في الماضي، كتبت الولايات المتحدة وشركاؤها الغربيون القواعد الاقتصادية، التي تمثل حجر الزاوية في النظام العالمي السائد منذ الحرب العالمية الثانية. والآن تعمل البلدان النامية، التي يطلق عليها «الجنوب العالمي»، على مراجعة هذه القواعد بهدوء.
ويرى الجنوب العالمي فرصة لرسم مستقبله. وأشارت وزيرة الخارجية الهندية سابقاً، نيروباما مينون راو، إلى المعاملات الرقمية التي قامت بها بلادها مع الدول النامية. وقالت مينون راو، التي شغلت منصب سفير لدى الولايات المتحدة، في يونيو: «لقد كان تواصل الهند مع دول الجنوب العالمي ناجحاً».
وتطالب الدول النامية بالسيطرة على مواردها، وإعادة ترتيب العلاقات التي كانت موجودة في الحقبة الاستعمارية، وذلك جزئياً من خلال الإصرار على وجود مصانع في بلدانها. وتستعد غانا، التي انضمت إلى ناميبيا وزيمبابوي، لحظر صادرات الليثيوم الضروري للسيارات الكهربائية. ومنعت إندونيسيا تصدير خامات النيكل.
وفي غضون ذلك، رحّبت الأرجنتين والبرازيل وتشيلي وإندونيسيا بالاستثمارات في مصانع بطاريات السيارات الكهربائية من الصين، بدلاً من الولايات المتحدة. وقال وزير الاستثمار الإندونيسي، لوهوت بانجايتان، في مايو: «لا يمكننا الاستمرار في التوسل منكم. علينا أن نتاجر مع دول أخرى، وعلينا أن نُبقى عجلة الاقتصاد تعمل».
وإضافة إلى العنصر الجيوسياسي، لم تعدّ الدول تنحاز إلى أحد الجانبين في المعارك بين الغرب وروسيا، أو بين الولايات المتحدة والصين. وامتنعت 32 دولة عن التصويت، في فبراير، على قرار للأمم المتحدة يطالب روسيا بالانسحاب من أوكرانيا.
وتظهر نتائج استطلاع مركز «بيو» للأبحاث وجهات نظر غير مواتية للصين، تصل إلى أدنى مستوياتها التاريخية. ولكن الولايات المتحدة فشلت في الاستفادة من تراجع شعبية الصين هذه. وتقول المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية، آشلي تيليس، التي تعمل الآن في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: «لقد سمحت التغيّرات التي طرأت في الصين ببناء تحالفات أميركية في آسيا».
ولكن الولايات المتحدة لم تقدم بديلاً مقنعاً، وفقاً للمسؤول الأميركي السابق، مايكل فرومان، الذي قال: «إنهم لم يروا بعد ما هي رؤيتنا للمستقبل». ورداً على ذلك، قرر الجنوب العالمي التوصل إلى رؤية خاصة به.