لا أحد يعرف عدد الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض، وعندما ضرب زلزالان هائلان جنوب تركيا وشمال سورية في السادس من فبراير، انهارت آلاف المباني، ما أدى إلى دفن العائلات أثناء نومها.
ويتسابق رجال الإنقاذ لإخراجهم قبل أن يستسلموا للإصابة، أو العطش، أو البرد القارس.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن العدد قد يصل إلى ما يزيد على 20 ألفاً، وهو ما سيجعل الأمر أسوأ من الزلزال الذي ضرب إزميت، على بعد 100 كيلومتر شرقي إسطنبول، في عام 1999، مما أسفر عن مقتل 18 ألف شخص.
والطرق الملتوية، والتضاريس الصعبة، والحجم الشاسع للمنطقة المتضررة، الممتدة شرق الأناضول لنحو 450 كيلومتراً، تجعل جهود الإغاثة صعبة للغاية.
سورية تعاني
كانت المناطق السورية التي ضربها الزلزال قد دمرتها 10 سنوات من الحرب. وقد لا يكون من السهل لفرق ووكالات الإغاثة الأجنبية الوصول إلى المناطق المتضررة.
وحتى في أجزاء من سورية خارجة عن سيطرة دمشق، يعتمد الدخول على طرق من تركيا تضررت بشدة الآن.
وتركز تركيا بشكل طبيعي على شعبها، ويجب على المانحين أن يحاولوا، رغم كل الصعاب، ضمان عدم التخلي عن سورية.
وحتى الآن، كانت الاستجابة بطيئة للغاية، حتى مع استمرار جهود الإغاثة، سيتحول الانتباه إلى السياسة.
ويواجه الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي حكم تركيا لمدة عقدين، انتخابات في مايو كانت ستكون صعبة بالفعل بالنسبة له، وذلك بفضل الاقتصاد المتعثر ومعدل التضخم الذي دفعه إلى أكثر من 50% علواً بسبب سياساته النقدية المثيرة للجدل.
وسيلاحظ الناخبون رده على الزلزال، ويسألون لماذا لم تفعل حكومته المزيد للاستعداد لمثل هذه الكارثة بعد زلزال عام 1999. إنه يعرف ذلك: لقد بدأ المدعون الحكوميون بالفعل تحقيقات مع اثنين من الصحافيين لانتقادهم استجابة الدولة.
قلب الموازين
جاء أردوغان إلى السلطة بعد انتخابات عام 2002، وأدى حزبه الجديد، العدالة والتنمية، إلى قلب موازين الحكم في تركيا، منذ استعادة الديمقراطية في عام 1983.
وكانت استجابة الحكومة ضعيفة لزلزال عام 1999، ومن خلال سوء التعامل مع الانهيار المالي في عام 2001، أسهم في الشعور بالحاجة إلى تصفية الحسابات، وانتهى الأمر بحصول حزب العدالة والتنمية على ثلثي مقاعد البرلمان.
والآن يواجه أردوغان مجموعة مماثلة من الظروف: أزمة اقتصادية وإنسانية، وسيحكم عليه الناخبون بناءً على سجله في التعامل مع كليهما.
أسهم الزلزال العنيف في انهيار الكثير من المباني في تركيا – ما يقرب من 6000 مبنى، وفقاً للحكومة – وربما يحتاج العدد لمزيد من التدقيق.
وستظهر أدلة على أن نصيحة خبراء الزلازل تم تجاهلها وانتهاك قوانين البناء، بينما نظر المشرفون الفاسدون أو غير الأكفاء في الاتجاه الآخر، وكانت إحدى السمات المميزة للازدهار الاقتصادي الذي جعل أردوغان يتمتع بشعبية خلال العقد الأول من توليه السلطة، هي زيادة في البناء، على الرغم من أن معظم المباني التي انهارت قد شُيدت قبل توليه منصبه.
كان لدى الرئيس التركي عقدان من الزمن للتحضير لزلزال كبير، ولا يخفي على أحد أن تركيا تقف على أحد أكثر خطوط الصدع نشاطاً في العالم، وكانت تقييمات استطلاعات الرأي لأردوغان وحزبه، في الآونة الأخيرة، تقترب من أدنى مستوياتها.
وفي الشهر الماضي، تم تقديم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من يونيو إلى مايو، على ما يُفترض أنها ضربة للمعارضة، التي فشلت في الاتفاق حول مرشح للمنصب الأعلى.
وبعد الزلزال، أعلن الرئيس حالة الطوارئ في 10 مقاطعات جنوبية، تستمر ثلاثة أشهر، حتى عشية الاقتراع تقريباً.
ولا شك أن هناك أسباباً عملية تستحق الثناء لذلك، ولكنه قد يسهل على أردوغان إيقاف النقد أو نشاط المعارضة.
وبالفعل تم تقييد الوصول إلى «تويتر» بعد أن استخدمه الناس لانتقاد استجابة الحكومة للزلزال، وقد يتم تأجيل الانتخابات الآن، ويبدو أن تركيا قد دخلت بالفعل فترة صعبة.
لقد جعلت الصفائح التكتونية -المتسببة في الزلزال- الأمر أكثر خطورة.
• ستظهر أدلة على أن نصيحة خبراء الزلازل تم تجاهلها وانتهكت قوانين البناء.
• يواجه أردوغان، الذي حكم تركيا لمدة عقدين، انتخابات في مايو كانت ستكون صعبة بالفعل بالنسبة له، وذلك بفضل الاقتصاد المتعثر ومعدل التضخم الذي دفعه إلى أكثر من 50% علواً بسبب سياساته النقدية المثيرة للجدل.