظور. وتوقع التقرير أن ينخفض تعداد سكان الصين على نحو بسيط، بحيث يصل إلى 1.4 مليار بحلول عام 2035، ويتناقص أكثر إلى 1.3 مليار بحلول عام 2050.
وفي العام الماضي، كشف العديد من مجالس المدن الصينية عن الإجراءات التي ستتخذها لتشجيع العائلات الشابة على إنجاب مزيد من الأطفال. وعلى سبيل المثال، قال المسؤولون في إقليم هينان إنه يجب أن تتلقى العائلة دعماً مالياً يراوح بين 2000 و5000 و15 ألف يوان، عند إنجابها طفلاً أو اثنين أو ثلاثة أطفال على التوالي.
ولكن في الممارسة الواقعية، قالت عائلات عديدة إنها لم تتمكن من تلقي أي دعم، بالنظر إلى أن حكومة إقليم تشنغتشو لم تتلق أي ميزانيات لهذا البرنامج. وقالت أيضاً إنها لم تتمكن من الحصول على عطلة للأم التي وعدوا بها، ناهيك عن الميزات الأخرى. وقال بعض المعلقين إن الشبان الصينيين يميلون إلى تأجيل الزواج والإنجاب، بالنظر إلى انخفاض دخلهم، والبطالة لدى الشبان الصغار.
وقال المكتب الوطني للإحصاء إن معدل العاطلين عن العمل، للذين تراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً، بلغ 14.9% في ديسمبر الماضي، في حين أنه للذين تراوح أعمارهم بين 25 و29 عاماً بلغ 6.1%.
التنين والخروف
من المؤسف أن هناك حداً لمدى تأثير الخرافات في مواجهة الاتجاه العام، على الرغم من أنهم قد يحبون الولادة خلال عام التنين، إلا أن هناك أدلة على أن بعض العائلات لا تحب عام الخروف.
وقالت الباحثة في علم الاجتماع والأعراق بجامعة الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، ما يان، في بحث أجرته عام 2017، إن بعض عائلات بكين تجنبوا إنجاب أطفال في عام الخروف، وذكر معلومات سكانية في الفترة ما بين 1957 و2016.
وقالت إنه ربما يرجع ذلك إلى المثل القديم القائل إن «تسعة من أصل 10 خراف تكون غير محظوظة». وكان ذلك في الأساس شعاراً سياسياً ضد الإمبراطورة سي تشي، التي عاشت في الفترة ما بين 1835 و1908، من أسرة قينغ، التي ولدت في عام الخروف، ولهذا عندما حدث تمرد «تايبيغ» على الإمبراطورة، حاول استخدام هذا الشعار من أجل جمع الحشود كي تتم الإطاحة بحكومة قينغ في القرن الـ19. وسيكون عام الخروف المقبل في عام 2027.
• تُفضِّل عائلات في الصين أن تنجب طفلاً في عام التنين، إذ إنهم يعتقدون أن ذلك يجعل أطفالهم أكثر ذكاء ونجاحاً. وثمة العديد من الأدلة على ذلك، وهي زيادة المواليد الجدد في عام 2012، وهو آخر عام تنين.