أكدت الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية، أن الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات تقييم المواهب الوظيفية لتقييم الأفراد، من أجل اتخاذ القرارات المتعلقة بالتوظيف، في الوزارات والجهات الاتحادية، تقضي على إمكانية أن تشوب عملية التقييم أي نوع أو شبهات بالتحيّز لشخص على حساب آخر، لافتة إلى وجود نوعين من تقييم المواهب الوظيفية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، هما «تقييمات ما قبل التوظيف، وتقييمات ما بعد التوظيف».
فيما حدّدت الهيئة، في دليل إرشادي أطلقته أخيراً بشأن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات تقييم المواهب الوظيفية، ستة أسئلة رئيسة يمكن من خلال طرحها، تجنّب أية أخطار محتملة لعملية التقييم بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتفصيلاً، أطلقت الهيئة الاتحادية، دليلاً جديداً لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة في تقييم المواهب سواء من الموظفين العاملين بالقطاع الحكومي الاتحادي، أو الراغبين في التقدم لوظائف في هذا القطاع، ليكون بمثابة إطار العمل الذي يمكن أن تستخدمه الوزارات والجهات الاتحادية داخل الدولة في تقييم الأنظمة والتقنيات التي تدمج وتستخدم الذكاء الاصطناعي لتقييم الأفراد، من أجل اتخاذ القرارات المتعلقة بالتوظيف.
وأوضح الدليل، الذي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، أن الذكاء الاصطناعي مجال دراسي يهدف بشكل عام إلى تطوير البرامج والآلات الرقمية التي يمكنها عرض بعض الخصائص التي تشبه الذكاء، أو الحكم على مستوى الإنسان، ويتضمن «التعلم الآلي»، والذي يعد حقلاً فرعياً من الذكاء الاصطناعي، باستخدام الخوارزميات الرياضية التي يتم نشرها وتكييفها لتحقيق أقصى قدر من التنبؤ بأنماط العلاقات داخل مجموعات البيانات، مشيراً إلى أن التعلّم الآلي يعمل على تمكين خوارزميات الكمبيوتر من التعلّم من مجموعات البيانات، دون أن تكون مبرمجة بشكل خاص.
وذكر الدليل أن تقييم المواهب يعد مصطلحاً واسعاً لعملية أو نشاط تقييم المهارات الأساسية والسمات والخبرات والكفاءات الخاصة بالأفراد سواء كانوا المتقدمين للوظائف أو الموظفين، لافتاً إلى وجود نوعين من تقييم المواهب الوظيفية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، الأول إجراء عملية التقييم عندما يتقدم الفرد لوظيفة، وهو ما يعرف باسم «تقييمات ما قبل التوظيف»، بينما الثاني يكون بعد تعيين الفرد، وذلك لأغراض التطوير، وهو ما يُعرف باسم «تقييمات ما بعد التوظيف».
وأشار الدليل إلى وجود العديد من أساليب وأشكال التقييم المختلفة، بعضها يتطلب قدراً قليلاً من التكنولوجيا، مثل المقابلة الشخصية، والبعض الآخر متطور مثل محاكاة الواقع الافتراضي الواقعي للغاية للأداء الوظيفي، مؤكداً أن عملية تقييم المواهب تشهد فترة من النمو والابتكار حالياً على غرار العديد من الصناعات الأخرى، وذلك من خلال تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تسهم في تحسين درجات التقييمات التقليدية، مع وعد بجعل التقييمات أكثر دقة، كما أنه يمكن من تطوير تقييمات جديدة تعمل على الحصول على معلومات من المرشحين لم تكن متوافرة من قبل، مثل البيانات المرئية والصوتية.
وأفاد بأن القدرة على تضمين اللغة المنطوقة والمعلومات المرئية في التقييم تفتح إمكانية تطوير محاكاة واقعية للغاية لسيناريوهات العمل من أجل استخدامها في التقييم، كما يمكن أن تساعد أساليب الذكاء الاصطناعي في تبسيط عملية التقييم، وتمكين المرشح من الحصول على تجربة أفضل، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن تقنية الذكاء الاصطناعي توفر مجموعة متنوعة من الفوائد المحتملة، إلّا أن أي نوع من تقييم المواهب ينطوي على بعض المخاطر، وهذه هي الحال أيضاً بالنسبة للتقييمات التي تستخدم أساليب الذكاء الاصطناعي.
وبين الدليل: «للمساعدة في تجنب أية مخاطر وفهم ما يجعل تقييم الذكاء الاصطناعي مصمماً بشكل جيد، تم تصميم عدد من الإرشادات التي تعمل على توجيه صانعي القرار خلال عملية التقييم القائم على الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال ستة أسئلة عامة يتم طرحها للتوضيح في حالة عدم توافر المعلومات المطلوبة بسهولة أو عدم توفيرها بواسطة مزود التقييم».
وأوضح أن أول الأسئلة، إلى أي مدى تعتبر بيانات التدريب ملائمة؟ فمن الأهمية بمكان استخدام النوعية والكمية الصحيحة من البيانات عند تطوير وتقييم الذكاء الاصطناعي، حيث يجب أن تكون البيانات دقيقة وخالية نسبياً من الأخطاء، وذات صلة بالتقييم الجاري تطويره ويجب أن تكون كمية البيانات كافية لتحليل البيانات المطلوبة لتطوير الخوارزمية والتحقق من صحتها، فما يتعيّن أن تكون البيانات ممثلة لمجموعة المتقدمين المعنيين، وجميع المجموعات ذات الصلة على سبيل المثال، العمر والجنس وحالة الإعاقة.
وينص السؤال الثاني، بحسب الدليل، على: «كيف تقوم الخوارزمية باتخاذ القرارات؟»، إذ إنه من المهم أن يعرف أي مستخدم للتقييم بأساليب الذكاء الاصطناعي، كيف يعمل التقييم والذكاء الاصطناعي الأساسي، وهذا المفهوم يعرف باسم الشفافية، وينبغي الإشارة إلى أن التقييمات التي تعتبر شفافة هي تلك التقييمات التي يمكن من خلالها لمطوري التقييم والمستخدمين شرح كيفية عمل خوارزمية الذكاء الاصطناعي، بينما يتعلق السؤال الثالث بـ«مدى انحياز القرارات؟»، إذ إنه في سياق الذكاء الاصطناعي، يُستخدم مصطلح «التحيّز» للإشارة إلى خوارزمية الذكاء الاصطناعي التي تؤدي إلى التمييز ضد مجموعة معينة من الأشخاص.
ولفت التقرير إلى أن رابع الأسئلة يدور حول «مدى صحة القرارات التقييمية؟»، لكون الصحة هي الدرجة التي يدعم بها الدليل والنظرية تفسيرات درجات الاختبار، ومن ثم فإن التحقق من صحة التقييم هو العملية التي يتم من خلالها إثبات صحة التقييم، كما أن التحقق الشامل من صحة التقييم هو أفضل ممارسة في كل من تقييم المواهب والذكاء الاصطناعي، محدداً ثلاث طرق لجمع أدلة التحقّق من صحة تقييم الموظفين أو طالبي الوظائف، تشمل التحقق بالمحتوى وكذلك بالبناء وأخيراً بالمعيار، على أن يتم تقييم دراسات التحقق من الصحة وفقاً لكل حالة.
وأشار إلى أن السؤال الخامس يتعلّق بـ«مدى تكون القرارات نهائية؟»، إذ يجب تصميم تقييمات الذكاء الاصطناعي لتوفير المعلومات التي يتم استخدامها، إلى جانب المعلومات المتوافرة من مصادر أخرى (عند الضرورة) من الجانب البشري، لاتخاذ قرارات بشأن الموظفين الحاليين أو المحتملين في المؤسسة، وبناءً على ذلك لا ينبغي تصميم تقييمات الذكاء الاصطناعي لاتخاذ هذه القرارات دون إشراف بشري، والسؤال الأخير سؤال عن آلية إبلاغ المرشحين لهذا التقييم.
إبلاغ المرشحين بـ «التقييم»
شدد دليل استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة في تقييم المواهب الوظيفية، على ضرورة إبلاغ المرشحين بموعد استخدام الذكاء الاصطناعي لتسجيل ردودهم على التقييم، مع تقديم شرح كافٍ لكيفية عمل الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أنه لكي يفي الذكاء الاصطناعي بالمأمول منه في تقديم تقييمات أكثر دقة وجاذبية للمواهب، يجب تطوير هذه التقييمات واستخدامها وفقاً لمبادئ وممارسات إرشادية قوية.
وأوضح أنه مع استمرار تطور اللوائح القانونية في جميع أنحاء العالم، يمكن أن يؤدي الاستخدام غير الملائم للذكاء الاصطناعي في التقييمات إلى انتهاكات قانونية وأخلاقية مما قد يعيق بشكل كبير تطوير تقييمات الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أن استخدام الإرشادات الواردة في الدليل يمكّن من المساعدة في معالجة المشهد سريع التطور والمعقد للذكاء الاصطناعي في تقييم المواهب.
عملية تقييم المواهب تشهد فترة من النمو والابتكار على غرار العديد من الصناعات الأخرى.