في ملحمة لن ينساها التاريخ توحدت جهود معظم دول العالم للوقوف صفا واحدا بجانب الكويت قيادة وحكومة وشعبا لإدانة العدوان العراقي الغاشم الذي استهدفها في الثاني من أغسطس عام 1990 رافعين شعار الحرية والوقوف في وجه الاستبداد والظلم.
وستظل ذكرى ذلك اليوم الأسود في تاريخ البلاد حية في نفوس أبناء الكويت الذين عاشوا مرارة الغزو كما تظل حية في نفوس أبناء الجيل الجديد الذين لم يعيشوا تلك الفترة التي مرت على وطنهم لكنهم يعيشون أحداثه من خلال ذكريات الآباء والأجداد.
ففي ذلك اليوم دخلت القوات العراقية أراضي الكويت في عدوان غادر استهدف احتلال البلاد وسلبها حريتها ومحاولة القضاء على الشرعية فيها متبعة أبشع أساليب القتل والاعتقال والتعذيب بحق المدنيين وقصف المواقع المدنية والعسكرية ونهب الممتلكات وترويع الامنين.
وعلى الرغم من مرارة الغزو العراقي وتداعياته الكارثية على جميع مجالات الحياة في البلاد وبعض آثاره المستمرة حتى الآن فان الكويتيين يحاولون طي صفحة الألم وبدء صفحة جديدة عنوانها العلاقات الطيبة وحسن الجوار والمصالح المشتركة.
وتأتي الذكرى ال 33 للغزو العراقي محملة ببالغ التقدير والعرفان للدور البارز الذي قامت به دول العالم في مواجهة الظلم وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية ووقوفها الى جانب الكويت مع دول مجلس التعاون الشقيقة إضافة إلى الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة وكافة الشعوب المحبة للحرية والسلام في عملية تحرير الكويت.
وعقب الغزو مباشرة عقد مجلس الامن الدولي جلسة طارئة بناء على رغبة العديد من الدول في الثالث من أغسطس عام 1990 اصدر في نهايتها القرار رقم 660 الذي دان الغزو العراقي لدولة الكويت داعيا الى انسحاب العراق فورا ودون قيد او شرط من الأراضي الكويتية وعودة الشرعية الى دولة الكويت.
وأعلنت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في بيان تنديدهما بالغزو وطالبا العراق بسحب قواته فورا من الكويت كما صدر عن الدورة التاسعة عشرة لوزراء خارجية الدول الإسلامية خلال انعقادها بالقاهرة بيان طالبت فيه بانسحاب القوات العراقية من الكويت في حين أجمع سفراء مجموعة دول عدم الانحياز خلال اجتماعهم في نيويورك على ادانة الغزو ومطالبة العراق بالانسحاب الفوري.
وبعد أيام من الغزو تقدمت الولايات المتحدة بمشروع قرار الى مجلس الامن يقضي بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية شاملة ضد العراق لإجباره على الانسحاب من الكويت دون شرط تطبيقا لقرار مجلس الامن الذي اتخذه عقب ساعات من الغزو.
ووافق مجلس الامن الدولي على مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة بعد تعديله واضافة بعض البنود عليه واصدر المجلس قراره رقم 661 في السادس من أغسطس وهو الثاني بعد الغزو العراقي للكويت الذي أكد تصميم المجلس على إنهاء احتلال الكويت وإعادة سيادتها وسلامتها.
واستدعت التطورات فتح الباب أمام الدول المحبة للسلام لإرسال قوات الى المنطقة وعلى الفور جرت اتصالات بين مختلف العواصم العالمية لحشد تحالف دولي خصوصا بعدما أصدر مجلس الامن قرارا ثالثا بشأن احتلال الكويت هو القرار 662 الذي أكدت فيه الأمم المتحدة رفضها القاطع لقرار العراق بضم الكويت واعتبرته باطلا وملغى كما طالب القرار جميع الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة بعدم الاعتراف بذلك الضم.
وعقب عدة أسابيع من الغزو بدأت طلائع قوات عربية ودولية في الوصول الى الأراضي السعودية لتشكل التحالف الدولي لتحرير الكويت في حين أصدر مجلس الامن الدولي قراره الرابع الخاص بالغزو العراقي الذي حمل الرقم 664 وجدد تأكيده بطلان ضم الكويت الى العراق.
وأصدر مجلس الامن الدولي القرار رقم 674 ضد العراق واتفقت الدول الخمس الكبرى في المجلس على صيغة مشروع قرار يسمح باستخدام القوة العسكرية ضد العراق إذ لم ينسحب من الكويت.
وفي نهاية نوفمبر 1990 اصدر مجلس الامن عدة قرارات متعلقة بالعراق أولها القرار رقم 677 الذي حذر العراق من مغبة محاولاته الرامية الى طمس هوية الكويت وتوطين عراقيين محل المواطنين الكويتيين وأكد أهمية الاحتفاظ بالنسخ المهربة من سجل السكان في الكويت.
كما أصدر المجلس قراره رقم 678 الذي يبيح كل الوسائل الضرورية لضمان الالتزام بالقرارات السابقة وإعطاء العراق مهلة حتى 15 يناير 1991 ليسحب قواته من الكويت وإلا واجه خطر الحرب مع قوات التحالف الدولي المحتشدة ضده.
وعقب صدور قرار مجلس الامن الدولي رقم 678 الذي يقضي باستخدام القوة العسكرية ضد العراق تسارعت وتيرة الاحداث على الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية.
ففي فجر السابع من يناير 1991 بدأت قوات التحالف هجومها الكبير على مواقع عسكرية واستراتيجية عراقية في الكويت والعراق تمهيدا لتحرير الكويت شملت هجوما جويا على المنشآت والقواعد العسكرية العراقية ومراكز القيادة والسيطرة والمرافق العامة والجسور ومحطات المياه والكهرباء فضلا عن 60 قاعدة عسكرية.
وعقب ذلك بدأت دول التحالف الدولي تعد العدة لهجومها البري على القوات العراقية في الكويت إذ أعطى الرئيس الأمريكي الراحل جورج بوش الضوء الأخضر لقائد قوات التحالف نورمان شوارزكوف لشن الهجوم البري وذلك قبيل لحظات من انتهاء المهلة التي كان الحلفاء والأمم المتحدة قد حددوها ليسحب العراق قواته من الكويت.
وباتحاد قوات التحالف انهار الجيش العراقي تحت وطأة ضربات القوات الدولية وبدأ دخول طلائع القوات الكويتية إلى البلاد لتعود الى أهلها حرة أبية في 26 فبراير 1991.
ويستذكر الكويتيون بكل العرفان والتقدير دور خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود الذي فتح بلاده للقيادة الكويتية وأبناء الكويت منذ اليوم الأول للغزو وقدم الدعم المادي والعسكري كما يستذكرون دور قادة دول مجلس التعاون الذين قدموا كل أشكال الدعم المعنوي والمادي لأبناء الكويت.
كما كان للقيادة المصرية موقف واضح ومؤيد للكويت خلال فترة الغزو حيث يستذكر الكويتيون بكل امتنان مواقف الرئيس المصري الراحل حسني مبارك الحازمة ودوره المحوري في تشكيل الموقف العربي الرافض منذ اللحظات الأولى للغزو العراقي الغادر.
ورغم مرارة الغزو لاتزال الكويت في ظل قيادتها الحكيمة تسعى إلى توحيد الصف ووضع يدها بيد العالم من أجل دفع الظلم والاستبداد وتحقيق الحرية والسلام في شتى بقاع الأرض وذلك من خلال مشاركتها في المؤتمرات الدولية لتكون لها كلمة فعالة في الدفع بالسلم في عالم يسوده الأمن والأمان والحرية.