خلال سنوات الازدهار في الصين كان مشهد الأزواج الشباب وهم يحملون باقات ضخمة من الورود مشهداً مألوفاً خلال مهرجان تشي شي، وهو عطلة قديمة يحتفل فيها الأزواج الصينيون بالحب والولاء. كان الأزواج يتدفقون على وسائل التواصل الاجتماعي لاستعراض هواتف الآيفون الجديدة وحقائب لويس فويتون التي أهداها لهم شركاؤهم، بالإضافة إلى صور العشاء في المطاعم الفاخرة، خلال النسخة الصينية من عيد الحب الذي يصادف عادة يوليو أو أغسطس من كل عام.
كان ذلك عندما كان النمو الاقتصادي في الصين موضع حسد العالم، لكن مهرجان هذا العام كانت له قصة مختلفة تماماً، فقد لجأ الصينيون للإنترنت ليعبروا عن الشكوى من نقص الهدايا والروح الاحتفالية، مشيرين إلى الاقتصاد الراكد وسوق العمل بأنهما السبب في ذلك.
وأصبح هاشتاغ «انخفاض الاستهلاك في عيد الحب الصيني» هو السائد، وكان الموضوع الذي يثير الجدل خلال هذا العيد هو: «هل الشباب غير راغب في دفع ضريبة الحب؟»، حيث اجتذب 200 مليون مشاهدة. وكتب أحد المشاركين: «مهرجان تشي شي ليس قوياً مثل السنوات السابقة، إنه يبعث على اليأس تقريباً».
وقد لجأ أصحاب بعض محال بيع الزهور إلى موقع شياوهونغشو، وهو موقع آخر شهير، للشكوى من نقص الزبائن، ونشروا صوراً لورود غير مبيعة تصطف على جانبي متاجرهم. وتذكر منشورات أخرى بحزن أن الأزواج كانوا يمتلكون المال لإنفاقه عندما كان ثاني أكبر اقتصاد في العالم في حالة جيدة.
وانعكس الوضع الاقتصادي على إقدام الشباب على الزواج، والذي تشجعه الحكومة الصينية لتلافي حجم السكان المتناقص. في النصف الأول من عام 2024 تزوج 3.43 ملايين زوج فقط، وهو نصف العدد المسجل للفترة نفسها قبل 10 سنوات، وفقاً لوزارة الشؤون المدنية.
ويوم السبت قبل الماضي بثت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية مقطع فيديو يضم صوراً عائلية نادرة للزعيم الصيني «الشاب» شي جينبينغ وزوجته بينغ لي يوان وابنتهما الرضيعة للاحتفال بزواجهما الذي امتد أكثر من ثلاثة عقود، لكن الرسالة فشلت في إقناع الشباب بالزواج، حيث اشتكى الناس على وسائل التواصل الاجتماعي عدم قدرتهم على تكوين أسرة لأنهم مدينون بالمال أو مضطرون للعمل ساعات عمل طويلة.
ويتساءل أحد مستخدمي شبكة «ويبو» الصينية: «عندما يكون الأشخاص الذين ولدوا بعد عام 1990 الآن واقعين في ديون فكيف يجد الشباب المزاج للمواعدة؟».
وتعاني الصين حالياً سلسلة من المشكلات من تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي إلى الركود العقاري المستمر وأزمة الديون المتصاعدة. ويقول الأستاذ المساعد في كلية لي كوان يو للسياسة العامة في الجامعة الوطنية في سنغافورة، ألفريد وو، إن الشباب الذين اعتادوا أن يكونوا منفقين كباراً خلال تشي شي، يكافحون من أجل العثور على وظائف.
ويضيف: «أعتقد أن المشاعر العامة سيئة للغاية والمستهلكون محافظون للغاية»، مضيفاً أن المشاعر السلبية أصبحت «النمط العام» و«ليس مجرد مهرجان واحد». وقال استراتيجي السوق ييب جون رونغ، إن الانخفاض القصصي في الإنفاق يبدو أنه يتماشى مع «اتجاه الاستهلاك الضعيف الذي شهدناه على مدى العامين الماضيين»، مضيفاً أن ثقة المستهلك في الصين «تهبط لأدنى مستوى لها على الإطلاق».
يوم الخميس الماضي كان هناك بصيص أمل من البيانات الرسمية التي أظهرت ارتفاع مبيعات التجزئة، وهي مقياس للاستهلاك، بنسبة 2.7٪ في يوليو، متجاوزة قليلاً توقعات 2.6٪ التي نقلتها «رويترز»، ومع ذلك انخفض سعر المساكن الجديدة بنسبة 4.9٪ الشهر الماضي، ليصل إلى أدنى مستوى له في تسع سنوات، وفقاً لوكالة الأنباء، وقد انخفض الرقم لمدة 13 شهراً متتالية. وتعد أسعار المساكن مقياساً رئيساً يجب مراقبته لأن نحو 70٪ من ثروة الأسر الصينية مرتبطة بالعقارات، ما يؤثر بدوره على الإنفاق.
وفي الأسابيع الأخيرة أطلق عدد من الشركات المتعددة الجنسيات الغربية، من شركة مستحضرات التجميل العملاقة لوريال إلى شركة صناعة السيارات فولكس فاغن، ناقوس الخطر بشأن ضعف الطلب في الصين مع بقاء ثقة المستهلك في حالة ركود. ويؤثر المزاج الباهت في الاقتصاد أيضاً على جهود الحكومة الصينية لتشجيع الزواج كوسيلة لمعالجة انخفاض معدلات المواليد والشيخوخة السكانية، ومن المرجح أن يكون انكماش السكان عبئاً على النمو الاقتصادي. عن «سي إن إن»
• انعكس الوضع الاقتصادي على إقدام الشباب على الزواج والذي تشجعه الحكومة الصينية لتلافي حجم السكان المتناقص. في النصف الأول من عام 2024 تزوج 3.43 ملايين زوج فقط، وهو نصف العدد المسجل للفترة نفسها قبل 10 سنوات، وفقاً لوزارة الشؤون المدنية.
• في الأسابيع الأخيرة أطلق عدد من الشركات المتعددة الجنسيات الغربية، من شركة مستحضرات التجميل العملاقة لوريال إلى شركة صناعة السيارات فولكس فاغن، ناقوس الخطر بشأن ضعف الطلب في الصين مع بقاء ثقة المستهلك في حالة ركود.