على الرغم من اختفاء مظاهر احتيال كانت شائعة منذ سنوات قليلة مضت، تعتمد على استخدام السحر والشعوذة لإيهام الضحايا بتحقيق أرباح خيالية – مثل وهم تنزيل أو مضاعفة الأموال – فإن البعض لايزال يتأثر بهذا الدجل، ويقع في فخ أولئك المحتالين.
والإشكالية في هذا الأمر هي أن المشعوذين ومدعي امتلاك قدرات خارقة، صاروا ينشطون بشكل أكبر على شبكات التواصل الاجتماعي، بل إن بعضهم يظهر في برامج تبث عن محطات تلفزيونية مغمورة، وهو الأمر الذي أثار حالة من القلق في بلدان عدة. وبحسب تقديرات رسمية في إحدى الدول، يتضاعف عدد المشعوذين مقارنة بعدد الأطباء، ويستعد البرلمان هناك لمناقشة قانون يُجرّم ظاهرة السحر والشعوذة التي تلاقي رواجاً كبيراً داخل مجتمع عُرف طوال عقود بأنه متفوق في مؤشر التعليم.
وهذا في حد ذاته يعكس أمرين مهمّين، الأول أن هؤلاء الدجّالين يستطيعون التلاعب نفسياً بضحاياهم، مهما بلغت درجة العلم لديهم، في ظل شعور الضحية باليأس والاحتياج العاطفي أو الاقتصادي.
والأمر الثاني هو أن دولة الإمارات كانت سبّاقة إلى الانتباه لخطر المشعوذين وتأثيرهم السلبي في ثقافة المجتمع وقدرته على التطور، وكانت هذه الجريمة في الماضي تندرج ضمن صور وأشكال الاحتيال، إلى أن خصص لها المُشرِّع نصاً قانونياً تفصيلياً، لضمان تحقيق الرّدع، وإغلاق الباب أمام هذا النوع من الممارسات الظلامية.
وبحسب التعديل الأخير لقانون العقوبات «يعاقب كل من ارتكب عملاً من أعمال السحر أو الشعوذة – سواء كان ذلك حقيقة أو خداعاً بمقابل أو بدون مقابل – بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم».
ولم يقتصر القانون على تجريم ممارسات السحر والشعوذة فقط، بل تجاوز إلى ذلك جانب بالغ الأهمية، وهو ردع كل من استعان بساحر أو مشعوذ لإيذاء الآخرين. وينص على «معاقبة كل من استعان بساحر أو جلب أو استورد أو أدخل إلى الدولة، أو حاز أو أحرز أو تصرّف – بأي نوع من أنواع التصرف – في كتب أو طلاسم أو مواد أو أدوات مخصصة للسحر والشعوذة، أو روّج – بأي وسيلة – لأي عمل من أعمال السحر والشعوذة، بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين».
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه