أعلنت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية في المملكة العربية السعودية عن إعادة توطين النعام ذي الرقبة الحمراء، وهو نوع مهدد بالانقراض ويعتبر بديلاً بيولوجياً للنعام العربي المنقرض، وذلك في إطار جهودها لتعزيز التنوع البيولوجي وحماية البيئة. تأتي هذه الخطوة الهامة ضمن برنامج أوسع لاستعادة الحياة البرية في المحمية، التي تمتد على مساحة واسعة وتضم أنظمة بيئية متنوعة.
وقد بدأت المحمية في تنفيذ هذا البرنامج بإطلاق خمسة نعامات في بيئتها الطبيعية، مما يمثل بداية مرحلة جديدة من الحفاظ على الأنواع الفطرية في المنطقة. يهدف المشروع إلى إعادة إحياء الأنواع التي اختفت من البيئة السعودية أو تواجه خطر الانقراض، بما يساهم في تحقيق الاستدامة البيئية.
إعادة توطين النعام: خطوة نحو استعادة التوازن البيئي
تعتبر إعادة توطين النعام ذي الرقبة الحمراء، أو النعام الأفريقي الشمالي، خطوة حاسمة في جهود استعادة الأنظمة البيئية الصحراوية في المملكة. وفقًا للرئيس التنفيذي لهيئة تطوير المحمية، أندرو زالوميس، فإن عودة هذا الطائر إلى موطنه الأصلي تمثل نقطة تحول في عملية التأهيل البيئي.
يأتي اختيار النعام ذي الرقبة الحمراء تحديدًا نظرًا لتشابهه الجيني الكبير مع النعام العربي الذي انقرض في بداية القرن العشرين. هذا التشابه يجعله بديلاً فعالاً في استعادة الوظائف البيئية التي كان يؤديها النعام العربي.
أهمية النعام في النظام البيئي
يلعب النعام دورًا حيويًا في الحفاظ على التوازن البيئي في المناطق الصحراوية. فهو يساهم في نثر البذور، مما يعزز نمو النباتات ويحسن جودة المراعي. بالإضافة إلى ذلك، يساعد النعام في مكافحة الحشرات الضارة، وبالتالي حماية المحاصيل الزراعية والنباتات الطبيعية.
وتشير الدراسات إلى أن وجود النعام يعزز صحة الموائل الرعوية، مما يعود بالنفع على الحيوانات الأخرى التي تعيش في المنطقة. هذه الفوائد المتعددة تجعل من إعادة توطين النعام استثمارًا هامًا في مستقبل البيئة السعودية.
هذا المشروع ليس بمعزل عن الجهود الوطنية الأخرى في مجال حماية البيئة. إنه يأتي في إطار تعاون وثيق بين محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، بالإضافة إلى عدد من المحميات الملكية الأخرى.
كما يشارك في هذا المشروع مؤسسات وطنية كبرى مثل شركة أرامكو، ونيوم، والهيئة الملكية لمحافظة العلا، مما يعكس التزامًا جماعيًا بتحقيق الاستدامة البيئية. وتعتبر هذه الشراكات ضرورية لضمان نجاح مشاريع الحفاظ على البيئة على المدى الطويل.
يُذكر أن هذه المبادرة تندرج ضمن إطار “مبادرة السعودية الخضراء”، وهي خطة طموحة تهدف إلى حماية 30% من أراضي وبحار المملكة بحلول عام 2030. تسعى هذه المبادرة إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، بما يضمن مستقبلًا مستدامًا للأجيال القادمة.
تغطي محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية مساحة واسعة تبلغ 24,500 كيلومتر مربع، وتمثل 1% من المساحة البرية و1.8% من المساحة البحرية في المملكة. تضم المحمية أكثر من 50% من الأنواع البيئية الموجودة في السعودية، مما يجعلها واحدة من أغنى مناطق الشرق الأوسط بالتنوع الحيوي.
وتُعد المحمية مركزًا هامًا للأبحاث والدراسات البيئية، حيث يعمل فريق من الخبراء والعلماء على رصد وتقييم حالة الأنواع الفطرية والموائل الطبيعية. تساهم هذه الأبحاث في تطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ على البيئة وحماية الحياة البرية.
هذا النوع هو الثاني عشر من أصل 23 نوعًا من الكائنات الفطرية التي تعمل المحمية على استعادتها. تتضمن هذه الأنواع حيوانات ونباتات مختلفة، مما يعكس التزام المحمية بحماية جميع مكونات النظام البيئي.
من المتوقع أن تستمر المحمية في تنفيذ المزيد من مشاريع استعادة الحياة البرية في المستقبل القريب، مع التركيز على الأنواع الأكثر عرضة للخطر. كما تخطط المحمية لتوسيع نطاق برامج الإكثار والاستعادة الوطنية، بهدف زيادة أعداد الأنواع الفطرية في جميع أنحاء المملكة. وستراقب الجهات المعنية عن كثب معدلات بقاء النعام وتكاثره لتقييم نجاح البرنامج وتحديد الخطوات التالية.
