أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28 الذي تستضيفه الإمارات هذا العام، أن رؤية القيادة في الدولة تركز دائماً على ترسيخ مبادئ الاستدامة في كافة الجهود التنموية محلياً وإقليمياُ ودولياً، مشدداً على أهمية التكاتف وتوحيد الجهود وتجميع الموارد وبناء شراكات نوعية لإحداث نقلة فعّالة وجريئة في نهج العمل المناخي.
جاء ذلك في كلمة معاليه اليوم أمام “القمة العالمية للتنمية المستدامة” التي استضافها معهد الطاقة والموارد (TERI) في نيودلهي، حيث أشار إلى الدور العالمي المهم للهند التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين حالياً، والتي تمضي في طريقها لتكون ثالث أكبر اقتصاد في العالم قريباً.
وقال إن التنمية المستدامة مهمة للهند وللعالم بأسره، معتبرا موضوع القمة “تعميم التنمية المستدامة والمرونة المناخية” دعوة للعمل موجَّهة لنا جميعاً و هي ركيزة أساسية لمؤتمر الأطراف COP28.
وأشاد معاليه بجهود الحكومة الهندية لبناء مستقبل مزدهر ومستدام، مؤكداً أن دولة الإمارات تدعم توجه الهند خلال قيادتها لمجموعة العشرين بالتركيز على الإجراءات التي تُحدث نقلة نوعية تسهم في تعزيز تبنّي الاقتصاد الأخضر والأزرق، وبناء مستقبل نظيف، وإتاحة نمو عادل ومستدام للجميع.
وأثنى على هدف الهند المتمثل في الوصول بإنتاجها من الطاقة النظيفة إلى 500 غيغاواط خلال السنوات السبع القادمة، لافتاً إلى أن دولة الإمارات، بوصفها من أكبر المستثمرين في مصادر الطاقة المتجددة، مستمرة باستكشاف فرص الشراكة مع الهند بما يتماشى مع جهود الدولة لتحقيق مزيد من النمو والتقدم بأقل قدر من الانبعاثات.
وجدد معاليه التأكيد على التزام دولة الإمارات الراسخ بهدف اتفاق باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض دون مستوى 1.5 درجة مئوية لافتا إلى أن التقدم المحرز لا يزال بعيداً عن المطلوب.
وقال إن ” دولة الإمارات تتعامل مع استضافتها لمؤتمر الأطراف COP28 بتواضع، وبمسؤولية، وبإدراك كامل لأهمية الموضوعات المطروحة، كما أن الحفاظ على هدف عدم تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية غير قابل للتفاوض. ومن الواضح أن العمل التقليدي المعتاد لن يؤدي إلى تحقيق هذا الهدف في التوقيت المستهدف، لذلك، فإننا بحاجة إلى نقلة نوعية تعيد الزخم إلى العمل المناخي في مجالات التخفيف، والتكيف، والتمويل، والخسائر والأضرار”.
وفي حديثه عن الركائز الأساسية لمفاوضات المناخ، أوضح الأولويات الرئيسية في موضوعَي التخفيف والتكيف، قائلاً: “في ما يتعلق بالتخفيف، نحتاج إلى تسريع بناء منظومة الطاقة النظيفة المستقبلية، مع خفض انبعاثات منظومة الطاقة الحالية. ونحتاج إلى زيادة القدرة الإنتاجية من الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة إنتاج الهيدروجين، والتوسع في إنتاج الطاقة النووية السلمية، وتحسين أنظمة تخزين الطاقة باستخدام البطاريات، والتوسع في تقنية التقاط الكربون وتعزيز كفاءتها. كما أننا بحاجة إلى تسريع الانتقال في قطاع الطاقة على نحو واقعي ومنطقي وتدريجي وعادل يضمن أن لا نترك أحداً خلف الركب، خاصةً بالنسبة لـ 800 مليون فرد الذين يفتقرون حالياً إلى الطاقة في دول الجنوب العالمي”.
وتابع: ” من الضروري تطوير وإصلاح النظم الغذائية المسؤولة عن ثلث الانبعاثات العالمية، واعتماد التقنيات الزراعية الكفيلة بإطعام الأعداد المتزايدة لسكان كوكبنا دون زيادة الانبعاثات، إضافة إلى تحسين سبل استخدام المياه، حتى يتمكن كل فرد على هذا الكوكب من الحصول على مياه الشرب الآمنة والنقية. وخلال مؤتمر الأطراف COP28، سيحظى تطوير الأنظمة الغذائية والمائية بالقدر نفسه من الاهتمام مثل الانتقال في قطاع الطاقة والأنظمة الصناعية، لأننا بحاجة إلى التقدم في جميع القطاعات بشكل متزامن”.
وشدد معاليه على الحاجة إلى دعم الأفراد والأطراف الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ، لافتاً إلى ضرورة تعزيز دعم التكيف مع هذه التداعيات وتبني الحلول القائمة على الطبيعة.
وقال: “يلتزم مؤتمر الأطراف COP28 بتحقيق الهدف العالمي بشأن التكيف مع تداعيات تغير المناخ، ووضع الصيغة النهائية للاتفاق على مضاعفة تمويل التكيّف. لقد كان ’معهد الطاقة والموارد‘ ولا يزال في مقدمة داعمي هدف التكيف من أجل حماية الأفراد الأكثر تعرضاً لتداعيات تغير المناخ في دول الجنوب العالمي. كما أن التكيف يعني أيضاً الحفاظ على كل أشكال الحياة على كوكب الأرض، وحماية التنوع البيولوجي، والنظم البيئية الطبيعية الهشة، والأنواع المهددة بالانقراض. وإن دولة الإمارات، خلال رئاستها لمؤتمر الأطراف COP28، تتشارك مع الهند في القناعة الراسخة بأن حماية الطبيعة واحترامها التزام أساسي، خاصةً وأن حماية البيئة والعمل المناخي كانا ولا يزالا في صميم استراتيجية الإمارات التنموية”.
وأوضح الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28 أن النقلة النوعية التي نحتاج إليها لتسريع التقدم تتطلب توفير التمويل بشكل مُيسَّر وبتكلفة مناسبة، مشيراً إلى أن التمويل المطلوب يقدر بتريليونات الدولارات.
وأضاف: “من الممكّنات الرئيسية لتوفير هذا التمويل، تطوير أداء المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف وصناديق الاستثمار المتخصصة. إننا بحاجة إلى جمع مزيد من التمويل بشروط ميسَّرة، وجذب مزيد من التمويل من القطاع الخاص، واستهداف البلدان الأشد احتياجاً إلى الاستثمارات، وسيكون هذا هدفاً رئيسياً لفريق رئاسة مؤتمر الأطراف COP28، وسنحشد جهود جميع الأطراف المعنية من أجل تحقيقه”.
وأشار معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر إلى أن العمل المناخي الفعّال يتيح فرصاً كبيرة لخلق فرص عمل جديدة، وابتكار مجالات أعمال وقطاعات وصناعات جديدة، وتحقيق أكبر تحول جذري في معدلات النمو البشري والازدهار منذ الثورة الصناعية الأولى.
وجدد معاليه التأكيد على أن رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 ستواصل الاستماع إلى الجميع والتشاور والتواصل معهم، وجمعهم على طاولة المفاوضات وضمان عدم ترك أحد خلف الرَكب، كما سلط الضوء على أهمية الشراكات من أجل التقدم نحو بناء مستقبل مستدام للجميع، قائلاً: “علينا ضمان أن التقدم سيحتوي الجميع بالفعل، وعلينا المحافظة على هدف عدم تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، وأن نضع حداً للافتقار إلى الطاقة والمياه. فلنوحّد جهودنا حول العمل المناخي من أجل دفع البشرية إلى الإمام، وإثبات أنه بإمكاننا دعم العمل المناخي بشكل متزامن مع تحقيق النمو الاقتصادي”.
وأضاف: “سأواصل خلال الأشهر القادمة، وبالتعاون مع فريق مكتب مؤتمر الأطراف COP28، الاستماع إلى الجميع والتشاور والتواصل معهم، بمن فيهم المجتمع المدني، والشعوب الأصلية، والقطاع الخاص، والحكومات، والنساء، والشباب”.
واختتم بتوجيه دعوة للتعاون ، قائلاً: “لْنتكاتف بحيث يكون مؤتمر الأطراف القادم مؤتمر النتائج العمليّة واحتواء الجميع، ولنتذكر أن العالم يتقدم من خلال الشراكة، وليس الانغلاق. لنتَّبع شعار ’معهد الطاقة والموارد‘ وهو أن ’أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هي صنعه‘، لذا، فلنبدأ العمل معاً على بناء مستقبل مستدام”.
وعقب كلمة معاليه، تلقى تكريماً من براتيك شارما، نائب رئيس معهد الطاقة والموارد (TERI)، الذي منحه جائزة الخريجين المتميزين لإنجازاته ومساهماته في قطاع الطاقة، حيث يُعدّ أول متلقٍ للجائزة.