أكد خبراء ومختصون في مجال التعليم، أن هناك حاجة ماسّة إلى الاعتراف بضرورة وجود تغيير جذري في طبيعة المناهج التي يتم تدريسها، لاسيما في ظل وجود الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي المتمثل في “شات جي بي تي”، بحيث تتيح تلك التقنيات إمكانيات أكثر في إعداد مناهج تعليمية متخصصة تراعي احتياجات كل طالب.
وتفصيلاً، قالت رئيس هيئة الشارقة للتعليم الخاص، الدكتورة محدثة الهاشمي خلال قمة الشارقة لتطوير التعليم، أمس، إن الأبحاثُ والدراساتُ العلميّةُ أثبتت أنَّ عواملَ نجاحِ أيِّ منظومةٍ تعليميةٍ يعتمدُ على أسسٍ ومتطلّباتٍ علميةٍ، أهمُّها ثقافةُ التّحسينِ المستمرِّ، والتي تبَنّتْها هيئةُ الشّارقةِ للتعليمِ الخاصِّ مُنذُ نشأتِها.
وأوضحت أن نتائج تقييم المدارس عام 2018 شكّلت تحدياً غير مسبوق، إذْ كانتْ نسبةُ 8% فقطْ من مدارسِ القطاعِ الخاصِّ في الشارقةِ تقييمُها جيدٌ فما فوقَ، ونسبةُ 4% فقط من المدارسِ تقييمُها في اللّغةِ العربيةِ للنّاطقينَ بها في مستوى جيدٍ فما فوقَ، ونسبةُ 15% بالمئةِ فقط من طلابِنا في مدارسِ الشارقةِ الخاصّةِ يتلقّونَ تعليمًا جيّدًا فما فوق، ونسبةُ 15% فقط، معلّمينَ وقياداتٍ في المدارسِ، مدربينَ ومؤهلينَ، وصفرٌ بالمئةِ من المعلّمينَ المواطنينَ في مدارسِ الشارقةِ الخاصةِ.
وأوضحت أنه من حينها، انطلقت مسيرة التحسين والتطوير مستلهمة رؤية حاكم الشارقة، معتمدة على 5 ركائز رئيسة هي الدعم الحكومي، وثقافة التحسين المستمر، والحوكمة، وبناء القدرات، والمجتمع الشريك، وهي الركائز التي استندَ العملُ فيها على البحوثِ المختصّةِ في التّطويرِ والتّحسينِ، لافتة إلى أن نتائجُ تقييمِ جودةِ أداءِ المدارسِ الخاصةِ في الشارقةِ لبرنامجُ “إتقانٍ” العام الماضي، كشفت عن تحقيق نقلةً نوعيةً في تطويرِ وتحسينِ التعليمِ في الإمارةِ، حيث تحسّنَ أداءُ المدارسِ في القطاعِ الخاصِّ في إمارةِ الشّارقةِ بنسبةِ 70% في برنامج “إتقان”، بالمقارنةِ مع نتائجِ عام 2018.
وأشارت إلى تحسّنَ أداءُ المدارسِ في كلِّ الموادِّ، وتفوّقتْ مادةُ اللّغةِ العربيّةِ للنّاطقينَ بها من أربعٍ بالمئة 4% بمستوى جيدٍ فما فوقَ، إلى نسبةِ 59%، وقَفَزَتْ نسبةُ 15% فقط من الطلبةِ، ممّنْ كانوا يتلقّونَ تعليمًا في مَدارسَ مستواها جيدٌ إلى 61%، فيما تحقق رضا أولياء الأمور عن جودة التعليم والتعلم بنسبة 84%، وفي مؤشر جودة حياة الطلبة بلغت النسبة 86%، وقفزَ مؤشّرُ تدريبِ وتطويرِ قدراتِ المعلّمينَ إلى 70% بالمئةِ، كما زادت نسبة الاستثمار في التعليم الخاص بمعدل 25%، فضلاً عن وجود 78 معلماً معلمة أكفّاء من المواطنين من منتسبي برنامج “معلم وأفتخر”.
بدوره، قال خبير الأبحاث والتحليلات في هيئة الشارقة للتعليم الخاص، الدكتور ماثيو روبي، إن هناك العديد من البحوث التي طرحت حول تطوير التعليم، لكن في الوقت ذاته هناك مشكلات كبيرة تتعلق بمدى التحقق من صحة البحوث، مؤكداً أن علينا أن ندرك كل الاحتياجات لكل المدارس والجهات المعنية.
وأكد روبي، أن أي تدخل من القطاع الحكومي في الممارسات والاستراتيجيات يؤتي ثماره، فدائما ما نحاول أن نلبي احتياجات الطلاب بنوع من الاستراتيجيات، لكن علينا أن نضع رفاهية واحتياجات الطلاب أمامنا، وألا نقدم أي نوع من الأبحاث التي قد تؤدي إلى نتائج خاطئة في التطبيق، لأنها بالتبعية ستؤدي إلى مشكلات في العملية التعليمية.
وقال الرئيس التنفيذي للمجلس الأسترالي للبحوث التعليمية، البروفيسور جيوف ماسترز، إن لدينا بعض النقاط المهمة والحساسة في القطاع التعليمي، إلا نه يجب أن يكون لدينا اعتراف دولي بالحاجة إلى التغيير الجذري في طبيعة المناهج؛ فلدينا الآن الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، ومن ثم لابد من التغيير في طريقة التعلُّم نفسها.
وأشار إلى أن التقنيات تمكننا من أن يكون لدينا إمكانيات أكبر في إعداد مناهج تعليمية متخصصة تلبي احتياجات كل طالب، لافتاً إلى أن التكنولوجيا تمكّن الطلاب من اكتساب المعارف والتعلم بطرق مختلفة.
من جانبه، دعا رئيس الجمعية العالمية لأبحاث التعليم، البروفيسور مصطفى إريامان، لأهمية وجود تواصل بين القائمين على التعليم مع الساسة وصناع السياسات لخلق مزيد من التعاون في البحوث، مؤكداً أن التقنيات تمكننا من أن يكون لدينا إمكانيات أكبر في إعداد مناهج تعليمية متخصصة تلبي احتياجات كل طالب.